ناشط ميداني لـ «الشرق الأوسط»: عناصر من حزب الله يوجدون على الحواجز الأمنية في الزبداني

الجيش السوري الحر: انسحاب قوات الأسد قد يكون تكتيكيا.. ونعتمد عمليات «كر وفر» و«كمائن»

جانب من تشييع حاشد لأحد قتلى الانتفاضة السورية في دوما بريف دمشق أمس (أوغاريت)
TT

تعيش مدينة الزبداني، المتاخمة للحدود اللبنانية والتي تبعد 45 كيلومترا عن العاصمة دمشق، هدوءا حذرا منذ انسحاب الجيش النظامي منها يوم الأربعاء الفائت، وسحبه مدرعاته من المحاور الأربعة التي كان يتولى من خلالها قصف المدينة، طيلة ستة أيام متواصلة.

ويبدي أهالي الزبداني والناشطون فيها تخوفهم من خطة لدى النظام السوري لإعادة اقتحامها وحصارها على غرار ما جرى في العديد من المدن السورية في وقت سابق، في حين أكد الرائد المظلي ماهر النعيمي، المتحدث باسم الجيش السوري الحرّ الذي تصدى عناصره للجيش النظامي في الزبداني، أن «الجيش الحر» سينفذ «عمليات كر وفر» و«كمائن» للدفاع عن المدنيين في المنطقة.

وأعرب النعيمي، وفق ما نقلته عنه «وكالة الصحافة الفرنسية» أمس، عن اعتقاده بأنّ انسحاب الجيش النظامي «قد يكون تكتيكيا لبضعة كيلومترات إلى الخلف بهدف إعداد العدة لمحاولة الدخول من جديد من اتجاهات أخرى»، متخوفا من أن «يكون النظام يخطط للزبداني ما خطط له في حماه والرستن»، اللتين شهدتا عمليات اقتحام وقمع عنيفة.

وكان عناصر من «الجيش الحر» تمكنوا من التصدي للجيش النظامي في الزبداني، التي تعرف باسم «عروس المصايف السورية» وتتميز بطبيعتها الجبلية، وقد ساعدهم في ذلك، وفق ما أبلغه ناشطون من المدينة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، معرفتهم بطبيعة المنطقة وتضاريسها الجبلية. وقال النعيمي إن «الأسلحة التي هي بحوزة الجيش الحرّ وعتاده لا يسمحان بالمواجهة مع الجيش النظامي، لكن رؤيتي العسكرية أننا سنستفيد من طبيعة الأرض في الزبداني ومحيطها للقيام بعمليات كر وفر وكمائن للدفاع عن المدنيين فقط في هذه المرحلة».

وأكد أن «الشعب السوري والجيش الحرّ لن يتراجعا، والجيش الحرّ سيحارب لمبدأ الدفاع عن النفس وعن المدن والقرى من خلال تكتيك مجموعات (الكر والفر)»، مجددا القول: «إنّ حماية المدنيين هي الهدف الأول».

وفي حين نفى حزب الله اتهامات وجهت له الأربعاء الفائت عن قصفه منطقة الزبداني، القريبة من الحدود اللبنانية في منطقة البقاع بـ«صواريخ كاتيوشا»، واصفا اتهامه بأنه «سخيف ومضحك ولا أساس له من الصحة»، أكد ناشطون داخل الزبداني وجود مقاتلين في حزب الله عند نقاط التفتيش الأمنية التي يقيمها النظام إلا أنهم أشاروا أن لا أدلة بعد على مشاركة هؤلاء في العمليات القتالية ضد الثوار.

وبينما أفادت أنباء أمس عن «وصول 300 مقاتل من حزب الله» إلى الزبداني لمساندة النظام السوري، قال عضو لجان التنسيق المحلية في الزبداني فارس محمد لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «أنباء وصلتنا عن دخول رتل من السيارات من لبنان، يشتبه أنها تابعة لحزب الله، عبر نقطة جديدة يابوس الحدودية لم نعلم إلى أين توجهت وأين توقفت». إلا أنه أشار إلى عدم علمه بمشاركة هؤلاء في العمليات القتالية.

وأشار محمد إلى أن «منطقة الزبداني قريبة من لبنان وثمة اختلاط في الزيجات بين الزبداني ومدينة بعلبك اللبنانية تحديدا»، وذكر أنه «تكررت في الأيام الأخيرة ظاهرة وجود عناصر تابعين لحزب الله على حواجز الأمن السورية في المدينة، تعرف عليهم ناشطون من الزبداني، أثناء مرورهم على هذه الحواجز، بحكم زواجهم من نساء لبنانيات من مدينة بعلبك وترددهم إليها بشكل دائم، ومعرفتهم لهؤلاء الأشخاص ونشاطهم في حزب الله».

وأيد الناشط السوري ما جاء على لسان المتحدث باسم «الجيش الحر» لناحية القلق من إعادة اقتحام الجيش النظامي للزبداني، وقال: «ثمة حذر في المدينة وترقب لما سيؤول إليه الوضع، خصوصا أن نقطة تجمع لمدرعات الجيش ودباباته موجودة على بعد 7 كلم من المنطقة، مما يعني أن بإمكانهم الوصول خلال وقت قصير وفي أي لحظة إلى الزبداني».

وكان النعيمي، الموجود في تركيا، قد أشار أمس إلى أن «الجيش الحر غير قادر على تنفيذ هجمات عسكرية، لأننا لا نملك القدرة العسكرية للهجوم»، ولفت إلى أننا «لا نريد استهداف الجيش، وعملنا العسكري يقضي برد اعتداء أي جهة تقوم بقتل المواطنين، وأقصد كتائب (الرئيس السوري بشار) الأسد والأمن والشبيحة، وإذا قام الجيش بالقتل، سندافع لأن الدفاع عن النفس حق مشروع لجميع البشر».

وأكد النعيمي، المنشق عن الحرس الجمهوري، أنّه «لا يمكن الحديث عن مناطق يسيطر عليها الجيش الحر بالكامل» في سوريا، ولفت إلى أنه «عندما أقول إن المنطقة تحت سيطرتي بشكل كامل، فهذا يعني أن النظام لا يمكن أن يصل إليها بأي شكل»، مضيفا «أما السيطرة بشكل جزئي فمعناها أن النظام يستطيع استخدام المدفعية الثقيلة أو الطيران، فيستعيد السيطرة عليها».

وفي حين رأى أن «البلد يحتاج بقوة إلى مناطق عازلة وإلى تدخل دولي سريع على غرار التدخل في كوسوفو من أجل حقن الدماء»، نفى النعيمي «نفيا قاطعا أن يكون لنا أي عمل أو نشاط عسكري داخل الأرض اللبنانية، ونحن لا نقبل أن نعمل من الأراضي اللبنانية». وأكد «عدم وجود أي تشكيلات أو قطعات أو مجموعات لنا تعمل داخل الأراضي اللبنانية، ونحن نحترم السيادة اللبنانية، وسيادة الإخوة اللبنانيين على أرضهم، لا بل نحن نعتذر لهم عما ذاقوه من نظام الأسد الأب (الرئيس السوري السابق حافظ الأسد) والابن (الرئيس السوري بشار الأسد) في السنوات الماضية».

كما شدد على أنّ الجيش الحرّ «لا يستخدم أراضي أي من الدول المجاورة لتنفيذ عمليات عسكرية مباشرة أو غير مباشرة، لا من الأردن ولا من العراق ولا من تركيا، ولا من لبنان الشقيق الذي لطالما عانى من صراع القوى الإقليمية والدولية على أرضه وتدخلها في قراره وسيادته، وخصوصا هيمنة نظام الأسد عسكريا وسياسيا على مدى عقود». وأوضح أنّ «العسكريين الذين دخلوا لبنان دخلوه كجرحى ولاجئين، وعددهم قليل جدا، هم لاجئون هربوا من القوات النظامية لرفضهم إطلاق النار على أهلهم».

تجدر الإشارة إلى أن وفدا من لجنة المراقبين العرب زار الزبداني أمس، وتمكن في بعض الأحياء من الوجود مع الأهالي من دون مرافقة أمنية، حيث استمع لملاحظاتهم ووثق الأضرار الناجمة عن قصف منازلهم. وانتقد أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» طلب أعضاء البعثة من الأهالي «التوقف عن إطلاق النار، كما لو أنهم هم المعتدون»، حاملا بشدة على «الزيارات القصيرة التي يقومون بها وغير الكافية لاطلاعهم على حقيقة الوضع الميداني».