الجامعة العربية تطالب الأسد بتفويض صلاحياته لنائبه.. وتمنحه «مخرجا مشرفا»

العربي ورئيس وزراء قطر إلى مجلس الأمن لتلقي الدعم للمبادرة العربية

العربي يتحدث إلى الشيخ حمد بن جاسم خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

طالب رئيس وزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الرئيس السوري بشار الأسد أمس بالاستجابة إلى مطالب الجامعة العربية التي طرحت مبادرة عربية لنقل السلطة سلميا في سوريا، قائلا إنها تمنحه «مخرجا مشرفا» وحلا سلميا. وفي اجتماع بدأ ببحث تقرير رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا محمد الدابي، قرر وزراء الخارجية العرب طرح خطة من سبعة بنود تشمل المطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية سورية خلال شهرين تشمل السلطة والمعارضة برئاسة شخصية «متفق عليها» وتفويض الأسد صلاحياته «كاملة» إلى نائبه الأول. وبعد اجتماع لوزراء خارجية العرب استمر أكثر من أربعة ساعات، أعلن أمين الجامعة العربية نبيل العربي والشيخ حمد عن نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي خرج بخطة سياسية لانتقال السلطة في سوريا، مؤكدين التوجه إلى مجلس الأمن لإطلاع المجلس على قرارات الجامعة العربية وطلب الدعم الدولي لها.

وقال الشيخ حمد بعد اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب برئاسته إن المبادرة تتضمن أن يمنح الرئيس الأسد نائبه الأول سلطة العمل مع حكومة الوحدة الوطنية خلال فترة انتقالية. وأضاف أنه سيكون من مسؤوليات حكومة الوحدة الوطنية تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في العنف الذي أسفر عن سقوط ألوف القتلى. وقال رئيس الوزراء القطري إن الجامعة العربية ستطلب من مجلس الأمن دعم خطة الانتقال السياسي في سوريا، لكنه أكد «ذلك لا يعني الحل العسكري».

وأكد الوزراء العرب في قرار تلاه الشيخ حمد بن جاسم أنه سيتم «إبلاغ مجلس الأمن» الدولي بالمبادرة العربية الجديدة والطلب منه «دعمها». وأوضح الشيخ حمد أن بلاده ما زالت مستعدة لإرسال قوات إلى سوريا، قائلا: «سنرسل قوات إلى سوريا لو تم الاتفاق على ذلك». وأقر الشيخ حمد بوجود خلافات حول فكرة إرسال قوات عربية، قائلا «إنها فكرة متقدمة».

وأكد الشيخ حمد بن جاسم أن قرار الجامعة العربية يمثل «الحرص على سوريا»، مضيفا أن «الحل العربي هو الأسلم والذي يجنبنا الكثير من الأخطار» في حال تم تدويل الملف السوري، مناشدا القيادة السورية لقبوله. وأضاف: «سوريا بدأت تنزلق بالعنف والعنف المضاد» مؤكدا أن تصرفات النظام السوري جعلت «الناس يتسلحون في الدفاع عن النفس المشروع».

وتمت الموافقة على تمديد مهمة البعثة العربية لمدة شهر إضافي. وأوضحت مصادر مطلعة بالجامعة العربية أن خلافات ونقاشات بين وزراء الخارجية العرب بشأن الملف السوري استمرت حتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية، حول مهمة المراقبين والبعثة العربية واستمرارها وتوفير الدعم اللازم ومحاولة إقناع السعودية ودول الخليج بعد سحب مراقبيها من البعثة، بينما شدد الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية، على أن الواقع في سوريا يقول إن نزيف الدم لم يتوقف، وآلة القتل لا تزال تعمل، والعنف يستشري في كل مكان.

ويقضي مشروع القرار أيضا «بقيام حكومة الوحدة الوطنية بالإعداد لإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية خلال ثلاثة أشهر من تشكيلها على أن تكون شفافة ونزيهة برقابة عربية ودولية»، حيث يقترح مشروع القرار «إعداد مشروع دستور جديد للبلاد يتم إقراره عبر استفتاء شعبي وكذلك إعداد قانون انتخابات على أساس الدستور على أن تنجز هذه المهام في مدة حدها الأقصى ستة أشهر تجري بعدها انتخابات رئاسية».

وفي كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب الليلة الماضية، اعتبر الشيخ بن جاسم أن الوضع المقلق في سوريا يتطلب إعادة النظر بعمل لجنة المراقبين العرب. ويرأس الشيخ حمد بن جاسم الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، كما يرأس اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا. وحول متطلبات المرحلة الراهنة، قال إن «المطلوب الآن هو إجراء مراجعة شاملة لعمل هذه البعثة، والنظر فيما توصلت إليه من نتائج، وما إذا كانت هذه النتائج مقنعة لجعلها تستمر على حالها هذا، أم أن ضرورات الواقع تستدعي خيارات أخرى، ومن ضمنها الخيار الذي طرحه حضرة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد».

وأضاف الشيخ حمد أن هذا الخيار يدعو إلى إرسال قوات حفظ سلام عربية إلى سوريا، وذلك لوقف دائرة العنف من جانب الحكومة، والعنف المضاد من جانب المعارضة الذي جاء كرد فعل للدفاع عن النفس، بعد عدة أشهر من أعمال العنف المسلح من جانب الحكومة، لكي يتسنى بعد ذلك تنفيذ المبادرة العربية لحل الأزمة.

واستطرد الشيخ حمد بن جاسم قائلا إنه «من الخيارات الأخرى الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لعرض قرارات الجامعة العربية التي اتخذت بشأن الوضع في سوريا على هذه المنظمة الدولية لمشاركتنا الجهد في إنهاء هذه الأزمة ولإعطاء تلك القرارات الزخم والدعم الدوليين». ولفت إلى أن الهدف من بعثة المراقبين لم يقصد به إعطاء أي طرف من أطراف الأزمة السورية فرصة لكسب الوقت، وإنما كان بغرض وقف العنف والقتل وحقن الدماء. ونبه إلى أن الواقع يقول إن نزيف الدم لم يتوقف، وآلة القتل لا تزال تعمل، والعنف يستشري في كل مكان، فيما تسعى الجامعة إلى إيجاد أفضل السبل لمعالجة ما يمكن معالجته قبل فوات الأوان، والاستعداد الأمثل لمواجهة التداعيات السلبية لتطورات هذه الأزمة المتفاقمة.

وكان تقرير رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق أول محمد أحمد مصطفى الدابي، قد كشف عن عدة عراقيل واجهت عمل البعثة يتعلق عدد منها بأعضاء البعثة أنفسهم، خاصة كبار السن، قائلا إن بعض المراقبين كان يرى حضوره إلى سوريا بمثابة رحلة ترفيهية، كما أقر باعتذار 22 مراقبا عن عدم استكمال مهمتهم لأسباب شخصية.

وطالب التقرير في حال التجديد لعمل البعثة، بزيادة العدد بـ100 مراقب من العناصر الشابة خاصة العسكريين، وعدد 30 سيارة مصفحة، وسترات واقية من الرصاص وأجهزة تصوير محمولة على السيارات، وأجهزة اتصال حديثة، ومناظير ميدان ليلية ونهارية، إضافة إلى زيادة الموارد المالية للبعثة خمسة أضعاف، لتبلغ 5 ملايين دولار، بدلا من مليون دولار.

ومضى التقرير قائلا إن البعثة تعرضت لحملة إعلامية شرسة منذ بداية عملها وحتى الآن، حيث قامت بعض وسائل الإعلام بنشر تصريحات لا أساس لها، كما قامت بتضخيم الأحداث بصورة مبالغ فيها أدت إلى تشويه الحقيقة، وأن هذا نوع من الإعلام المفبرك ساهم بزيادة الاحتقان بين أفراد الشعب السوري وأساء لعمل المراقبين.

وعقد رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون مؤتمرا صحافيا في وقت متأخر من ليل أمس ليعبر فيه عن ترحيبه بقرار الوزراء العرب، لافتا إلى أنه يعني أن «نظام الطاغية الأسد قد انتهى». وأضاف أنه من الضروري أن يشارك مجلس الأمن في المرحلة المقبلة.