المعارضة السورية «مرتاحة» للقرارات العربية ولجان التنسيق ترفض

المجلس الوطني: المبادرة اعتراف بأن نظام الأسد انتهى * الإخوان»: جدية وتستحق الدراسة

TT

بدا واضحا أن مبادرة جامعة الدول العربية الأخيرة فيما خص الأزمة في سوريا، أراحت المعارضة السورية إلى حد كبير، وأعطتها مؤشرا واضحا على أن العرب «تخلّوا عن الرئيس بشار الأسد، بدليل مطالبته بنقل السلطة إلى نائبه الأول لتشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرّة بإشراف عربي ودولي». وفيما أجمعت مواقف المعارضة على وصف مبادرة الجامعة بأنها «اعتراف بأن الشعب السوري حقق أهدافا وبأن النظام انتهى وسقط». غرّدت لجان التنسيق المحلية التي تمثل حركة الاحتجاج السورية خارج سرب المعارضة، واعتبرت أن «الجامعة العربية فشلت مرة أخرى في التوصل إلى حل يرتقي إلى مستوى تضحيات الشعب السوري، وأعطت مهلة جديدة للنظام تتيح له الوقت والغطاء لوأد الثورة وتحويل المجتمع السوري إلى أرض محروقة».

وفي تعليق له، اعتبر عضو «المجلس الوطني السوري» نجيب الغضبان، أن «مبادرة الجامعة الجديدة تنطوي على اعتراف واضح بحق الشعب السوري بأن يختار حكومته وأن يصل إلى أهدافه». ورأى في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر الإيجابي أيضا أن بعض الدول العربية أخذت على عاتقها نقل هذه المبادرة إلى مجلس الأمن الدولي للمساعدة في تنفيذها، وهذا أمر في غاية الأهمية لأن مجلس الأمن الدولي وحده القادر على إعطاء هذه المبادرة القوة التنفيذية». وقال «كل العالم لاحظ أن النظام (السوري) سارع بعد ساعة من إعلان المبادرة إلى رفضها، وهذا يزيد من قناعة الدول العربية والعالم بأن الأمور وصلت إلى نقطة لم يعد بالإمكان التفرج عليها، وأعتقد أن أهم ما في المبادرة هو إدراك الجامعة العربية أن النظام السوري انتهى وبات ساقطا، والدول العربية تحاول أن تساعد على الانتقال السلمي للسلطة بأقل قدر ممكن من الأثمان، لكن المشكلة في عقلية النظام التي لا علاقة لها بالواقع وما زالت تركز على الحل الأمني». أضاف «كنا نأمل بأن توجّه الجامعة العربية رسالة أوضح إلى النظام، بحيث أن المبادرة ليست مقيدة بمهلة زمنية أو آليات تنفيذ، كما أن إعطاء بعثة المراقبين مهلة جديدة أمر لم نكن نتمناه، لأن هذه البعثة ليس لديها ما يكفي من الخبرة والتدريب والقدرة على التحرك». مبديا تقديره لـ«موقف وزير الخارجية السعودي (الأمير سعود الفيصل)، الذي اتخذ مواقف مبدئية ومتقدمة وصريحة للغاية، لا سيما القرار الذي اتخذه بسحب المراقبين السعوديين كي لا يكونوا شهود زور على ما يجري على أرض سوريا».

أما رئيس «هيئة التنسيق الوطنية السورية» الدكتور هيثم مناع، فأشار إلى أن هيئة التنسيق «كانت أيدت الجامعة العربية والمبادرات التي اتخذتها لحلّ الأزمة في وسوريا، ورغم كل الهجوم الذي تعرضنا له سواء من الشارع أم من أطراف أخرى في المعارضة، فإننا ما زلنا نصرّ على أهمية خطّة العمل العربية وضرورة تطويرها وفق المستجدات على الأرض، ومنها مسألة زيادة عدد المراقبين، واتصالنا بمفوضية الأمم المتحدة لتدريبهم، ومطالبتنا عددا من الدول لإرسال أكبر عدد من المراقبين ليتمكنوا من القيام بعملهم بشكل أوسع». وأكد مناع لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما صدر عن الجامعة العربية يعبّر عن فهم للمرحلة الانتقالية أكثر من الفترة السابقة، وقد لاحظنا أن هناك اقتراحات ملموسة أكثر، وهي تصبّ في نطاق تسهيل عمل مؤتمر المعارضة وفي تحديد معالم الطريق نحو انتقال السلطة». وقال «إن هذه الخطوة تصبّ في خدمة الحراك المدني الثوري السوري، وستكون لها إيجابية كبرى لجهة توفير عدد كبير من الضحايا الذين يسقطون بسبب استمرار الحل الأمني أولا، ودخول عامل التسلّح الذي ينذر بحرب أهلية ثانيا». وردا على سؤال عن مسارعة النظام السوري إلى رفض قرارات الجامعة العربية، اعتبر مناع أن «رفض السلطة للمبادرة يعني أنها لا تريد حلا سلميا للأزمة، وهذا الرفض يدفع إلى الذهاب نحو التدويل وبالتالي نحو التفجير، فليس أمام النظام الآن إلا أن يسهّل الانتقال السلمي للسلطة وأن تنتقل سوريا إلى الديمقراطية، ومبادرة الجامعة تفرض على النظام وعلى المعارضة تقديم التنازلات، لأن لا أحد يمكنه أن يحصل على كل مطالبه».

بدورها أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في سوريا أنها «مستعدة لدراسة المبادرة الجديدة لجامعة الدول العربية التي تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بنقل المسؤوليات إلى نائبه الأول ليستطيع شعبنا الانتقال إلى المستقبل الذي يريده». وقالت في بيان لها «بعد الاطلاع على الأطروحات الجادة في مبادرة الجامعة العربية الأخيرة، نرى في هذه المبادرة ما يعبّر عن الجدّية، ويستحق الدراسة المتأنية». ورأت في المبادرة العربية الجديدة «انتقالا بالموقف العربي من دوامة التسويف إلى محاولة التطوير الجاد والملتزم الذي ينم عن شعور بالمسؤولية العربية».

أما لجان التنسيق المحلية التي تمثل حركة الاحتجاج السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في الداخل، فغردت خارج سرب المعارضة، واعتبرت أن «جامعة الدول العربية فشلت مرة أخرى في التوصل إلى حل يرتقي إلى مستوى تضحيات الشعب السوري العظيم، ويتدارك مخاطر استمرار النظام في الاعتماد على القمع الوحشي».