وليد المعلم: مشروع الجامعة تدخل سافر في شؤوننا الداخلية تمهيدا للتدويل

وزير الخارجية السوري: إن ذهب العرب إلى نيويورك أو القمر فهذا شأنهم

وليد المعلم
TT

قال وزير الخارجية السوري، وليد المعلم: «إن ذهب العرب إلى نيويورك أو القمر فهذا شأنهم»، تعليقا على احتمال توجه الجامعة العربية إلى مجلس الأمن، مؤكدا استمرار قيادته بالحل الأمني في الوقت الذي ستتجه فيه إلى مرحلة ديمقراطية أكثر انفتاحا، ووضع دستور جديد لا يوجد في أي دولة عربية. وشن الوزير السوري هجوما عنيفا على وزراء الخارجية العرب واتهمهم بالالتفاف على تقرير بعثة المراقبين، ومحاولة رسم مستقبل سوريا بعيدا عن الشعب السوري. كما ندد المعلم في مؤتمر عقده يوم أمس، الثلاثاء، في وزارة الخارجية، بالمبادرة العربية، وقال إنها تدعو إلى تدويل القضية السورية. لافتا إلى أن الجامعة العربية لم تناقش تقرير بعثة المراقبين العرب، «واتخذت قرارا تعلم أن دمشق لن تقبله». واستهزأ المعلم بقرار الجامعة العربية تجميد عضوية سوريا في الجامعة، معبرا عن سعادته الشخصية بذلك.

وحول استمرار عمل المراقبين قال المعلم: «يجب التمييز بين القرار الصادر عن المجلس الوزاري الذي رفضناه رفضا قاطعا لتدخله لسافر في شؤوننا الداخلية، وقرار آخر صدر يدعو إلى استمرار عمل البعثة ويلبي الاحتياجات التي طلبها الفريق أول محمد الدابي».

وعن تطور الموقف الروسي قال وزير الخارجية: «لمست اليوم بحديثي مع نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن الموقف الروسي حار ولا يستطيع أحد أن يشكك في العلاقة الروسية – السورية، لأن لها مقومات وجذورا تاريخية تخدم مصالح الشعبين، وروسيا لا يمكن أن توافق على التدخل الخارجي في شؤون سوريا، فهذا خط أحمر». أما عن العلاقة مع إيران فقد وصفها بأنها علاقة «وطيدة وعميقة الجذور» لسببين: «الأول موقف إيران بعد الثورة من موضوع فلسطين الذي لا يجاريه بعض العرب، والسبب الثاني أن هذه العلاقة تخدم مصالح الشعبين، ولمسنا وقوف إيران إلى جانبنا خلال الأزمة في حين يتآمر علينا بعض العرب».

ولفت المعلم إلى أن روسيا لا يمكن أن توافق على أي تدخل خارجي في شؤون سوريا، وقال: «العلاقات بين سوريا وروسيا متجذرة»، متهما دولا عربية بالعمل على تدويل الأزمة السورية. واستبعد المعلم تمرير مشروع قرار بالعقوبات الاقتصادية في مجلس الأمن، وذلك وفق المعطيات الموجودة لدى الجانب السوري. وفي التفاصيل اعتبر وليد المعلم قرار المجلس الوزاري العربي أنه «التفاف على تقرير بعثة المراقبين العرب الذي لم يعجب أصحاب المخطط ضد سوريا التي يحاولون رسم مستقبلها بعيدا عن إرادة شعبها وكأنها دولة مسلوبة الإرادة، وهذا ما ينطبق عليه القول: فاقد الشيء لا يعطيه».

وفي تعليق على تصريحات وزير الخارجية التركي حول استعداد حكومته للدخول في الفصل بين المتحاربين، قال المعلم: «تصريحات وزير الخارجية التركي يومية وليس لدينا الوقت لنرد عليها، كما أن موقف حكومة رجب طيب أردوغان عدائي لسوريا، فماذا ننتظر منهم». وردا على سؤال عما إذا كانت سوريا تعتبر الخطة العربية تحضيرا لنموذج يمني، اكتفى المعلم بالقول: «اسمنا الجمهورية العربية السورية». وردا على سؤال عما إذا تلقى الجانب السوري تعليمات حول احتمال إقفال السفارة الأميركية في دمشق، قال الوزير المعلم: «هذا شأنهم، ولا نتلقى تعليمات من خارجية أميركية أو غيرها».

وفي إجابته عن سؤال يتعلق بوجود حاملة طائرات أميركية في مضيق هرمز وعما إذا كان يشكل ذلك تصعيدا جديدا في المنطقة، قال وزير الخارجية: «أي وجود عسكري يؤدي إلى تصعيد، ومن غير المتوقع من الولايات المتحدة أن تكون مع التهدئة، فهي تصعد في كل مكان، ولا أعرف لماذا تحتاج إلى حاملة رغم أن قواعدها منتشرة في بلدان الخليج، فهذا ليس إلا لزيادة التوتر». وفي ما إذا كانت سوريا سترفض الحلول العربية وتطوي صفحة المراقبين العرب، قال وزير الخارجية والمغتربين: «لا نريد الحلول العربية، فقد رفضنا المبادرة وعندما قرر مجلس الوزراء التوجه إلى مجلس الأمن قلنا إنهم تخلوا عن دور الجامعة العربية وهذا شيء منفصل عن دور المراقبين، لأن هناك قرارا صدر عن المجلس الوزاري يطلب تمديد مهمتهم شهرا آخر، ومع الأسف هم تخلوا عن الحلول العربية». وعن موقف الجانب السوري من نية دول مجلس التعاون الخليجي الاعتراف بالمجلس الوطني، قال المعلم بما ينطوي على تهديد: «سندرس هذا الوضع إذا اعترفوا لاتخاذ خطوة مقابلة، فكل بلد عربي مع الأسف لم يتركه الاستعمار إلا ترك فيه بيوتا من زجاج قابلة للكسر».

وفي ما يتعلق باحتمال دعم مجلس الأمن قرارات المجلس الوزاري العربي وزيادة العزلة السياسية والاقتصادية على سوريا، رأى المعلم إن «التوجه نحو مجلس الأمن كان منتظرا، وهذه المرحلة الثالثة من خطتهم، ولم يبق أمامهم سوى مرحلة أخيرة هي استدعاء التدخل الخارجي»، وقال: «في ما يتعلق بالتدويل فإن الموضوع ذو شقين، سياسي مرفوض، ولا أحد في الكون يستطيع أن يفرض على الشعب السوري خياره، فكيف إذا كان فاقدا للشيء فإنه لا يعطيه، والشق الآخر اقتصادي ومن الصعب أن يمر تدويل العقوبات الاقتصادية على سوريا في مجلس الأمن وفق معطيات لدينا». وحول إمكانية حصول مزيد من الانفتاح أمام وسائل الإعلام مستقبلا، قال المعلم: «سيكون هناك مزيد من الانفتاح والسبب بسيط؛ إذا دخل 100 صحافي إلى القطر وكان نصفهم موضوعيا والنصف الآخر غير موضوعي، فهذا مكسب لسوريا».

وعن الاستمرار بالحل الأمني مع تفاقم الأوضاع على الأرض وصعوبة تشكيل حكومة وحدة وطنية، قال المعلم إن «الحل الأمني فرضته الضرورة، واليوم أصبحت واضحة بوجود ما يسمى ميليشيا (الجيش الحر) المسلحة، وهناك مجموعات مسلحة أيضا لا ترتبط به وترتكب أعمالا إجرامية»، لذلك رأى المعلم أن «الحل الأمني هو مطلب جماهيري للشعب السوري، ولكنه ليس الوحيد، فهناك مساران أيضا؛ سياسي في الإصلاحات واقتصادي لتحسين الظروف والتغلب على الحصار الاقتصادي». مضيفا أن «المسار السياسي واضح، فنحن دعونا المعارضة الوطنية إلى الحوار والمشاركة في رسم صورة سوريا المستقبل، ولكن من المعارضة من يضع شروطا ومنها من لديه تعليمات من الخارج بأن لا يشارك في الحوار، أما المسار الأمني فتفرضه الضرورة على الأرض، لكنه ليس ما نرغب أن يسود». لافتا إلى أن هناك «حوارا جاريا ومستمرا».

وفي حين لفت المعلم إلى أن طلب أمين عام جامعة الدول العربية، نبيل العربي، التمديد لبعثة المراقبين في سوريا «موضع دراسة، وعندما تأتي التوجيهات فستتم الإجابة عليه»، أشار إلى أنه «بعد تسلم تقرير بعثة المراقبين، استنتجنا أن ما تضمنه لن يرضي بعض العرب الذين ينفذون مراحل المخطط الذي اتفقوا عليه في الخارج ضد سوريا، وما توقعناه قد حدث والتفوا على هذا التقرير رغم أنه البند الوحيد على جدول أعمال مجلس الجامعة، وقدموا مشروع قرار سياسي يعرفون سلفا أننا لن نقبل به لأنه قرار فاضح بالمساس بسيادة سوريا وتدخل سافر في شؤوننا الداخلية». وعن الحل الأمني الذي يتبعه النظام، لفت المعلم إلى أن «هذا ما فرضته الضرورة، واليوم هذه الضرورة أصبحت واضحة بوجود ما يسمى (الجيش السوري الحر) المسلح، وهناك جماعات أخرى مسلحة، لذلك الحل الأمني مطلب جماهيري للشعب السوري، ولكن ليس هو الحل الوحيد، فهناك مسار سياسي بالإصلاحات ومسار اقتصادي لتحسين الظروف والتغلب على الحصار. وفي ما يتعلق بالمسار السياسي فدعوتنا واضحة إلى المعارضة الوطنية للمشاركة في الحوار حول سوريا المستقبل، والبعض يضع شروطا والبعض الآخر لديه تعليمات بعدم الدخول في حوار، والجامعة العربية تحدثت عن حكومة بين الدولة والمعارضة، ونحن نقول إن الحكومة يجب أن تشمل المستقلين وهم بالملايين بالإضافة إلى المعارضة الوطنية».

وردا على سؤال، اعتبر المعلم أن «العقوبات الأوروبية الجديدة تؤثر على المواطنين، لكنها لا تؤثر على الوضع السياسي في سوريا»، ثم استطرد قائلا: «أنا أقر أن نصف أزمتنا الاقتصادية في سوريا هي بسبب هذه العقوبات الاقتصادية»، ولكنه قلل من فعالية العقوبات العربية على النظام السوري.