«الجيش السوري الحر» يسيطر على أجزاء من دوما.. ويهدد باستهداف القصر الرئاسي إذا تم اقتحام المدينة

سقوط قتلى في مواجهات عنيفة > «لجان التنسيق» توثق مقتل قرابة ألف شخص في «شهر المراقبين العرب»

صورة بثتها المعارضة السورية أمس لجانب من إطلاق نار تعرض له متظاهرون في دوما (أ.ف.ب)
TT

تابع النظام السوري، أمس، حملته الأمنية على مدينة دوما، الواقعة في ريف دمشق، في ظل أنباء عن اشتباكات عنيفة حصلت لليوم الثاني على التوالي، بين أفراد من «الجيش الحر» وعناصر الجيش النظامي، و«الشبيحة» من جهة أخرى، أسفرت عن سقوط نحو 10 قتلى، وجاء ذلك غداة مجزرة جامع حوى التي سقط ضحيتها 6 قتلى من أبناء المدينة، أول من أمس، برصاص قوات الأمن.

وذكرت «تنسيقية دوما» التابعة للجان التنسيق المحلية، أن إطلاق نار كثيفا من القوى الأمنية استهدف أهالي المدينة الذين تجمعوا عند مسجد الشهداء الكبير لتشييع القتلى الستة، بعد تسلم ذويهم لجثثهم صباحا، مشيرة إلى «إغلاق مدخل جسر مسرابا بشكل تام من قبل (العصابات الأسدية) تزامنا مع استعداد الأهالي لتشييع شهداء مجزرة أول من أمس».

وأكد أحد الناشطين من المدينة لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن مواجهات عنيفة حصلت بين عناصر من الجيش النظامي و«الجيش الحر»، الذي بات يسيطر، وفق الناشط، على أجزاء كبرى من المدينة، فيما يوجد الجيش النظامي في عدد من الأحياء في منطقة البلدية ودوار الجرة ودوار بدران، وحول محيط المدينة ومداخلها الرئيسية.

وذكرت «تنسيقية دوما» أن «الجيش الحر» لا يقوم بمهاجمتهم، وما يحصل من مناوشات بين الفينة والأخرى هي عندما يحاول الأمن تجاوز الحدود التي سمح لهم «الجيش الحر» بالوجود فيها.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أشار إلى اشتباكات «على أطراف مدينة دوما بين قوات الأمن السورية ومجموعات منشقة، فيما يبدو محاولة من قوات الأمن لاقتحام المدينة». كما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن قوات الأمن السورية تراجعت من شوارع المدينة إلى ثكناتها وإلى مقر أمني.

وقال ناشطون إن الجيش النظامي استخدم خلال الاشتباكات مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة من دبابات ومدرعات. وسمع صوت انفجار قوي هز دوما من جهة جسر مسرابا، وقال ناشطون إن قوات الجيش النظامي حاولت اقتحام كفر بطنا وسقبا بعد ظهر أمس، مستخدمة الرشاشات الثقيلة ومضادات الطيران، وأن «الجيش الحر» تصدى لها، ومنعها من دخول تلك المناطق.

وعن الوضع داخل مدينة دوما، قالت مصادر محلية إن 90 في المائة من أحياء مدينة دوما باتت تحت سيطرة «الجيش الحر»، وأن إطلاق نار يسمع في أطراف المدينة من جهة دوار البلدية.

وفي مقطع فيديو تم نشره على صفحة «تنسيقية دوما»، هددت كتيبة ثوار «الغوطة الشرقية» في «الجيش الحر» بإطلاق صواريخ على القصر الرئاسي في دمشق في حال اقتحام مدينة دوما.

وجاء في البيان الذي تلاه أحد عناصر الكتيبة: «نحن ثوار كتيبة الغوطة الشرقية، وبعد تحرير مدينة دوما في معركة عنيفة بين سرايانا والعصابات الأسدية، كبدتهم خسائر فادحة في العدد والعدة، وكممثل شرعي للشعب السوري الأعزل، نحذر العصابات الأسدية من محاولة اقتحام مدينة دوما». وتابع: «وأنه في حال التجرؤ سنقوم بإطلاق صواريخ باتجاه القصر الجمهوري، وبإعدام خمسة ضباط أسرى لدينا».

وكان ناشطون في مدينة دوما أفادوا أمس بـ«إطلاق رصاص غزير بشكل مباشر على المساكن والأبنية في منطقة جسر مسرابا، وإطلاق النار من أسلحة متوسطة وخفيفة على شارع حلب، في وقت تعرضت فيه المنطقة المحيطة بالبلدية وحاجز بدران ومحيط مشفى دوما لإطلاق نار كثيف جدا».

من جانبها، استنفرت قوات الأمن والجيش، أمس، في كافة مناطق ريف دمشق، حيث تم إغلاق جسر الهامة وكافة الطرق المؤدية إليه، وذلك بعد أنباء عن استهداف سيارة عسكرية ومقتل العميد حسن إبراهيم والملازم أول يامن خضور وإصابة المقدم حسين ناصر من القوات النظامية في منطقة رنكوس على طريق تلفيتة رنكوس القريبة من منطقة الزبداني. وجرى اشتباك في مزارع رنكوس وعسال الورد بين «الجيش السوري الحر» وقوات الجيش النظامي التي وصلت إلى المنطقة بـ6 سيارات «زيل» عسكرية محملة بالجنود. وقال ناشطون إن الاشتباكات أسفرت عن تدمير 3 سيارات وقتل من تقله من الجنود وفرار عناصر السيارات الـ3 الباقية بعد رمي أسلحتهم والاستيلاء عليها بالكامل من قبل «الجيش الحر»، بحسب ما قاله ناشطون.

وفي وقت لاحق أمس، وردت أنباء عن سيطرة «الجيش السوري الحر» على وسط مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، وقيامه بالتصدي لحافلة تقل عناصر أمن و3 سيارات حاولت الدخول إلى حرستا عند دوار الثانوية، حيث أجبرهم على الهروب عن طريق البساتين. وفي بلدة سقبا القريبة تم إطلاق قذيفتي «هاون» من مخفر كفر بطنا باتجاه منازل سقبا أسفر عن قتل شخص على الفور.

وأكدت مصادر سقوط 10 قتلى على الأقل من أهالي دوما وعشرات الجرحى، بينما أحصت لجان التنسيق المحلية في سوريا حتى السادسة من مساء أمس مقتل 9 أشخاص في أنحاء سوريا، 5 منهم في ريف دمشق (3 بدوما، وواحد بالكسوة، وواحد بتلفيتة) وشخصان في إدلب، وقتيل في كل من حماه وحمص، في وقت ذكرت فيه «تنسيقية دوما» أنه إلى جانب القتلى الثلاثة الذين سقطوا في المدينة، وهم: محمد خليل سريول، وراتب صبحي هارون، ومحمود المهباني، قضى الشاب أحمد مصطفى طفور (مواليد 1983) تحت التعذيب بعد أقل من شهر على اعتقاله.

في موازاة ذلك، لا تزال مدينة الزبداني تعيش حالة من الترقب الحذر، في ظل أنباء عن تخطيط النظام السوري لإعادة اقتحامها. وكان المتحدث باسم «الجيش الحر» الرائد ماهر النعيمي، المنشق عن الحرس الجمهوري، أبدى تخوفه أول من أمس من أن يكون هذا الانسحاب «تكتيكيا» تمهيدا لإعادة اقتحام المدينة.

وكشف ناشط في الزبداني لـ«الشرق الأوسط» أمس، عن أنباء تشير إلى أن «ثمة خطة لدى النظام لإدخال مسلحين وشبيحة إلى المدينة عبر سيارات الإسعاف والتاكسي إلى الأحياء الداخلية في المدينة، بهدف افتعال مواجهات فيها تسمح في مرحلة تالية بإعادة اقتحام الجيش النظامي الذي يتمركز على بعد كيلومترات قليلة من المدينة».

يذكر أن لجان التنسيق المحلية أفادت أمس بـ«مضي شهر على دخول لجنة المراقبين العرب إلى الأراضي السورية، ولم يوقف دخولهم إجرام النظام الممارس ضد الشعب الأعزل، فوصل عدد القتلى حتى اللحظة إلى 976 قتيلا، بينهم 28 سيدة و54 طفلا و14 طالبا، حيث سقط 347 في حمص، و166 في إدلب، و131 في دمشق وريفها، و111 في حماه، و221 في باقي المحافظات».