دولة جنوب السودان تؤكد أن قرارها بوقف إنتاج النفط وعدم تصديره عبر الشمال «نهائي ولا رجعة فيه»

قيادي في المؤتمر الوطني لـ «الشرق الأوسط» : على الحركة الشعبية أن تثبت للعالم أنها تتحدث باسم الجنوب وليس باسم آيديولوجيا تاريخية تتبناها قياداتها

TT

شددت دولة جنوب السودان على تمسكها بقرار وقف إنتاج النفط خلال الأسبوعين المقبلين، وعدم استخدام موانئ السودان بشكل نهائي، وأن القرار يعتبر سياديا ولا رجعة عنه. وأكدت أنها بصدد تقديم دعوى قضائية ضد الخرطوم، لاتهامها «بسرقة» نفط الدولة حديثة الاستقلال، في وقت نفى فيه برلمان الجنوب أنه استدعى رئيس الدولة، سلفا كير ميارديت، وأشار إلى أن الأخير طلب أن يطلع اليوم الأعضاء حول قرارات الحكومة بشأن إيقاف إنتاج النفط والترتيبات التي اتخذتها حول الآثار الناجمة عن قرارها الأخير.

وقال أتيم قرنق، زعيم الأغلبية في البرلمان القيادي في الحركة الشعبية الحاكمة في دولة الجنوب لـ«الشرق الأوسط»، إن كل الشعب الجنوبي أعلن عن تأييده لقرار الحكومة بوقف إنتاج النفط. وأضاف: «هذا أهم قرار اتخذته الدولة بعد إعلان استقلالها، لأنه يمثل قرارا سياديا جديدا، ويزيد من الشعور الوطني. في مثل هذه القرارات الصعبة لا بد أن يقف معها الشعب».

وقال إن قرار الحكومة لا رجعة فيه، وأصبح الآن ملكا للشعب بأجمعه، مثله مثل رفع علم البلاد في التاسع من يوليو (تموز) الماضي، حين تم إعلان استقلال دولة الجنوب، نافيا استدعاء البرلمان للرئيس سلفا كير ميارديت بشأن قرار الحكومة في وقف إنتاج النفط. وقال: «الخرطوم تفاجأت بقرارنا الأخير، لذلك تعمل الآن على بث مثل هذه الشائعات بهدف التضليل الإعلامي والكذب والتقليل من شعب الجنوب ودولته وسيادته»، وأضاف: «وعلى العكس، سلفا كير طلب أن يجتمع مع بالبرلمان لإطلاع ممثلي الشعب على قرار الحكومة بوقف النفط، لأنه قرار سيادي».

يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه اللواء، حب الله عمر، القيادي في المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن «المواقف الحالية للطرفين تعكس أنهما يتصرفان تحت ضغط التاريخ، بعيدا عن مصلحة شعبيهما، تذكيرا بالمشاكسات التي تلقي بظلالها على مواقفهما بشأن القضايا العالقة. والموقف الطبيعي أن ينظر كل طرف لما يحقق مصلحته، بدلا من محاولة إلحاق الأذى بالطرف الآخر».

وقال اللواء عمر: «إن هذه الأزمة تعكس عجزا لدى الطرفين في أن ينظرا إلى المصلحة المشتركة، بمعناها الحقيقي. وأنهما عجزا عن الوصول إلى حقيقة أنه لا يستطيع طرف في هذه المعادلة أن ينهض على ركام الآخر. فالسودان حتى بعد انفصاله، ما زال على الأقل برقعته الجغرافية وروابط سكانه التاريخية لا يمكن أن يطير إلا بجناحين، هما الشمال والجنوب».

وأضاف: «إن الحكومتين في الشمال والجنوب مطالبتان بتحقيق مصالح شعوبهما، إذا عجزوا عن ذلك فليس من حقهما أن يصورا الوصول إلى معادلة تحقق مصالح الشعبين مستحيلة، بل هي عجز منهما. والحركة الشعبية التي تحكم في جوبا محتاجة لأن تثبت للعالم أنها تتحدث باسم الجنوب، وليس باسم آيديولوجية تاريخية تتبناها قياداتها، وعليهم أيضا أن يدركوا أن الاستقرار في المنطقة هدف استراتيجي ليس لسكانها فقط، بل للمنطقة كلها، فضلا عن المجتمع الدولي الذي لا تنقصه حروب مفتعلة»، مشيرا إلى أن «نجاح الدولتين في حل القضايا العالقة، يؤهلهما لطلب الدعم من المجتمع الدولي والإقليمي، الذي هما في أمس الحاجة إليه».

وقال اللواء عمر: «المجتمع الدولي فيه أطراف، على الرغم من ثانويتها في المعادلة الدولية، تصر على فرض رؤيتها الضيقة، بغض النظر عما يمكن أن يدفعه مواطن المنطقة ثمنا لذلك. وعلى الرغم من إعلان المواقف المتوترة، فإنني على يقين من أن الجميع سيعودون في النهاية إلى ما يمليه العقل الراجح، وهو قطعا لن نعدمه لا في الشمال ولا في الجنوب». ونسب المركز السوداني للخدمات الصحافية الحكومي إلى ونيوتي أديقو، زعيم المعارضة في البرلمان القيادي في حزب الحركة الشعبية (التغيير الديمقراطي) الذي يتزعمه لام أكول، قوله: إنهم ينتظرون توضيحا رسميا من الحكومة حول القرار، مبينا أنهم سيثيرون القضية خلال جلسة المجلس اليوم التي سيحضرها سلفا كير.

من جهته، قال ديفيد ديشان، رئيس الجبهة الديمقراطية لجنوب السودان، المتهمة بأنها تتلقى الدعم من الخرطوم، في تصريح للمركز السوداني للخدمات الصحافية، إن قرار جوبا تكتيكي، وتقف وراءه جهات خارجية، معتبرا أن حكومة جنوب السودان فقدت بالفعل معظم إيرادات النفط بسبب استيلاء ما سماه بـ«الثوار» على معظم حقول النفط.

وقال إن القرار محاولة للمداراة على الوضع الذي تعيشه حكومة الجنوب، وأشار ديشان إلى الأوضاع الكارثية التي ستواجه الجنوب، الذي يعتمد كليا على النفط في إدارة شؤونه.

من جهته، قال برنابا ماريال بنجامين، وزير الإعلام في جنوب السودان، إن حكومته أقامت دعوى قضائية ضد السودان، بسبب ما وصفه بسرقتها لنفط الجنوب. وقال إن حكومته رفعت الدعوى إلى المحاكم الدولية.