«الوفد» المصري يراهن على كل أطراف اللعبة السياسة مع بدء جلسات البرلمان

محاولته تفادي المخاطر السياسية أثارت سخطا داخل الحزب الليبرالي العريق

TT

قال مراقبون إن حزب الوفد المصري الليبرالي، أصبح يراهن على كل أطراف اللعبة السياسية مع بدء جلسات البرلمان التي يسيطر على الأغلبية فيه نواب التيار الإسلامي، إلا أن محاولته تفادي المخاطر السياسية سواء من خلال علاقته مع الأحزاب الدينية أو المجلس العسكري الحاكم، أو غيرهما من قوى سياسية وثورية، تتسبب في إثارة سخط داخل الحزب العريق الذي كان حتى بداية النصف الثاني من القرن الماضي حزبا شعبيا حاكما في العهد الملكي.

وألقى 38 نائبا وفديا في البرلمان المصري المنتخب أخيرا، بطوق النجاة إلى الدكتور سيد البدوي رئيس حزب الوفد. فالبدوي، الذي تعرض لانتقادات داخلية حادة بعد أداء الحزب المخيب للآمال في الانتخابات البرلمانية التي انتهت قبل أيام، وضع أخيرا القائم الرابع الذي يقيم عليه مقعده فوق قمة أعرق الأحزاب المصرية، بعد أن أتى حزبه ثالثا في سباق الانتخابات البرلمانية.

كان البدوي وهو رجل أعمال بارز، قد وضع رهاناته السياسية بعد ثورة 25 يناير وفق استراتيجية تقليل المخاطر، بحسب مراقبين، بوضع قائم من قوائم كرسي رئاسة الوفد على البساط الأحمر الذي بدأت جماعة الإخوان في بسطه أمام قصور السلطة، وذلك بهندسة تحالف سياسي مبكر بين الحزب الليبرالي العريق وحزب الإخوان المسلمين، دون أن يتنازل عن علاقة جديدة بالسلطة الحاكمة، حيث كان ضيفا رئيسيا على طاولة اجتماعات نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان، إبان الثورة، ثم على طاولة الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش نائب رئيس المجلس العسكري، فيما ظلت قيادات من الوفد وشباب الحزب تشارك في المظاهرات بميدان التحرير. وبقي أمام البدوي أن يحسم سباق الانتخابات البرلمانية لصالحه لكي يحافظ على مقعد سبق وأن شغله الزعيمان المصريان التاريخيان سعد زغلول ومصطفى النحاس.

وبين أمواج متلاطمة داخل حزب الوفد، تجلت التناقضات السياسية لاستراتيجية الوفد بين طيات صحيفته الرسمية التي خرجت قبل أيام في عددها الأسبوعي تحمل مانشيت «الشعب يريد رأس المشير»، بينما جاء العدد التالي يهادن المجلس العسكري الذي يرأسه المشير حسين طنطاوي.

ويرى مراقبون أن البدوي نجح بالكاد في حفظ ماء وجه الحزب الذي ظل منذ عشرينات القرن الماضي وحتى قيام ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 الأوسع شعبية في البلاد، بعد أن جاء ثالثا في الانتخابات البرلمانية التي أعلنت نتائجها النهائية أول من أمس، بحصوله على 38 مقعدا، بالإضافة إلى أربعة مقاعد أخرى لمستقلين وفديين عادوا إلى الحزب بعد نجاحهم، لينال الحزب نحو ثلاثة ملايين صوت من أصل 27 مليون مصري شاركوا في العملية الانتخابية، وبفارق كبير عن الحزبين الإسلاميين (الحرية والعدالة الإخواني والنور السلفي) اللذين حازا نحو 20 مليون صوت.

لكن الوفد بقي رغم ذلك الحزب الوحيد من بين الأحزاب التقليدية الذي وجد له مكانا في البرلمان، وباستثناء التجمع اليساري الذي خاض الانتخابات ضمن تحالف الكتلة المصرية، فشلت كل الأحزاب التقليدية في الفوز بأي مقعد في البرلمان.

النتائج التي يتفاخر بها عدد من قيادات بالوفد، لا تزال تثير السخط داخل أروقة الحزب، ويقول القيادي في الهيئة العليا بالحزب عصام شيحة إن «نتائج الانتخابات غير مرضية إطلاقا ولا تعبر عن شعبية الحزب وتاريخه.. سنسعى جاهدين لتعديل خطابنا السياسي».

ويعترف شيحة بمسؤولية القيادة في تراجع الوفد في الانتخابات البرلمانية، إلا أنه يتابع قائلا: «لكننا لسنا بصدد المحاسبة الآن، فأمامنا انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) وبعدها نرى سبل تجاوز ارتباك الموقف السياسي للحزب».

كان البدوي قد منح الوفد قبلة الحياة حينما تسلم مقاليد الحزب في انتخابات نزيهة - ربما هي الأولى من نوعها داخل الأحزاب المصرية - في عام 2010. لكن خسارة الحزب الفادحة في آخر انتخابات أجراها نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك في ذات العام أحبطت القيادة الوفدية التي كانت تأمل في أن تشغل ما لا يقل عن 88 مقعدا، بعد أن شمر حزب الرئيس السابق في ذلك الوقت عن ساعديه لإقصاء مرشحي الإخوان عن البرلمان، وهو ما حدث، لكن دون أن يحل مرشحو الوفد بدلا منهم. ويقول وفديون معارضون للبدوي إنه «كان يراهن على حاجة نظام مبارك لمعارضة مقلمة الأظافر ووديعة.. لكن حزب مبارك قضى على هذه الأوهام وأطاح بآمال الوفد وأقصى المعارضة عن البرلمان.. وهذا ما نراه يتكرر بعد الثورة مع الأسف».