السعودية تعلن سحب مراقبيها من سوريا.. والفيصل: الاتهامات بالتآمر ليست من شيم العرب

وزير الخارجية السعودي قال في كلمته باجتماعات الدول العربية إن الرياض لن تقبل أن تكون «شاهدة زور»

الأمير سعود الفيصل خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، أمس من القاهرة، سحب بلاده مراقبيها؛ نظرا لعدم تنفيذ الحكومة السورية أيا من عناصر خطة الحل العربي التي تهدف أساسا لحقن الدماء السورية الغالية.

وقال الأمير سعود الفيصل، خلال كلمته: إن الوضع في سوريا بالغ الخطورة، مؤكدا أن تلك الخطورة تتطلب من العرب جميعا تحمل مسؤوليتهم التاريخية.

كان الأمير سعود الفيصل يتحدث خلال كلمة أمام اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، الذي عُقد أمس بالقاهرة لمناقشة الوضع في سوريا.

وأضاف الأمير سعود الفيصل أن الأوضاع في سوريا لا يمكن أن تستمر، مبينا أن بلاده «لن تقبل بأي حال من الأحوال أن تكون شاهدة زور أو أن يستخدمنا أحد لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري الشقيق»، مؤكدا أن عدم تنفيذ الحكومة السورية أيا من عناصر خطة الحل العربي أدى إلى إعلان سحب المراقبين، وهي الخطة التي تهدف أساسا إلى حقن الدماء السورية.

وأضاف: «نحن نرى الدم البريء يُسفك يوميا، مما يضعنا في موضع الاختبار لضمائرنا، وليس هناك أقسى من تأنيب الضمير، خاصة لمن يحرص على جديته ومصداقيته إزاء شعب عربي شقيق ما زال يتعرض - للأسف - لأبشع صنوف التنكيل والعذاب.. وممن؟ من الذين يفترض بهم أن يكونوا أحرص الناس على سلامته وحقوقه وأمنه ومصالحه».

وأكد أن مجلس الجامعة العربية وضع خطة واضحة المعالم لوقف نزيف الدم، الذي يدمي قلوبنا جميعا، وهي خطة تؤكد الوقف الفوري والشامل لجميع أعمال العنف والإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة وإخلاء المدن والأحياء من جميع المظاهر المسلحة وفتح المجال أمام المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام للتنقل بحرية، وهذه العناصر مجتمعة «هدفها فتح المجال أمام حوار وطني؛ لأن الحل لن يصنعه سوى السوريين أنفسهم، والحل لن يكون إلا بالتجاوب مع تطلعات الشعب السوري عبر تحقيق انتقال سلمي للسلطة».

وأضاف وزير الخارجية السعودي: «تم التأكيد مرارا وتكرارا أننا لا نكن لسوريا الشقيقة إلا مشاعر المحبة والأخوة والحرص على مصالح جميع أبناء الشعب السوري دون تمييز أو تفريق، وهدفنا وقف النزيف الدامي بما يحفظ لسوريا وحدتها وأمنها واستقرارها ويجنبها مخاطر الصراعات الأهلية المدمرة أو الانزلاق للفوضى والخراب، وقد جاءت قرارات مجلسكم الموقر مصداقا للحديث النبوي الشريف بأن ننصر أخانا ظالما أو مظلوما، فنردع الظالم عن ظلمه ونحمي المظلوم من بطش الظالم».

وزاد: «حيث إن الحكومة السورية أبلغت جامعة الدول العربية بموافقتها على خطة الحل العربي، فإننا وافقنا على إرسال المراقبين العرب للتأكد من تنفيذ الالتزامات السورية بكل دقة ووضوح وشفافية وليس أكثر؛ فهم لم يذهبوا كمفاوضين أو وسطاء، بل ذهبوا كمراقبين لتنفيذ الالتزامات، شريطة توفير السلطات السورية الحماية والحرية لهم بما يمكنهم من تأدية مهامهم».

واستطرد: «لكن، مع الأسف، لم نجد على أرض الواقع التزاما بتطبيق أي من بنود الخطة العربية، ولم تكتفِ السلطات السورية بعدم تنفيذ ما تعهدت بأن تنفذه بشكل عاجل وشامل، بل بادرت إلى اتهام القادة العرب ودولهم بالتآمر وانتقصت من عروبتهم، لكن هل من شيم العرب أن يقتل الحاكم شعبه؟ وهل مهمة الجيوش العربية أن تفتك بمواطنيها، أم أن تحميهم وتحمي أعراضهم وممتلكاتهم وتحفظ أمنهم واستقرارهم؟».

وأضاف الأمير سعود الفيصل: «إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ونحن لن نقبل، بأي حال من الأحوال، أن نكون شهود زور أو أن يستخدمنا أحد لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري الشقيق أو للتغطية والتستر عليها، ومن هذا المنطلق فإن بلادي ستسحب مراقبيها؛ نظرا لعدم تنفيذ الحكومة السورية أيا من عناصر خطة الحل العربي التي تهدف أساسا لحقن الدماء السورية الغالية».

وختم حديثه بدعوة العرب إلى الالتزام، بكل جدية ومصداقية، بما قرره «مجلسكم الموقر» حول فرض عقوبات تهدف إلى الضغط على الحكومة السورية. وتابع: «لتلتزم فعلا لا قولا بما تعهدت به، وهي عقوباتٌ الأصل فيها أنها مفعلة ومستمرة ما دمنا لم نقرر، مجتمعين، إلغاءها، ولا أعتقد أنه يمكن لأحد أن يفكر بإلغائها ما دام لم يلتزم الحكم السوري بعناصر الحل العربي التي ذكرناها».

وجدد الدعوة إلى «المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته، بمن في ذلك إخواننا في الدول الإسلامية وأصدقاؤنا في روسيا والصين وأوروبا والولايات المتحدة وفق خطة الحل العربي بكل عناصرها، وأن يمارسوا كل ضغط ممكن في سبيل إقناع الحكومة السورية بضرورة التنفيذ العاجل والشامل لها».

كان الأمير سعود الفيصل قد استقبل، بمقر إقامته في العاصمة المصرية القاهرة، في وقت سابق أمس، وفدا من المجلس الوطني السوري المعارض، برئاسة الدكتور برهان غليون، ضمن لقاءات الوفد مع عدد من وزراء الخارجية العرب والأمين العام لجامعة الدول العربية، لإطلاعهم على مرئيات المجلس للتعامل مع الوضع في سوريا.

جرى خلال الاستقبال بحث آخر تطورات الأوضاع في سوريا، في ضوء تقرير رئيس بعثة المراقبين العرب، الفريق محمد أحمد الدابي، الذي عُرض، في وقت سابق أمس، على اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية.

واستمع وزير الخارجية، من رئيس المجلس الوطني السوري، إلى رؤية المجلس للآفاق المستقبلية للتعاون مع تطورات الأوضاع بسوريا، في ضوء استمرار أعمال العنف والقتل هناك. كما استقبل وزير الخارجية السعودي، في القاهرة، أمس، كلا من: محمد كامل عمرو، وزير الخارجية المصري، وسعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي، وناصر جودة، وزير الخارجية الأردني.. كل على حدة.

جرى خلال اللقاءات بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة تطورات الأوضاع على الساحة السورية.