كارثة السفينة الإيطالية: مسافرون وعمال مجهولو الهوية

السلطات تبحث عن حاسوب القبطان

السفينة الإيطالية «كوستا كونكورديا» لحظة غرقها أمام شاطئ جزيرة جيغليو الإيطالية (أ.ب)
TT

لا يزال الرقم الحقيقي للمفقودين إثر جنوح السفينة السياحية الإيطالية «كوستا كونكوريدا» التي غرقت يوم 13 يناير (كانون الثاني) الماضي غير معروف بعد الكشف عن وجود عدد من الركاب على متنها لم يكونوا مسجلين في سجلات ركاب السفينة التي كانت في رحلة بحرية سياحية والتي اصطدمت بصخرة قبالة سواحل جزيرة جيغليو الإيطالية، وتبحث السلطات الإيطالية عن الحاسوب المحمول الشخصي لقبطان السفينة، وسط تقارير تفيد بأن الجهاز أخذته امرأة شقراء غامضة في الساعات التي تلت وقوع الكارثة. وقد استخدم الغواصون متفجرات لتفجير عدد أكبر من الثقوب في بدن السفينة، مع ازدياد حالة عدم اليقين بشأن الظروف الدقيقة التي أحاطت بالكارثة، حيث واصلوا بحثهم عن الأشخاص الذين ما زالوا مفقودين منذ وقوع الحادث.

يذكر أن القبطان فرانشيسكو سكيتينو قد جلب حاسوبه المحمول من حجرته وحمله معه إلى الشاطئ في قارب النجاة الذي استقله هاربا من السفينة الفاخرة التي أصيبت بالشلل، في الساعات الأولى من صباح يوم السبت 14 يناير، حيث استقل سيارة أجرة أقلته إلى فندق «جزر البهاما» بمجرد صعوده على اليابسة، نظرا لكونه الفندق الوحيد في جزيرة جيغليو الذي كان مفتوحا في ذلك الوقت. وقال أصحاب الفندق إن القبطان كان يحمل كيسا أحمر من البلاستيك يحتوي على جسم مستطيل أبيض اللون يشبه في حجمه أجهزة الحاسوب المحمولة. وقد أثارت حقيقة أن هناك مزاعم بأن القبطان قد جلب معه بعض ممتلكاته الشخصية إلى الشاطئ المزيد من الأسئلة، لأنه ادعى في شهادته أمام المحققين في الأسبوع الماضي أنه قد «تعثر» وسقط في قارب النجاة، وسط مشاهد من الفوضى والذعر.

وقد دخلت امرأة شقراء في منتصف العمر، من الموظفين التابعين لشركة «كوستا كروز»، وكانت ترتدي ملابس أنيقة، بهو الفندق بينما كان القبطان يجري حوارا مع إحدى شبكات التلفزيون الإيطالية، وأمرته بعدم إجراء أي مقابلات، وأخذته بعيدا. وقال باولو فانسيولي، 45 عاما، صاحب فندق «جزر البهاما»، لجريدة «ديلي تلغراف»: «لقد أراد القبطان أن يذهب ويستبدل بجواربه جوارب جافة نظيفة، وقد طلب مني أن ألاحظ حقيبته إلى حين عودته، وكان ذلك في نحو الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح يوم السبت، حيث كان مجموعة من الصحافيين الإيطاليين يحاولون أن يجروا مقابلة معه، ولكن فجأة دخلت امرأة شقراء البهو، خمنت مما قالته أنها محامية، وقالت: (لن يتم إجراء أي مقابلات)، حيث إنها استوعبت الموقف بسرعة، وأخذته من ذراعه وقادته بعيدا، وقد حدث كل هذا في أربع أو خمس ثوان تقريبا».

وقد تم اعتقال القبطان سكيتينو بعد ذلك بوقت قصير ونقل من الجزيرة إلى مركز الشرطة في بلدة أوروبيتليو في البر الرئيسي لاستجوابه.

وتبين سجلات الشرطة أنه لم يكن بحوزته في ذلك الوقت سوى هاتفه الجوال. ولم تجب محامية القبطان سكيتينو على مكالمتنا الهاتفية عندما حاولنا الاتصال بها، ولكن شركة «كوستا كروز» نفت أن تكون موظفتها قد حصلت على حاسوب القبطان المحمول وخبأته بعيدا، حيث قالت الشركة في بيان لها: «نحن ننفي نفيا قاطعا، بعدما تحدثنا مع الشخص المعني، أن نكون قد تلقينا أي شيء من القبطان سكيتينو».

ولكن الشركة لم تقدم أي تفسير عن المكان المحتمل لأي حاسوب خاص بالقبطان.

وحسب المتوفر من المعلومات فإن نحو عشرين شخصا لا يزالون مفقودين بينهم فرنسيون وأميركيون وإيطاليون وهنود وبيروفيون. وقد ارتفع عدد الوفيات إلى 13 بعد انتشال جثة امرأة على يد الغواصين. وقال فرانكو جابريلي رئيس هيئة الدفاع المدني الإيطالي، لصحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية «من المحتمل أنه كان هناك ركاب مختبئون على متن السفينة. وقد قالت أسرة راكبة رومانية إن ابنتهم اتصلت بهم من على متن السفينة، وإن الأسرة لم تسمع عنها منذ ذلك الاتصال»، وتشير السجلات إلى أن هذه الراكبة غير مسجلة في سجلات الركاب على متن السفينة، وهذا يشير إلى احتمال أن يكون أحد الركاب أو أحد العاملين في السفينة قد هرب آخرين ربما أصدقاء له بعد دعوتهم للالتحاق بالرحلة دون تسجيلهم حسب ما ذكر فرانسيكو مافيني الناطق باسم جابريلي. كما أن هناك احتمالا أن يكون بعض أفراد طاقم العمل غير مسجلين لاحتمال أن يكونوا يعملون مع السفينة بشكل غير شرعي، حيث إن العديد من أفراد الطاقم من الهند وإندونيسيا والفلبين وبنغلادش. غير أن خبراء في النقل البحري استبعدوا هذه الاحتمالية لكون القوانين الخاصة في هذا الشأن مشددة بشكل كبير، لأنها على علاقة بقوانين مكافحة الإرهاب. يقول كابت سيمانتاك من الأكاديمية البحرية في مدينة بيموث «من غير المحتمل بشكل كبير أن يكون هناك عاملون غير مسجلين، وإذا حصل فإن ذلك سيضع قطاع النقل البحري في أزمة خطيرة». ومن 13 قتيلا تم التعرف على ثمانية فقط، أما الخمسة الآخرون فلم يتم التعرف عليهم نظرا لتعفن الجثث لبقائها تحت الماء عدة أيام، وقال جابريلي إن واحدة من الجثث قد ترجع إلى الفتاة الرومانية المذكورة. ومعلوم أن «كوستا كونكوريدا» والشركة المالكة لها عضوان في المنظمة الدولية للخطوط البحرية التي تعتمد سياسة قواعد السلامة ضمن أنشطتها بشكل صارم. وهذا يعني أن الفحص الإلكتروني بنسبة 100 في المائة يتم على الركاب والعاملين والبضائع، بالإضافة إلى فحص الركاب والعاملين أثناء الصعود أو الهبوط من السفينة، كما يعني ذلك أن كل سفينة لديها موظف مختص بمراعاة قواعد سلامة الركاب والعاملين. وقد زودت السلطات الإيطالية جابريلي يوم الجمعة بكل ما يحتاج إليه بشأن الكارثة من فرق إسعاف، وخبراء إنقاذ، وشرطة، بالإضافة إلى البحرية الإيطالية وخفر السواحل، وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الغموض لا يزال يكتنف جوانب عديدة من قصة هذه السفينة المنكوبة.