العثماني يبدأ اليوم زيارة إلى الجزائر.. وينقل طلبا بفتح الحدود البرية

مساهل: قضية الحدود المغلقة ليست مطروحة في برنامج الزيارة

سعد الدين العثماني
TT

أفادت مصادر مطلعة في الرباط بأن سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي، سيحمل معه اليوم إلى الجزائر طلبا رسميا بفتح الحدود البرية بين البلدين، المغلقة منذ سنوات. وسينقل العثماني رسالة من العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في هذا الشأن، كما سيجري العثماني، الذي سيزور الجزائر لمدة يومين، محادثات مع مراد مدلسي، وزير الخارجية الجزائري.

كان عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة المغربية، قد تعهد، عند تقديم البرنامج الحكومي للبرلمان الأسبوع الماضي، بأن تعمل حكومته على «تطبيع كامل» للعلاقات بين المغرب والجزائر. وقال بن كيران: «ستعمل الحكومة، على صعيد الجوار المباشر، على تعزيز الديناميكية الإيجابية التي شهدتها العلاقات المغربية - الجزائرية لتحقيق التطبيع الكامل للعلاقات، بما في ذلك فتح الحدود البرية». وقال أيضا إن حكومته «ستواصل العمل على تفعيل الاتحاد المغاربي باعتباره خيارا استراتيجيا عبر إقامة النظام المغاربي الجديد؛ نظرا لتعزيز التفاهم وحسن الجوار واحترام الثوابت الوطنية لكل دولة».

كانت الحدود البرية بين البلدين قد أغلقت في صيف عام 1994، عندما قررت السلطات المغربية فرض تأشيرات دخول على الجزائريين، عقب هجوم نفذه فرنسيون من أصول جزائرية، ضد سياح إسبانيين في فندق «أطلس إسني» في مراكش، وردت الجزائر على تلك الخطوة بإغلاق الحدود البرية بين البلدين.

كان كل من: محمد بن عيسى، والطيب الفاسي الفهري، وزيرا الخارجية السابقان، قد نقلا، من قبلُ، طلبا مغربيا إلى الرئيس بوتفليقة لفتح الحدود، لكن ذلك الطلب لم يجد تجاوبا.

يُشار إلى أن العثماني سينتقل من القاهرة إلى الجزائر بعد أن شارك في اجتماعات وزراء الخارجية العرب حول الوضع في سوريا.

وعلى صعيد ردود الفعل على زيارة العثماني إلى الجزائر، رحبت النائبة البرلمانية الأوروبية الوزيرة الفرنسية السابقة، رشيدة داتي، بالزيارة، وقالت إنها تسير في اتجاه تجسيد «نظام مغاربي جديد». وعبرت داتي، وهي من أصول مغاربية، عن اعتقادها أن الزيارة ستكرس التقارب بين الجزائر والرباط. وأضافت النائبة الأوروبية: «إن النظام المغاربي الجديد، الذي سبق للملك محمد السادس أن أعلن عنه، ليس مجرد شعار، بل يسير في اتجاه أن يصبح واقعا».

وقالت إن وجود «الجزائر والمغرب الموحد يعني وجود مغرب عربي قوي ودينامي، واستنادا على تاريخهما المشترك فإن البلدين سيطلقان من جديد اتحاد المغرب العربي من أجل خير للمنطقة بأكملها».

إلى ذلك، قال الوزير الجزائري المنتدب للشؤون الأفريقية والمغاربية، عبد القادر مساهل: إن زيارة وزير خارجية المغرب، المرتقبة اليوم إلى الجزائر «تعكس رغبة البلدان المغاربية في إعطاء ديناميكية لاتحاد المغرب العربي». وأوضح أن قضية الحدود المغلقة ليست مطروحة في زيارة العثماني الأولى للجزائر.

وقال مساهل لصحافيين بالعاصمة، أمس: إن تنقل العثماني إلى الجزائر «مدرج في سياق التطور الطبيعي للأشياء؛ فقد سبقتها زيارات متبادلة على مستوى وزاري بين البلدين في العامين الأخيرين آتت ثمارها». وأفاد مساهل بأن الرباط والجزائر اتفقتا على أن يكون التطبيع تدريجيا عن طريق بحث التعاون في قطاعات اقتصادية وخدماتية، ذكر من بينها: الزراعة والطاقة وتكنولوجيا الاتصال. وأوضح أن الطرح الجزائري المتعلق بعقد اجتماعات «اللجان المشتركة» لم يعد مفيدا للعلاقات الثنائية على أساس أنه مسار بطيء.

وبخصوص قضية الحدود التي يكثر الحديث حولها، على خلفية تصريحات إيجابية من الجانبين تفيد بتحسن العلاقة، قال مساهل إنها غير مطروحة في زيارة العثماني، كما لم تُطرح في زيارات الوزراء المتبادلة. وبعبارة أوضح: تفضل الجزائر أن يكون التعاون في قطاعات محددة مدخلا للتطبيع يكون أول إجراءاته فتح الحدود المغلقة منذ 18 سنة. وأشار مساهل إلى أن المغرب أول شريك تجاري للجزائر في المغرب العربي وفي أفريقيا، على الرغم من أن الحدود مغلقة.

وكشف مساهل عن طلب جزائري للبلدان المغاربية ببحث المسائل الأمنية مثل الهجرة السرية والإرهاب وتجارة المخدرات، في اجتماع وزراء خارجية «اتحاد المغرب العربي»، المرتقب في 17 من الشهر المقبل بالرباط (بلد المقر)، واستبعد عقد قمة مغاربية في المستقبل القريب. يُشار إلى أن آخر قمة عُقدت في تونس عام 1994، بعدها أصيب «الاتحاد المغاربي» بشلل جرَّاء الأزمة بين أكبر عضوين فيه.

من جهة أخرى، قال مساهل إن اللقاء المرتقب بنواكشوط غدا، بين وزراء خارجية موريتانيا والجزائر ومالي والنيجر، سيبحث نتائج مشاورات أجراها مسؤولون بالبلدان الأربعة في واشنطن وبروكسل في الأسابيع الماضية، بخصوص دعم أوروبا وأميركا لجهود محاربة الإرهاب في الساحل. وتطلب الدول الأربع التي تواجه الإرهاب، من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، دعما لوجيستيا ورعاية فنية من جانب تكوين الكوادر الاستخباراتية والعسكرية، وتبادل المعلومات حول الجهاديين والتنظيمات التي ينتمون إليها. وأوضح مساهل أن الاجتماع سيتناول صلة «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وجماعة «بوكو حرام» في نيجيريا. ويرى مساهل أن العمليات المسلحة التي نفذتها «بوكو حرام»، نهاية العام الماضي، تشبه أسلوب نشاط «القاعدة» في الساحل، مشيرا إلى أن البلدان الأربعة سترفع طلبا إلى حكومة نيجيريا، لإيفادها بمعلومات دقيقة حول «بوكو حرام»، في محاولة للتأكد من مدى علاقتها بـ«القاعدة». وقال مساهل إنه لا يستبعد تنقل عناصر من الجماعة النيجيرية المسلحة إلى معاقل «القاعدة»، بغرض التدريب على السلاح.