ليبيا: مقتل 5 وإصابة 20 في اشتباكات بين أنصار القذافي والثوار في بني وليد

عبد الجليل اعتبر اقتحام «الانتقالي» غير حضاري.. ودعا لإعطاء فرصة للحكومة

وزير العدل الليبي يتحدث لصحافيين في طرابلس أمس (رويترز)
TT

بينما اعتبر رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، المستشار مصطفى عبد الجليل، أمس اقتحام مقر المجلس موقفا غير حضاري، داعيا لفرصة للحكومة الجديدة، قلل مسؤول أمني ليبي في طرابلس من خطورة التحرك العسكري المنسوب لقوات من الموالين للعقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، في مدينة بني وليد، وقال لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف، أمس إن الاشتباكات المسلحة في مدينة بني وليد التي سقط فيها 5 قتلى ونحو 20 جريحا، ترجع لمحاولات بعض الجماعات القبلية تحرير عدد من أبنائها المعتقلين ممن يشتبه الثوار في علاقتهم بالنظام السابق.

وعن سبب ترجيح البعض في ليبيا أن حادث بني وليد أمس ربما يعبر عن ظهور قوات للقذافي مجددا، بعد أشهر مريرة من القتال، أوضح هذا المسؤول، الذي يشغل منصبا في وزارة الداخلية الليبية، أن السبب قد يرجع إلى رغبة البعض في تهويل خطر أنصار القذافي، من أجل إعادة التماسك للجبهة الداخلية بين الثوار والمجلس الانتقالي والحكومة الجديدة، خاصة بعد حوادث الاعتداء على عدد من أعضاء المجلس الانتقالي في الأيام الأخيرة. وقدم فوزي عبد العال، وزير الداخلية الليبي، رواية جديدة لما حدث في بني وليد، وقال إن هناك مشكلات داخلية بين بعض السكان أدت إلى اندلاع هذه الأحداث، نافيا رفع أعلام خضراء أو صور للقذافي.

وأعلن أن هناك مشكلة حول مبالغ التعويضات المدفوعة عن المساكن المحروقة، داعيا الثوار إلى التريث وعدم الاندفاع باتجاه بعض الأخبار التي تبثها بعض القنوات قبل صدور قرار رسمي. وأوضح في تصريحات صحافية أن المعلومات المتوافرة لديه تشير إلى سقوط خمسة قتلى نتيجة هذه الأحداث.

ومن جانبه، نقل وليد زقل، المسؤول في اللجنة الإعلامية للثوار الليبيين، أمس، نفي قيادات في الحكومة الليبية سيطرة أنصار للقذافي على مدينة بني وليد الواقعة جنوب العاصمة طرابلس بنحو 170 كيلومترا، قائلا إن أغلب الاتصالات أمس أفادت بأن خبر سيطرة أنصار القذافي على بني وليد لم يكن دقيقا، وأن ما حدث لا يزيد عن اشتباكات بين الثوار وبين جماعات لها مطالب ترى أنها لم تتحقق. ويقول مراقبون ليبيون المشكلة أن المعتقلين المتهمين بالانتماء للنظام الليبي السابق يزيد عددهم على 12 ألف معتقل، وأن استمرار وجود هؤلاء المعتقلين في السجون طيلة الأشهر الماضية، حتى الآن دون محاكمة، يزيد من حالة الاحتقان والغضب بين الليبيين، خاصة أن غالبية المعتقلين ينتمون إلى قبائل ترفض الانخراط في العملية السياسية قبل حسم قضايا أبنائها في سجون الثوار بطرابلس وبنغازي ومصراتة والجبل الغربي. وقالت وكالة رويترز أمس نقلا عن «ساكن محلي»، إن اشتباكات دارت بين أنصار معمر القذافي وميليشيا موالية للحكومة الجديدة في بلدة بني وليد، وإن أربعة أشخاص قُتلوا وأصيب 20 آخرون، وإن الجانبين استخدما أسلحة ثقيلة بينها أسلحة مضادة للدبابات. وقال المصدر ذاته إن القتال نشب عندما اعتقلت الميليشيا المؤيدة للمجلس الوطني الانتقالي الحاكم بعضا من الموالين للقذافي، مما دفع أنصارا للعقيد الراحل إلى حمل السلاح.

وقال عبد الله ناكر، رئيس مجلس ثوار طرابلس، لـ«الشرق الأوسط»، إنه سيتم خلال ساعات القضاء على هذه المجموعة الموالية للقذافي، مشيرا إلى أن الأحداث وقعت بعدما اعتقلت قوات من الثوار أحد أتباع القذافي المطلوبين للعدالة من بلدة بني وليد وحولته إلى سجن مدينة مصراتة.

وأضاف ناكر، عبر الهاتف من طرابلس: «أرسلنا طائرات استطلاع لمعرفة حقيقة الموقف.. إذا وجدنا أن لدى المهاجمين قوة كبيرة فسنعزز قواتنا العسكرية هناك ونهاجمهم، وإذا كانوا عددا محدودا فستتعامل معهم القوات الموجودة بالفعل في المكان عينها».

وقال ناكر إن قوات الثوار تفرض حصارا منذ مساء أمس على وسط بلدة بني وليد حيث تتمركز المجموعة الموالية للقذافي، مقللا من أهمية هذه العملية، ومعتبرا أن الموالين للقذافي لديهم ما وصفه بـ«الوهم الكاذب» للعودة إلى السلطة وحكم البلاد مجددا.

لكن زقل أوضح في اتصال عبر الهاتف من مدينة مصراتة: «لا أعتقد أن الاشتباكات لها علاقة بأنصار القذافي، ولا أعتقد أن أحدا اليوم يناصر القذافي.. على أي حال هذه التصرفات قد تكون مفيدة لصالح الثوار لمعرفة باقي الموالين، إن كان هناك موالون للقذافي».

على صعيد متصل، دعا المستشار عبد الجليل، أمس، الشعب الليبي إلى إعطاء الحكومة الليبية المؤقتة الوقت الكافي لتتولى القيام بمهامها المرحلية، بما يمهد لقيام الأرضية الصلبة لبناء الدولة الليبية الجديدة، ويحقق أهداف ثورة 17 فبراير (شباط) التي أطاحت بحكم العقيد الراحل معمر القذافي.

وأضاف عبد الجليل في مقابلة مع قناة «ليبيا» الفضائية بثتها أمس، أن الحكومة المؤقتة لو أعطيت لها الفرصة الكافية يمكن لها أن تحقق الكثير من متطلبات المرحلة، ولكن لم تعط لها الفرصة حتى تاريخه.

وأكد عبد الجليل تفهمه وتعامله مع ملف الجرحى بشكل إنساني، ومراعاته الحالة النفسية والمعاناة لهؤلاء الجرحى نتيجة لإصابتهم بأسلحة فتاكة، مما تسبب لهم بجروح لا يمكن الشفاء منها، إضافة إلى جروح تعذر علاجها حتى لدى الدول التي تم علاجهم فيها، مثل تونس وتركيا وإيطاليا وألمانيا.

وقال عبد الجليل إن الاجتماع الذي عقد مع الجرحى والاتفاق الذي تم التوصل إليه معهم، ينص على أن يكون لهم صوت من خلال هيئة الجرحى، وتكوين لجنة تتولى المطالبة بحقوق الجرحى الموجودين في بنغازي، مضيفا أنه خلال الاجتماع «فوجئنا باقتحام مجموعة متفرقة لا أعرف هل هم من مجموعة الجرحى، أم من الطلبة، أو غير ذلك، لمقر المجلس الوطني الانتقالي بطريقة عشوائية والعبث بمحتوياته». وقال إن هذا التصرف عبر عن موقف غير حضاري ولا يتسم بمعايير الثوار وأخلاقهم.