طهران تتهم رئيسة البرازيل «بنسف» سنوات من العلاقات بين البلدين

جولة نجاد الأخيرة في أميركا اللاتينية لم تتضمن البرازيل التي أيدت قرارا دوليا بالتحقيق في انتهاكات

TT

يبدو أن المساعي الإيرانية الحثيثة لحشد الدعم السياسي في أميركا اللاتينية، في وقت تتزايد فيه التوترات على الصعيد الدولي بشأن برنامجها النووي، قد اصطدمت بعقبة كأداء، متمثلة في البرازيل، القوة الاقتصادية الأبرز في أميركا اللاتينية.

ففي أعقاب جولة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والتي شملت 4 دول من أميركا اللاتينية هذا الشهر، التقى خلالها الكثير من أبرز منتقدي الولايات المتحدة الأميركية، دون تلقي دعوة للتوقف في البرازيل، وانتقد أحد مستشاري أحمدي نجاد انتقاد الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، قائلا: إنها «أطاحت بسنوات من العلاقات الجيدة بين البلدين».

وقال علي أكبر جوانفكر، المستشار الإعلامي للرئيس أحمدي نجاد في مقابلة نشرتها صحيفة «فولها دي ساو باولو» البرازيلية الواسعة الانتشار أول من أمس، والتي قارن فيها بين روسيف وسلفها المفكر السياسي لويس يناتشيو لولا دا سيلفا: «الرئيسة البرازيلية أطاحت بكل ما أنجزه لولا دا سيلفا». وكان دا سيلفا الذي ترك منصبه قبل عام قد زار إيران عام 2010 ولعب دور الوساطة في الشرق الأوسط في محاولة لنزع فتيل أزمة البرنامج النووي الإيراني، ونجح بالتوافق مع الحكومة التركيبة في التوصل إلى اتفاق مقايضة الوقود لإيران لشحن الوقود منخفض التخصيب إلى الخارج.

وقد فشل هذا الاتفاق بعد رفضه من قبل إدارة أوباما وإيران وإعلان إيران عن نواياها الاستمرار في تخصيب اليورانيوم. ورغم ذلك ارتفعت الصادرات البرازيلية إلى إيران خلال الشهور التالية. وتجاوزت البرازيل روسيا في نطاق واحد فقط عام 2011 كأضخم سوق تصديرية للحم البقري البرازيلي.

غير أن الشهور الأخيرة شهدت توترا في العلاقات التجارية بين البلدين نوعا ما، فبعد ارتفاع صادرات البرازيل إلى إيران إلى 2.1 مليار دولار في عام 2010 من 1.2 مليار دولار في العام الذي سبقه، تشكو بعض الشركات البرازيلية في الوقت الراهن من صعوبة الحصول على أذون الاستيراد الإيرانية، وهو ما يعيق ما كان ينظر إليه باعتباره سوقا حيوية للبرازيل.

ويقول فرانشيسكو تورا، رئيس الاتحاد البرازيلي لمربي الدواجن: «لاحظنا منذ أكتوبر (تشرين الأول) تراجعا ملحوظا في المشتريات من الجانب الإيراني». مشيرا إلى أن مسؤولي السفارة الإيرانية في العاصمة البرازيلية أكدوا للاتحاد أن الصادرات البرازيلية لا تزال موضع ترحيب في إيران. وأوضح تورا أنه ينتظر الإفراج عن إحصاءات الصادرات الجديدة لتحديد نوعية التقدم على هذا المسار.

وتمثل تصريحات جوانفكر، الشخصية السياسية المؤثرة والمستقطبة في إيران، معضلة بالنسبة للبرازيل التي تحاول انتهاج سياسة خارجية براغماتية تمكنها من الحفاظ على الوصول إلى الأسواق الهامة مع تجنب المواجهة.

بيد أن العام الماضي، وفي أعقاب انتخاب روسيف خلفا لدا سيلفا، أيدت البرازيل قرار الأمم المتحدة بالتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، المبادرة التي قادتها واشنطن، وهو القرار الذي اعتبر تحولا دقيقا عن سياسة دا سيلفا السابقة في العلاقات مع إيران.

وقد رفض توفار دا سيلفا نونيز، المتحدث باسم وزارة الخارجية البرازيلية، التعليق على تصريحات جوانفكر، مشيرا إلى أن العلاقات مع إيران لا تزال قوية، والتي عكسها الاجتماع في الأمم المتحدة بين وزير الخارجية البرازيلي أنطونيو باتريوتا ونظيره الإيراني علي أكبر صالحي، والذي عقد بناء على طلب إيران. وأضاف نونيز أن البرازيل متشككة بشأن استخدام العقوبات لممارسة الضغوط على إيران.

لكن مدى التقارب بين تصريحات جوانفكر ووجهة نظر المؤسسة السياسية الإيرانية موضع جدل. فرغم تأثيره الكبير في دائرة كبار مستشاري الرئيس، حيث عمل كرئيس لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية والصحيفة اليومية الرسمية، فإن جوانفكر يتعرض لانتقادات شديدة وسط منافسة داخل القيادة الإيرانية. فقد حكم على جوانفكر بالسجن عاما لإهانة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الأمر الذي أدى إلى صدام بين أحمدي نجاد والمحافظين في الحكومة.

جدير بالذكر أن نجاد قام خلال جولته في أميركا اللاتينية الشهر الماضي بزيارة 4 دول ـ فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا والإكوادور ـ وجميعها ترتبط بعلاقات متوترة مع الولايات المتحدة، لكنها ذات نفوذ إقليمي محدود. ولم يتضمن برنامج الزيارة الدول الأكبر في القارة وهي البرازيل وكولومبيا والأرجنتين.

جهود إيران لعقد صداقات جديدة في أميركا اللاتينية تبدو أيضا لم تحظ بقبول وافر خلال الجولة، وفي استثناء واحد التقى أحمدي نجاد في ماناغوا، عاصمة نيكاراغوا، ديزي بوتيرسي، تاجر المخدرات المدان الذي أصبح الآن رئيسا لدولة سورينام الصغيرة.

لكن السفير الإيراني إلى البرازيل محسن شاطرزاده، أدهش الصحافيين الأحد الماضي عندما أخبرهم أن أحمدي نجاد يفكر في زيارة البرازيل خلال العام الحالي، وهو ما نفاه نونيز الذي أكد على أن وزارة الخارجية البرازيلية لم تتلق طلبا رسميا بالزيارة حتى الآن.

* شاركت ليز هورتا في كتابة هذا المقال

* خدمة «نيويورك تايمز»