البحرين: إطلاق جهاز قضائي يتولى مراقبة تطبيق القانون والتحقيق في تجاوزات حقوق الإنسان

النائب العام لـ «الشرق الأوسط»: سيبدأ عمله بالتحقيق في 113 قضية ضد منسوبي وزارة الداخلية

TT

كشف مسؤول بحريني رفيع لـ«الشرق الأوسط»، أمس، عن تدشين جهاز قضائي جديد يختص بمراقبة حقوق الإنسان في الأجهزة الحكومية والسجون البحرينية، وستكون أولى مهام هذا الجهاز التحقيق في 113 قضية من القضايا التي اصطلح على تسميتها بـ«قضايا الإساءة والتعذيب»، التي رفعها مواطنون بحرينيون ضد رجال أمن ومسؤولين في وزارة الداخلية البحرينية.

وبالإضافة إلى هذه المهمة سيتولى الجهاز الجديد (نيابة حقوق الإنسان) التابع للنيابة العامة، مراقبة تطبيق القوانين وفق مبادئ حقوق الإنسان ووفق المعايير الدولية، ومراقبة أوضاع النزلاء في مراكز التوقيف والسجون، وتولي كل القضايا التي تتسبب في خرق مبادئ حقوق الإنسان.

وقال الدكتور علي بن فضل البوعينين، النائب العام في مملكة البحرين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن النيابة العامة ستدشن نيابة متخصصة في قضايا حقوق الإنسان خلال أسبوعين، وستتولى النيابة، بحسب البوعينين، ملفات حقوق الإنسان والقضايا التي رفعها مواطنون ضد رجال أمن ومسؤولين في وزارة الداخلية البحرينية خلال الأحداث.

ولفت البوعينين إلى أن النيابة العامة تسلمت نحو 113 قضية تندرج تحت مفهومي التعذيب والإساءة ضد 62 متهما من منسوبي وزارة الداخلية، إلا أنه أكد أنها ليست جميعها قضايا تعذيب، وإنما تشكل خليطا من قضايا التعذيب والإساءة للموقوفين على ذمة أحداث فبراير (شباط) ومارس (آذار).

يشار إلى أن النيابة العامة أسقطت، في ديسمبر (كانون الأول) من العام المنصرم، 43 تهمة تتعلق بحرية الرأي عن 334 متهما في الأحداث التي شهدتها البحرين مطلع عام 2011.

وكانت لجنة تقصي الحقائق التي تشكلت من خبراء دوليين، برئاسة البروفسور محمود شريف بسيوني، توصلت في تحقيقاتها التي أجرتها بشأن أحداث فبراير ومارس الماضيين، إلى أن الأساليب المستخدمة في التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية، كان بعضها عقابيا والآخر كان لانتزاع الاعترافات، وأكدت اللجنة في تقريرها أن المحققين استخدموا الصعق الكهربائي والضرب والتهديد بالاغتصاب والسب والركل.. وكلها تندرج تحت قانون مناهضة التعذيب، كما توصلت اللجنة إلى أن عدم محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات أدى إلى ارتكاب المزيد منها. وأوصت اللجنة الحكومة البحرينية بضرورة تمكين النائب العام من التحقيق في حالات التعذيب والإهانات التي تعرض لها المواطنون.

وشدد البوعينين على أن نيابة حقوق الإنسان لن يقتصر دورها على القضايا المتعلقة بأحداث فبراير ومارس من عام 2011، ولكنها ستختص بجميع القضايا التي لها علاقة بحقوق الإنسان، وأضاف: «ستتولى النيابة المرتقبة القضايا الـ113 المتعلقة بالأحداث، ولكنها ستتولى أي قضية لها علاقة بحقوق الإنسان خارج الأحداث، كما ستراقب تطبيق القوانين في السجون ومدى التزامها بالمعايير الدولية».

وبين النائب العام، الدكتور علي بن فضل البوعينين، أن النيابة العامة تسلمت 113 قضية تتعلق بتهم التعذيب تضم 62 متهما، وقد أحيل منها إلى المحكمة 3 قضايا، بدأت المحكمة نظر اثنتين وتم تحديد جلسة 8 فبراير المقبل للقضية الثالثة، وتجرى التحقيقات في البقية، فيما أكد أن جميع تهم التعبير عن الرأي قد تمت مخاطبة المحاكم لإسقاطها.

وأوضح البوعينين أن معدل القضايا الجنائية (السرقة والمخدرات) قد شهد انخفاضا للعام الثالث على التوالي، وذلك بالتعاون المثمر بين إدارة السجون ومنظمات المجتمع المدني، لافتا إلى أن النيابة تقوم بمتابعة زيارة السجون وأماكن التوقيف بالجهات الأمنية، للتفتيش عليها ومراقبة مدى الالتزام بتطبيق القانون، وتوفير كل الحقوق والضمانات المنصوص عليها للسجناء والموقوفين، ومعالجة ما قد يطرحونه من شكاوى وبحثها على الفور، والعمل على التواصل مع الإدارات الأمنية لإزالة أسبابها.

وأوضح النائب العام أن هذا يجيء في ظل حرص النيابة العامة على مواكبة التغيرات المستمرة في المجتمع، وما استتبعته تلك التغيرات من تزايد مطرد في أعداد القضايا المعروضة عليها وتنوعها، وظهور جرائم مستحدثة في ظل التقنيات الحديثة والمتطورة، كجرائم الإنترنت والحاسوب والتوقيع الإلكتروني.

وفي خلال العام المنصرم رأت النيابة الطعن بالتمييز على الأحكام الصادرة بالإدانة ضد بعض المتهمين في قضايا متنوعة، وقبل طعنها، مما يفتح الباب لإعادة محاكمة المتهمين فيها بالمحاكم الاستئنافية العليا من جديد، بإجراءات يتاح من خلالها للمتهمين تقديم كل أوجه دفاعهم، وتتوافر بها جميع الضمانات المقررة قانونا، دون التقيد بأحكام سابقة صادرة بإدانة المتهمين، ولا سيما في القضايا المحكوم فيها بالإدانة من محاكم السلامة الوطنية.

كما أكد الدكتور علي البوعينين أن أعضاء النيابة، وفق آلية منهجية، يقومون بمتابعة زيارة السجون وأماكن التوقيف بالجهات الأمنية؛ للتفتيش عليها ومراقبة مدى الالتزام بتطبيق القانون، وتوفير كل الحقوق والضمانات المنصوص عليها للسجناء والموقوفين، ومعالجة ما قد يطرحونه من شكاوى وبحثها على الفور، والعمل على التواصل مع الإدارات الأمنية لإزالة أسبابها، وذلك من خلال توجيه المختصين والمسؤولين بهذه المؤسسات بسرعة إزالة أسباب هذه الشكاوى وتلافي حدوثها مستقبلا، وإجراء تواصل مباشر مع المشتكين بصفة مستمرة ودورية لحل مشكلاتهم، في ضوء تطبيق متطلبات روح القانون، لإيجاد حلول قانونية مرضية لهؤلاء الموقوفين. وقال إن النيابة العامة تعمل من خلال هذه الإجراءات على التأكد من عدم وجود أي موقوف أو سجين بصفة قانونية، والاستماع إلى كل طلبات هؤلاء المحكومين والمحتجزين، والتأكد من وجودهم في الأماكن المخصصة لهم طبقا للقانون.