رجل دين يهودي يشي بوالده زعيم حزب «شاس» للسلطات الإسرائيلية

قضية فساد في أكبر حزب ديني تهدد استقرار حكومة نتنياهو

TT

قرر مراقب الدولة في إسرائيل، القاضي ميخائيل لندنشتراوس، إجراء تحقيق في شكوى أحد رجال الدين اليهود الشرقيين الذي وشى بوالده، وكشف بذلك عن شبهات فساد في أكبر الأحزاب الدينية. ورأى المراقبون أن هذه القضية قد تتدحرج لتفكك حزب «شاس»، الذي يعتبر لسان الميزان في الصراعات الحزبية الإسرائيلية، ويتحالف معه كل رئيس حكومة يريد ضمان البقاء في الحكم، ومن شأنها أن تهدد استقرار حكومة بنيامين نتنياهو.

وقد حذر عدد من قادة حزب «شاس» لليهود المتدينين، من أن تؤدي هذه القضية إلى الكشف عن أخطر فضائح الفساد في المجتمع الإسرائيلي، حيث إنها تكشف أن رئيس الحزب، الحاخام عوفاديا يوسيف، يبني لعائلته (الأولاد والأقرباء والأنسباء)، مؤسسة مالية ضخمة على حساب الدولة. والأمر يثير تململا داخل هذا الحزب، من الصعب أن يمر من دون إصابات في صفوف ممثليه في الحكومة.

وكان أحد أنجال الحاخام يوسيف، هو الذي وشى بوالده. فقد توجه إلى النائب من حزب العمل، إيتان كابل، يشكو من أن والده يعد للسيطرة على جهاز القيادة الدينية الرسمية في إسرائيل ليحولها إلى مؤسسة عائلية تجني الأرباح لصالحها من قضايا الأحوال المدنية ومن قضايا مراقبة الحلال في المطاعم والفنادق وقاعات الأفراح وغيرها، علما بأن الأرباح تذهب حاليا إلى صندوق المؤسسة الرسمية. وأن رئيس هذه المؤسسة سيكون شقيقه يوسيف، الذي يعتبر أحب الأبناء إلى قلب والده والمرشح لوراثته في القيادة الدينية. فتوجه النائب كابل بدوره إلى مراقب الدولة، بصفته «الوحيد الذي يمتلك الشجاعة في التحقيق في قضية خطيرة كهذه». وقبل المراقب الشكوى وأعلن أنه سيباشر فورا في التحقيق.

المعروف أن «شاس» هو حزب لليهود الشرقيين، تأسس في أوساط السبعينات بمبادرة الحاخام عوفاديا يوسيف. وقد كبر الحزب بوتيرة عالية، ليصبح أكبر الأحزاب الدينية. وعلى الرغم من أن أداءه السياسي كان ملوثا باستمرار في قضايا فساد، إذ حكم بالسجن أربع سنوات على أحد مؤسسيه أريه درعي، وزير الداخلية الأسبق، وبالسجن خمس سنوات على قائد آخر فيه هو وزير الرفاه شلومو بن عزري، وعلى قادة آخرين، إلا أنه حافظ على مكانته الشعبية. وحظي ذات مرة بـ17 مقعدا في الكنيست. وهو ممثل اليوم في البرلمان الإسرائيلي بـ11 مقعدا.

وتعود شعبيته إلى تركيزه على اليهود الشرقيين وتأكيده أن المؤسسات الصهيونية في الحكم مارست سياسة تمييز عنصري ضد اليهود الشرقيين. وأنه حان الوقت ليستعيد الشرقيون حقوقهم. وهو حزب غير ديمقراطي، يسيطر عليه تماما الحاخام عوفاديا يوسيف. ويحرص هذا الحزب على الانضمام لكل ائتلاف حكومي تقريبا، منذ تأسيسه. ويهتم بالحصول في المقابل على ميزانيات ضخمة لمؤسساته الدينية والتعليمية، التي تضمن تشغيل ألوف النشيطين من أعضاء الحزب ومؤيديه. وهو يدير مؤسساته باستقلالية كاملة، بعيدا عن الشفافية والمراقبة. ومع أن رئيسه الروحي، يوسيف، معروف بمقولة سياسية سلمية هي «الإنسان أهم من الأرض»، والتي تعتبر مفتاحا للموافقة على الانسحاب من المناطق الفلسطينية المحتلة في سبيل السلام، إلا أنه تحت قيادة إيلي يشاي السياسية، راح يداهن اليمين الحاكم ويصبح متشددا أكثر منه. وقد اتخذ مواقف معادية للعرب وللفلسطينيين وعرف بتصريحات كثيرة معادية مثل «العرب أفاع لا يؤتمن جانبها».

وفضيحة الفساد الجديدة تهدد بتفسخ هذا الحزب، حيث تضعضع مكانة الرئيس الروحي، عوفاديا يوسيف، كقائد سياسي لجميع اليهود الشرقيين وزعيم ديني منزه، وتظهره رئيس قبيلة يعمل لصالح عائلته. وقيام أحد أنجاله بكشف هذه الفضيحة، يعطيها بعدا خاصا، إذ إن هناك ثقة بهذا الابن بالذات، ووشايته بوالده تعطي هذه الاتهامات مصداقية كبيرة. وقد شوهد الرئيس التنظيمي السابق لهذا الحزب، أريه درعي، أول من أمس، وهو يلتقي عددا من خصوم إيلي يشاي، مما أثار تقديرات بأنه ينوي شق حزب «شاس» إلى شقين على الأقل. وهذا بدوره يهدد استقرار حكومة نتنياهو، التي باتت تستند إلى أكثرية 67 من مجموع 120 نائبا.