الديب لهيئة المحكمة: مبارك لا يزال رئيسا.. ولا يحق لكم محاكمته

وصف الرئيس السابق بـ«النسر الجريح».. ومحامو الضحايا: مرافعته دعائية

TT

واصل رئيس هيئة الدفاع عن الرئيس المصري السابق حسني مبارك إثارة الجدل في جلسات المحكمة، حيث قال في مرافعته أمس إن مبارك «لا يزال رئيسا للجمهورية وفقا للدستور والقانون»، ودفع بعدم اختصاص المحكمة في نظر القضية وبطلان كل التحقيقات التي تمت فيها. وهو ما قابله المحامون المدعون بالحق المدني باستنكار شديد، قائلين إن الشرعية الثورية أسقطت دستور 1971، الذي كان معمولا به في البلاد قبل إصدار المجلس العسكري (الحاكم) إعلانا دستوريا في مارس (آذار) الماضي.

وقال المحامي فريد الديب في آخر أيام مرافعاته عن الرئيس المصري السابق ونجليه (علاء وجمال) أمام محكمة جنايات القاهرة أمس، إن ما حدث في ثورة 25 يناير وتنحي مبارك لا ينطبق ونصوص الاستقالة التي نص عليها الدستور، وبالتالي يستمر مبارك قانونا كرئيس للجمهورية إلى أن يتم انتخاب رئيس جديد.

ودفع الديب بعدم اختصاص المحكمة في نظر القضية وبطلان كل التحقيقات التي تمت، حيث إن النص الدستوري يقضي بمحاكمة رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة تشكل من أعضاء مجلس الشعب وقضاة بمحكمتي النقض والاستئناف، موضحا أن القانون الخاص بمحاكمة الرئيس والوزراء، وهو لا يزال ساريا إلى الآن، حدد تشكيل المحكمة الخاصة التي تحاكم الرئيس وهم من 12 عضوا، منهم 6 أعضاء من مجلس الشعب يتم اختيارهم بالقرعة، و6 أعضاء من مستشاري محكمة النقض ومحكمة الاستئناف يتم اختيارهم بالقرعة، ويرأس المحكمة أقدم المستشارين، ويباشر الاتهام فيها النائب العام، وتعقد في محكمة النقض.

واعتبر الديب في مرافعته أن مبارك لم يستقِل وفق نص الدستور، حيث قال: «المادة 83 من الدستور تنص على تقديم الرئيس استقالته لمجلس الشعب كتابة، وإذا لم تقدم الاستقالة بهذا الشكل تصبح غير دستورية أو قانونية»، مضيفا أن ما حدث يوم 11 فبراير (شباط) 2011 هو أن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية (آنذاك) قد أذاع بيانا قال فيه إن الرئيس مبارك أبلغه بتخليه عن رئاسة الجمهورية وكلف المجلس الأعلى بإدارة شؤون البلاد.

وقال الديب: «هذه ليست استقالة قانونية، خاصة وأن مجلس الشعب كان قائما في هذا التوقيت». واستشهد الديب بأن سليمان قال في التحقيقات إن مبارك لم يكتب استقالة، ولكنه سافر إلى شرم الشيخ صباح الجمعة 11 فبراير وأبلغه تليفونيا ببيان التخلي عن السلطة، وقام هو بإذاعة البيان وتوقيعه ونشره في الجريدة الرسمية في اليوم التالي.

وأثار الديب جدلا كبيرا حين أوضح أن الوضع القانوني الحالي لمبارك هو أنه لا يزال رئيسا للجمهورية حتى الآن، وفقا لنص المادة 78 من الدستور التي تقول إنه في حالة إذا انتهت مدة الرئيس المحددة بست سنوات دون أن يتم اختيار رئيس جديد لأي سبب كان، يستمر الرئيس السابق في مهامه حتى اختيار رئيس الجديد.

وأضاف الديب أن المادة 197 من قانون العقوبات المصري تعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من لجأ بالعنف أو التهديد لمنع رئيس الجمهورية من أداء عمله بما فيها حبسه، موضحا أنه يجب تطبيق أحكام الدستور لأن تعطيل العمل بالدستور معاقب عليه في المادتين 86 و86 مكرر من قانون العقوبات.

لكن المحامين المدعين بالحق المدني قابلوا كلام الديب باستنكار وغضب شديدين، مرددين أن هذه الدفوع لا تنطبق مع الشرعية الثورية التي أسقطت كل القوانين، وحتى مع الإعلان الدستوري المعمول به منذ مارس الماضي. وهو ما قابله جمال مبارك، الذي ظل هو وأخوه علاء واقفين طوال الجلسة، بنظرات استنكارية للمدعين بالحق المدني.

واستخدم الديب لغة إنشائية في نهاية المرافعة حين قال وهو يشير إلى مبارك الذي بدا على وجهه وأبنائه التأثر من كلام محاميه في قفصه: «يا نسر الجو الجريح، ويا قائد نسور الأبطال في حرب أكتوبر (وهي الحرب التي انتصر فيها الجيش المصري على إسرائيل عام 1973، وكان مبارك حينها قائدا للقوات الجوية)، قاتلت من أجل مصر وشعبها. لا تحزن ولا تفاجأ بغدر من كان يتمنى القرب منك، وأن تسمع من بين أهلك من انقلب عليك وأنت أعزل»، منهيا مرافعته قائلا: «هم يخالفون قول الرسول الكريم: لا تظهر شماتتك بأخيك فيرحمه الله ويبتليك».

وقال الديب إنه حرص على أن يذكر خلال مرافعته «الرئيس مبارك» وليس الرئيس السابق أو المخلوع، لكن محامي أهالي الشهداء رددوا بصوت مدوٍّ: «المخلوع.. المخلوع»، ثم هتفوا بسقوط مبارك مطالبين بإنزال عقوبة الإعدام على المتهم. واعتبر سامح عاشور، نقيب المحامين ورئيس فريق الدفاع عن أُسر الشهداء والضحايا، أن كلام الديب ليس له أساس قانوني لأن القوانين التي استند إليها سقطت بالشرعية الثورية.

وقال عاشور لـ«الشرق الأوسط»: «مرافعات الديب لم تقدم دلائل قانونية، ولكنها مرافعات دعائية ضمت مجموعة من الشعارات السياسية للفت الأنظار ودغدغة المشاعر»، مشيرا إلى أن فريق الدفاع عن أُسر الشهداء والمصابين أعدوا مذكرات قانونية للرد على كل دفوع الديب عن مبارك وسيقدمونها في فترة التعقيب التي ستحددها المحكمة لهم بعد انتهاء مرافعات دفاع المتهمين في 16 فبراير المقبل.

ومن المقرر أن تستكمل المحكمة جلساتها اليوم ببدء الاستماع إلى مرافعة دفاع حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق في تهم قتل المتظاهرين، ولمدة ستة أيام وفقا لما حددته المحكمة من قبل.