«هيومان رايتس ووتش» تحذر من عودة العراق إلى الاستبداد.. ومستشار للمالكي يرد: إنها أحكام مسبقة

وزارة حقوق الإنسان لـ «الشرق الأوسط»: هناك انتهاكات فردية.. ولا سجون سرية

عناصر في شرطة مكافحة الشغب العراقية يواجهون متظاهرين في بغداد (أ.ب)
TT

أكدت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، في تقرير لها أمس، أن العراق يعود إلى الاستبداد، وفي طريقه للتحول إلى دولة أمنية، على الرغم من تأكيدات الولايات المتحدة أنها ساعدت في بناء الديمقراطية في هذا البلد، لكن الحكومة العراقية رفضت، بشدة، تقرير المنظمة، واعتبرت أنه لا يستند إلى الحقائق وأنه أُعد استنادا إلى شهادة جهة واحدة.

يأتي تقرير المنظمة، التي تتخذ من نيويورك مقرا، بعد أقل من عام على خروج آلاف العراقيين إلى الشوارع لانتقاد حكومة بلادهم لسوء الخدمات. وقال بيان رافق التقرير السنوي للمنظمة: «إن العراق قمع بقسوة، خلال عام 2011، حرية التعبير والتجمع عبر الترهيب والضرب واحتجاز الناشطين والمتظاهرين والصحافيين». وأشار، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن «العراق لا يزال واحدا من أكثر الأماكن خطورة في العالم بالنسبة للصحافيين، وحقوق المرأة ما زالت ضيقة، والمدنيين دفعوا ثمنا باهظا للتفجيرات» في إشارة إلى الهجمات وأعمال العنف.

لكن علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، استبعد أن يكون التقرير قد جاء نتيجة زيارة ميدانية للواقع في العراق، وقال إنه مكتوب بناء على شهادات من جهة واحدة. وأضاف: «نحن لا ننكر وجود انتهاكات، لكنها فردية، ونعمل على وضع حد لها في أقرب وقت»، مؤكدا أن «الحكومة لا تحتاج إلى استعمال العنف ضد المتظاهرين؛ لأنهم لا يمثلون شيئا للحكومة، ولأن المعترضين هم مجموعة مكونة من عشرات وبدأت أعدادهم تقل تدريجيا». ونفى الموسوي، نفيا قاطعا، وجود عمليات تعذيب، وقال: «نحن لدينا أوامر واضحة وصريحة بمتابعة مثل هذه الأعمال التي تسيء إلى العراق». وأضاف: «إذا كانت هناك انتهاكات فهي حالات فردية نستنكرها بشدة». ونقل البيان عن سارة لي ويتسن، مديرة المنظمة لشؤون الشرق الأوسط، أن «العراق ينزلق بسرعة إلى الحكم الاستبدادي، كما تقوم قواته الأمنية بقمع المتظاهرين ومضايقة الصحافيين وتعذيب المعتقلين». وأشارت إلى أن ذلك يجري «على الرغم من تأكيدات الحكومة الأميركية أنها ساعدت على بناء ديمقراطية مستقرة، والحقيقة أنها تركت وراءها نظاما أمنيا».

لكن الموسوي قال: «إن العراق فيه برلمان وانتخابات حرة ونظام ديمقراطي، وإن ادعاء المنظمة فارغ ولا يستند إلى الحقائق، إنما هي أحكام مسبقة». وفي ما يخص الإعلام، قال الموسوي: «الكل يعلم أنه لا توجد وسيلة إعلام تمت معاقبتها على أساس أنها معارضة». وأضاف أن «الإعلام أصبح مفتوحا، وأصبح معارضا، وفي بعض الحالات يصل إلى حد التحريض، لكن لم تتخذ الحكومة أي موقف من أي صحيفة أو وسيلة إعلامية». وتابع أن «الحكومة تعاني ضغطا شعبيا لوضع حد لهذا الانفلات الإعلامي، لكننا نرى أن الإعلام سائر إلى الاستقرار».

كما تطرق الموسوي إلى تقرير المنظمة الذي لمح إلى تورط الحكومة في مقتل الصحافي هادي المهدي، وقال: «إن سرد قضية مقتل الصحافي المهدي وكأن الحكومة هي المسؤولة عن قتله هو اتهام خطير». وزاد: «نطالب المنظمة والشخص الذي كتب التقرير بأن يقدما الأدلة حتى تأخذ العدالة مجراها، أما أن يكون الاتهام باطلا، فعليه أن يواجه التبعات القانونية لهذا الاتهام».

وأضاف الموسوي: «العراق كان يعيش في نظام استبدادي، والخروج من ذلك وتطهير الأجهزة الأمنية عملية ليست سهلة، وتبديل الثقافة لا يتم بين عشية وضحاها».

وذكّرت المنظمة بالعثور على سجن سري في شهر فبراير (شباط) الماضي تديره قوات تابعة للحكومة العراقية، وكذلك مسؤولية معسكر أشرف، الموقع الآخر الذي تعرض معتقلون فيه إلى التعذيب.

من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان في العراق، كامل أمين، أن «وزارة حقوق الإنسان تتعامل عادة مع تقارير المنظمات الدولية، ومنها منظمة (هيومان رايتس ووتش) بنوع من المهنية، على الرغم من أن لدينا الكثير من الملاحظات على ما تصدره بين فترة وأخرى من تقارير بشأن العراق». وقال أمين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن تقرير المنظمة تطرق إلى الكثير من المسائل التي تحتاج إلى إيضاحات، منها ما يتصل بحقوق المرأة، وبوسعنا القول إن لدينا مشاريع كثيرة على طريق إلغاء الكثير من القوانين التي لا تزال عاملة والتي تتنافى مع الدستور العراقي، بالإضافة إلى وجود الكثير من الممارسات الاجتماعية نتيجة للتطرف الديني، التي نعمل على تغييرها».

وحول الحق بالتظاهر وما يحصل من انتهاكات من قِبل الأجهزة الأمنية، قال أمين: «إن الحق بالتظاهر كفله الدستور العراقي، لكنه لا يزال بحاجة إلى تنظيم، وما يحدث من انتهاكات ليست انتهاكات مبرمجة أو ممنهجة، وإنما هي انتهاكات فردية ويمكن أن تحصل حتى في بعض البلدان الديمقراطية، يضاف إلى ذلك أن التجربة الديمقراطية إنما هي تجربة جديدة في العراق، وقد يحصل فيها الكثير مما يمكن تأشيره في هذا الباب، وغالبا ما نؤشره وندعو للالتزام به». وفيما يتصل بالسجون السرية نفى أمين وجود مثل هذه السجون قائلا: «لا توجد سجون سرية في العراق، أما بالنسبة لمعسكر الشرف فإنه ليس سجنا سريا، لكنه سجن داخل المنطقة الخضراء، وبالتالي يصعب دخول الناس إليه، وقد قمنا بزيارته ووصينا بضرورة غلقه، وبالفعل تم غلقه وتوزيع السجناء فيه إلى مجموعة من السجون تتوافر فيها معايير حقوق الإنسان».