مصر تستعيد اليوم أجواء ثورة يناير وتحيي ذكراها الأولى

مظاهرات في جميع أنحاء البلاد للتأكيد على مطالب الثوار.. والجيش يحذر من «مندسين»

منظر عام لميدان التحرير أمس يظهر استعدادات المتظاهرين لإحياء الذكرى الأولى لثورتهم والمناداة بتحقيق أهدافها العالقة (إ.ب.أ)
TT

يستعد المصريون اليوم (الأربعاء) لإحياء الذكرى الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير، التي نجحت في إسقاط الرئيس حسني مبارك بعد ثلاثين عاما في السلطة. ويعتزم شباب الثورة وعدد من القوى السياسية تنظيم مسيرات ومظاهرات في ميدان التحرير بالقاهرة وفي باقي المحافظات، للتأكيد على استمرار الثورة لتحقيق كافة مطالبها، وأهمها إنهاء حكم العسكر والقصاص من قتلة الشهداء، وتحقيق أهدافها التي نادت بها منذ البداية.. «عيش (خبز) وحرية وعدالة اجتماعية».

لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد، يسانده في ذلك جميع التيارات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، دعا المصريين للاحتفال بثورتهم بعد النجاحات الكبيرة التي تحققت حتى الآن، وأبرزها الانتخابات البرلمانية، وشدد على ضرورة البعد عن أي أعمال شغب أو عنف والحفاظ على مؤسسات الدولة وأولها الجيش المصري.

وقال مصدر عسكري مصري رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»: إن القوات المسلحة ستترك تأمين الميدان والمتظاهرين للجان الشعبية ولن تتدخل من قريب أو بعيد، سوى في عملية تأمين المصالح الحكومية والمؤسسات الحيوية مثل البنوك ومبنى الإذاعة والتلفزيون والوزارات والبرلمان ومجلس الوزراء.

وحذر المصدر من العناصر التي تقوم بارتداء الزي العسكري والدخول وسط المتظاهرين، مؤكدا أنه في حال إلقاء القبض على أي من هؤلاء سوف تتم محاكمتهم وفق القانون العسكري. وتمنى المصدر «ألا يسمح الثوار بوجود عناصر مندسة في صفوفهم وألا يسمحوا بأي أعمال تخريب يهدف من خلالها بعض العناصر لتشويه صورة الثورة المصرية البيضاء».

وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد أعلنت أنها لن تشارك في أي تظاهرات ضد المجلس العسكري يوم 25 يناير (كانون الثاني) لكنها ستنزل وتحشد للاحتفال بالذكرى الأولى للثورة، وهو نفس الموقف الذي اتخذته الجماعة الإسلامية وحزب النور السلفي.

وقال الدكتور محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، إن الجماعة ستنزل الميدان وستنظم سلسلة من الاحتفالات بجميع ميادين مصر، مشيرا إلى أنه سيكون هناك لجان شعبية بمختلف الميادين لتأمينها ومنع وقوع أي اشتباكات قد تحدث بين المحتفلين والمتظاهرين.

وبدا ميدان التحرير منذ أمس في حالة تأهب لاستقبال المتظاهرين من كافة المحافظات صباح اليوم، وانتشرت في أرجاء الميدان الخيام التي دشنها شباب الثورة والائتلافات والحركات السياسية المختلفة، وقام بعضهم بحمل لافتات تطالب برحيل المجلس العسكري عن الحكم وتسليم السلطة إلى رئيس منتخب في أقرب وقت، وأخرى تندد بانتهاكات وقعت من قوات الجيش قائلين إنه لم تتم محاسبة أحد عليها.

وأعلن المعتصمون بالميدان عن القواعد العامة التي يجب أن يلتزم بها المعتصمون، ونصت التعليمات على سلمية الثورة وعدم إقامة أي منصات تخص أي ائتلاف أو حزب «لأن الميدان له منصة واحدة فقط وإذاعة واحدة فقط».

ويقول الشيخ العجوز «محمود إبراهيم»، الذي جلس فوق أحد أرصفة ميدان التحرير منذ أمس، حاملا ملابس نجله الشهيد على كتفه ومصمما على المطالبة بالقصاص لدمه، إنه «فقد نجله في موقعة الجمل، وينتظر حتى الآن القصاص لنجله والإسراع في الحكم على مبارك وأعوانه حتى يهدأ قلبه ويستطيع العودة لمنزله». ويتابع «وعدت زوجتي ببذل كل ما أستطيع حتى تحصل على حق ابنها»، مضيفا أنه «يرفض الكلام عن الاحتفالات ووصف البعض للذكرى الثورة بأنها احتفال.. لو كان منهم أحد لديه شهيد مات في الثورة لكان فكر ألف مرة قبل أن يحتفل».

ودعت مجموعات كبيرة من القوى الثورية، على رأسها ائتلاف شباب الثورة والجمعية الوطنية للتغيير، وعدد من الأحزاب الليبرالية واليسارية، الشعب المصري والبرلمان لتحمل مسؤوليته حيال تسلم السلطة فورا إلى سلطة مدنية شرعية تشرف على وضع الدستور، وانتخاب رئيس الجمهورية. وطالبت هذه القوى في بيان لها أمس بضرورة الالتزام بعدم وضع بنود دستورية تمنح المؤسسة العسكرية سلطة، أو صلاحيات تمييزية خارج المتعارف عليه دوليا. وقال البيان: «مر عام كامل من الفشل الواضح للمجلس العسكري لم يتحقق فيه هدف واحد من أهداف الثورة، لا العيش ولا الكرامة ولا العدالة الاجتماعية».

ويعتزم عدد من المرشحين المحتملين للرئاسة المشاركة في التظاهرات.. وقال حمدين صباحي إنه سيشارك مع مسيرة تنظمها حملته من منطقة شبرا بالقاهرة، فيما أكد أيمن نور زعيم حزب غد الثورة مشاركته والتزامه بالشكل الذي تحدده الجماعة الوطنية من أجل استكمال الثورة.

وقال المرشح الرئاسي المحتمل عمرو موسى، إنه بعد عام على الثورة هناك إنجازات، منها خروج رأس النظام (مبارك) وأعوانه وتحديد إطار زمني للفترة الانتقالية، لكنه طالب بالإفراج الفوري عن سجناء الرأي. فيما أكد عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح المحتمل الآخر، أن النظام السابق لم يسقط بعد، خاصة في ظل استمرار انتهاك الحريات، وتأخر القصاص للشهداء وغياب العدالة الاجتماعية، داعيا جماهير الوطن للمشاركة في فعاليات 25 يناير للتأكيد على مطالب وأهداف الثورة.

وفي خارج القاهرة، تستعد محافظات مصر لإحياء ذكرى الثورة، وأعلن المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة بالإسماعيلية، انتهاء الاستعدادات لتنظيم فعاليات الذكرى الأولى بتجهيز أعضاء اللجان الشعبية لتأمين المسيرات، مع التأكيد على الحفاظ على كافة المنشآت دون التعرض لها.

وقالت مصادر داخل هيئة قناة السويس إنه تقرر تشديد الإجراءات الأمنية داخل وخارج المجرى الملاحي للقناة وحول جميع المنشآت الحيوية بمحافظات (الإسماعيلية، السويس، بورسعيد).

وفي الإسكندرية، يستعد النشطاء لإحياء الثورة بمسيرات من أربعة أماكن رئيسية يقودها ائتلاف شباب الثورة والتيارات الليبرالية، وينوون الاعتصام حتى 28 يناير الحالي، للمطالبة بتسليم السلطة. وأعلنت حركات «6 أبريل» و«كفاية» وغيرهما التحرك من أمام كنيسة القديسين بشرق المدينة والانطلاق نحو المنطقة الشمالية العسكرية.

وفي صعيد مصر، خرجت وقفات احتجاجية بعدد من المحافظات للتأكيد على تحقيق بقية مطالب الثورة والرد على الاحتفالات الرسمية من قبل أجهزة الدولة، وبدأت ائتلافات الثورة عمل سلسلة وقفات احتجاجية صامتة بعنوان «سلاسل الثورة» لتوعية المواطنين بأهمية الخروج يوم 25 يناير. فيما واصلت حملة «كاذبون»، المناهضة للمجلس العسكري، عرض مقاطع فيديو في الميادين لانتهاكات الأمن والمجلس العسكري خلال عام مع الثوار.