وزير الخارجية التونسي: سوريا لا يمكن أن تعود للمربع الأول ولا بد من الاستجابة لمطالب الشعب

عبد السلام لـ «الشرق الأوسط» : نقدر عاليا الدور المؤثر للسعودية.. ولا خلافات بسبب بن علي

رفيق عبد السلام
TT

دعا وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام للاستجابة لمطالب الشعب السوري في الديمقراطية والإصلاح، قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن تونس تؤيد دعم الأمم المتحدة لخطة الحل العربي في المسألة السورية، لكنها ترفض التدويل أو التدخل الخارجي في الشأن السوري. وشدد الوزير التونسي على أهمية العلاقات السعودية – التونسية، مشيرا إلى أن رئيس وزراء بلاده يعتزم زيارة الرياض خلال الفترة المقبلة بهدف فتح آفاق جديدة مبنية على التعاون.

وقال عبد السلام إن رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي سيلبي دعوة المملكة العربية السعودية بزيارتها خلال أيام، نافيا وجود أية خلافات أو توتر في العلاقات بسبب وجود الرئيس السابق زين العابدين بن علي في السعودية منذ لجوئه إليها بعد الإطاحة به مطلع العام الماضي.

وقال عبد السلام إن القضاء يلاحق بن علي وليس الحكومة وهذا مطلب ثوري، كما تحدث عن تطورات الملف السوري، مؤكدا على أهمية تجاوب الحكومة والمعارضة وصولا إلى حل يحقن الدماء تحت مظلة الجامعة العربية.

وأضاف الوزير التونسي الذي يشارك في الاجتماع الوزاري بشأن الملف السوري: «نحن لم نعترف بعد بالمجلس الوطني الانتقالي السوري، وإنما تربطنا به علاقة خاصة كثورة تونسية»، وقال إن تونس مع دعم الخطة العربية للحل من خلال الأمم المتحدة ولكن ليست مع سياسة التدويل والتدخل العسكري الخارجي.

وعن أجندة الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التونسي إلى السعودية، أوضح عبد السلام قائلا: «نحن نؤكد أولا على علاقات جيدة مع السعودية، وأتصور أن الأشقاء في السعودية يبادلوننا الشعور نفسه، كما أننا نقدر عاليا الدور السياسي والاقتصادي المؤثر للمملكة، وكذلك الموقع المؤثر والمتقدم في الحالة العربية للمملكة».

وتابع الوزير التونسي قائلا إن رئيس الوزراء التونسي تلقى دعوة لزيارة المملكة ولم يتحدد الموعد النهائي لها بعد، ولكنه أضاف أنه من المنتظر أن تتم في القريب العاجل، قائلا إنه «ليس لدينا أية خلافات مع السعودية، وربما أثير موضوع الرئيس المخلوع (بن علي) وهذا مطلب مشروع وليس خاصا بهذه الحكومة، وإنما بالثورة وشبابها، ولكن نحن أيضا دولة مؤسسات وقانون، ووزارة الدفاع سوف تستمر في المطالبة بعودة المخلوع، ولكن هذا الموضوع كما ذكرت لم يقف في طريق علاقاتنا مع السعودية، ونحن نحرص على علاقات طيبة مع كل الدول العربية وفى المقدمة السعودية».

وأوضح الوزير عبد السلام أن زيارة رئيس الوزراء التونسي للسعودية «ستكون فاتحة خير لعلاقات جيدة بعد تشكيل الحكومة (التونسية) الجديدة وستكون رسالة متبادلة جيدة لتوطيد العلاقات، وسوف نعمل على توثيق العلاقات الاقتصادية، وتونس حاليا تتمتع بمناخ استثماري جيد، والإخوة السعوديون من رجال أعمال ومستثمرين مرحب بهم للبحث عن فرص استثمارية في تونس».

وعما إذا كان هناك مغزى من مشاركة رؤساء كل من الجزائر وقطر وموريتانيا ورئيس المجلس الانتقالي الليبي في الاحتفال بذكرى الثورة التونسية قبل أيام، قال وزير الخارجية التونسي إن الأساس كان الاحتفال بالثورة وبحث العلاقات الثنائية وتوطيدها والتركيز على الجانب الاقتصادي والسياسي والتنموي، وإيجاد فرص للتطوير مع دول الخليج والمغرب العربي.

وعن علاقة تونس بالمجلس الوطني السوري، قال عبد السلام إنه «لا يوجد لدينا اعتراف رسمي بالمجلس الوطني السوري»، مشيرا إلى أن ما حدث هو أننا «رحبنا بوجود المجلس في تونس، وفى الوقت نفسه نحرص على سوريا، ولا توجد علاقات خاصة، وإنما محادثات وتواصل مع المجلس الوطني السوري». وتابع قائلا: «لدينا تعاطف كثورة مع الشعب السوري ومع مطالبه المشروعة في الحرية والكرامة، وهذا موقف لا نخفيه ونأمل أن تصل سوريا في القريب العاجل إلى بر الأمان وأن تحقن الدماء وأن يستعيد البلد استقراره وتوازنه».

وفي ما يتعلق بالمخاوف التي أعرب عنها الرئيس التونسي من إجهاض الثورة السورية، قال وزير الخارجية التونسي عن رؤية بلاده لمستقبل الثورة في سوريا، إنه «سيكون جهدنا لدعم سوريا ضمن الجهد العربي، وموقفنا في إطار الجامعة العربية، وهناك رؤية عربية مشتركة واتفاق على ضرورة الإصلاح في سوريا».

وأشار إلى أنه، في ما يتعلق بسوريا، لا يمكن العودة إلى المربع الأول، و«هناك مطالب مشروعة للشعب السوري، ولا بد من الاستجابة لها في الديمقراطية والإصلاح السياسي، ولا بد من وجود حكومة ممثلة لإرادة الشعب السوري عبر انتخابات حرة ونزيهة مثل ما وقع في تونس ومصر».

وعن مطالب بعض المعارضين السوريين بضرورة نقل الملف السوري إلى الأمم المتحدة، قال الوزير التونسي إنه «من المهم أن تبقى القضية السورية في الإطار العربي، ونحن لم نصل بعد إلى حالة اليأس العام، ولا شك أن هناك صعوبات كبيرة واجهت المراقبين العرب، ونحن لسنا مرتاحين لتعطيل جهود وأعمال المراقبين العرب»، لافتا إلى وجود «تضييق ظهر من خلال تقارير نقلتها إلينا الجامعة العربية، ولكن نأمل أن تتغلب روح الحكمة والبصيرة حتى يتم حقن دماء السورين ضمن الإطار العربي، ونحن لا نرغب في التدويل؛ لأن لدينا تجارب مريرة مع التدويل، ولا نريد أن تتكرر سيناريوهات سابقة في العالم العربي في الحالة السورية».

لكن الوزير التونسي أردف موضحا أنه «إذا كان المقصود من الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي دعم الموقف والمبادرة العربية، فنحن نرحب بذلك، أما أن ينتقل الملف بصورة كاملة باتجاه التدويل، فنحن لا نرغب في ذلك».