رياك مشار نائب رئيس دولة جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط»: وقعنا اتفاقا مع كينيا لإنشاء خط أنابيب يصل ميناء لامو الكيني

الشرطة السودانية تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين في دارفور

TT

وقعت دولة جنوب السودان مذكرة تفاهم مع كينيا لإنشاء خط أنابيب يصل إلى ميناء لامو الكيني، والمتوقع أن ينتهي العمل فيه خلال عام، في أول خطوة عملية تتخذها جوبا في تنفيذ قراراتها بإغلاق آبار النفط وعدم تصديره عبر السودان، وشددت على أنها تطالب بامتلاك خطوط الأنابيب العابرة إلى ميناء بورتسودان، باعتبار أنها أنشئت من أموال نفط الجنوب، ولوحت باللجوء إلى المحاكم الدولية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الخرطوم. وجددت الدولة حديثة الاستقلال رفضها للحرب مع الشمال، واعتبرت أن قرار إغلاق النفط سيادي.

وقال الدكتور رياك مشار، نائب رئيس دولة جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط»، إن حكومته وقعت اتفاقا أمس مع رئيس الوزراء الكيني الذي زار جوبا أمس وعاد إلى بلاده، بعد توقيع المذكرة الخاصة بإنشاء خط أنابيب يمتد من جنوب السودان إلى ميناء لامو الكيني لتصدير النفط الجنوبي. وأضاف «هناك تفاصيل فنية حول الشركات التي ستنفذ هذه الخطوط سيبحثها مجلس الوزراء اليوم.. لقد بدأنا استقلالنا الاقتصادي بوقف التصدير عبر الشمال، ومن ثم إيجاد البديل فورا، ولن نستجدي الخرطوم»، مشيرا إلى أن تنفيذ الخط سيأخذ فترة عام وشهرين لبدء تصدير النفط إلى العالم. وقال إن خط الأنابيب من مناطق الإنتاج إلى ميناء بورتسودان أخذ عاما كاملا بما فيه ضخ النفط عبر الخطوط، نافيا وجود مشاكل فنية من ارتفاع الأراضي الكينية عن جنوب السودان. وقال «حتى بورتسودان هي أعلى من شمال السودان وكان النفط يصل ويتم تصديره». وأضاف أن كل العمليات الفنية للنفط ستصبح في الجنوب، في ما عدا التصدير سيتم عبر كينيا، وأن هناك اتجاها إلى إنشاء خط عبر إثيوبيا إلى الموانئ الجيبوتية. وأضاف أن خطوط النفط إلى ميناء لامو الكيني ملكيته لدولة الجنوب التي ستدفع رسوم العبور ولن تتعدى دولارين وفق المعايير الدولية.

وقال مشار إن بلاده ستواصل المفاوضات مع الخرطوم وإنها لم تسحب وفدها المفاوض. وأضاف «نحن نسعى للاتفاق مع الحكومة السودانية، لكنها هي التي ترفض ذلك ولم يكن أمامنا من خيار سوى إغلاق النفط ومنع تصديره عبر الشمال»، ملوحا إلى أن حكومته ستلجأ إلى المحاكم الدولية لتطالب بحقها في امتلاك أنبوب النفط العابر حتى ميناء بورتسودان، معتبرا أن الخرطوم حقها يكمن في رسوم العبور وفق المعايير الدولية. وقال «في حال لم نتوصل إلى اتفاق حول سعر عبور نفطنا ولن ندفع بأكثر مما هو معمول به في العالم». وتابع «خطوط الأنابيب نحن أيضا لنا حق فيها ونطالب به، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق فسنلجأ إلى المحاكم الدولية». وأضاف «كما لدينا متأخرات وبواخر شحنت نفطنا وتم أخذها، كل ذلك سنطالب به، مع أننا نريد أن نتوصل إلى اتفاق مع حكومة الخرطوم، لكنها هي التي ترفض، ماذا تريدوننا أن نفعل؟»، مشددا على أن حكومته لن تقبل بمبلغ 32.8 دولار كرسوم عبور للبرميل الواحد مهما كانت الأسباب.

ورفض مشار اللجوء إلى الحرب بين دولته مع الشمال، وقال إن خيار الحرب غير مطروح في حكومته، إلا أن الخرطوم هي التي تواصل حربها ضد الجنوب. أضاف «نحن أوقفنا ضخ نفطنا وهذا حقنا، إلا أن الخرطوم كانت وما زالت تعتقد أننا جزء منها، وهذا سلوك غريب، حيث إنها تأخذ نفطنا بقوة عين وتريدنا أن نذعن لها». وقال «الخرطوم تعمل على فرض وجهة نظرها، ونحن لم نعتدها، بل العكس، هي ظلت تعتدي تحت كل الظروف وتقوم بعمليات القرصنة». وتابع «على كل حال نحن معها في مفاوضات أديس أبابا، وقدمنا الكثير من المقترحات للخرطوم بدءا من المنحة التي اقترحناها لسد الفجوة الاقتصادية بعد الانفصال وهي رفضت»، مشيرا إلى أن دولته اقترحت دفع مبلغ 2.6 مليار دولار، إلى جانب إعفاء متأخراتها على الخرطوم والتي تبلغ نحو 2.8 مليار دولار. وقال إن جوبا سعت لدفع جملة هذا المبلغ 5.4 مليار دولار، وإن الفجوة الاقتصادية للشمال تصل إلى نحو 7.4 مليار دولار. وأضاف أن الخرطوم قالت إنها ليس في مقدورها إيجاد المتبقي من الفجوة من قبل المجتمع الدولي. وتابع «هذه طبعا ليست مشكلتنا، نحن سعينا لحل هذه الفجوة، والخرطوم رفضت، لأننا نريد أن نعيش في سلام وتعايش وتعاون بين الدولتين، لكنهم رفضوا كل هذه المساعي». وأضاف «الكرة في ملعبهم، عليهم أن يصلوا إلى اتفاق، ونحن اتخذنا قرارنا، ولن نرجع إلا وفق المعايير التي أوضحناها، وسنمضي في إنشاء خطوط النفط حتى وإن توصلنا إلى اتفاق مع الخرطوم».

وفي تطور آخر، قال شهود عيان أمس إن الشرطة السودانية استخدمت الغاز المسيل للدموع في مواجهة متظاهرين هتفوا ضد وال جديد عينه الرئيس السوداني عمر البشير بدلا من الوالي الذي تم انتخابه في الانتخابات التي جرت في أبريل (نيسان) 2010 في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أمس.

وقال هؤلاء الشهود «أثناء احتفال باستقبال الوالي الجديد حماد إسماعيل، بدأ الذين حضروا لمكان الاحتفال يهتفون (لا نريد هذا الوالي) و(نريد والينا) و(كاشا والينا)»، في إشارة إلى الوالي الذي تم تنحيته الدكتور عبد الحميد كاشا.

وأضافوا أن الحاضرين قاموا بعد ذلك «برشق مكان جلوس المسؤولين الحكوميين بالحجارة، مما أجبر الشرطة على إطلاق الغاز المسيل للدموع واستخدام الهراوات لتفريقهم».

وتابع الشهود العيان أن «المتظاهرين تحركوا بعد ذلك إلى شوارع المدينة وأحرق بعضهم إطارات سيارات قديمة، مما جعل الشرطة تطلق مزيدا من الغاز المسيل للدموع».

وكان الرئيس عمر البشير عين حماد إسماعيل واليا لجنوب دارفور في العاشر من يناير (كانون الثاني) الحالي. كما قسم البشير دارفور لخمس ولايات بعدما كانت ثلاث ولايات من قبل.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، وقعت الحكومة السودانية اتفاق سلام مع تحالف من حركات متمردة في دارفور في العاصمة القطرية الدوحة، بوساطة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وقطر. ونص الاتفاق على إجراء استفتاء لمواطني دارفور حول الشكل الإداري لإقليم دارفور. ورفضت حركات تمرد رئيسية هذا الاتفاق.

ومن جهة أخرى، قالت ميليسا فليمنغ، المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، أمس، إن طائرات قصفت مخيما بجنوب السودان يؤوي (5000) لاجئ قرب الحدود مع دولة السودان أول من أمس، مما تسبب في مقتل (14) شخصا وإصابة فتى. وأضافت أن عدة قنابل أسقطت على مخيم الفوج الواقع على مسافة تقل عن عشرة كيلومترات عن الحدود في ولاية أعالي النيل الساعة العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي، ولم تقل فليمنغ إن دولة السودان وراء هذه الهجمات. وقالت الأمم المتحدة إنها نقلت 1140 لاجئا بعيدا عن الحدود ثم 4000 آخرين.

إلى ذلك، أدان مشار قصف الطيران الحكومي لمعسكر (إيدا) للاجئين في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، وقال إن المنطقة فيها لاجئون من جبال النوبة وصلوا البلدة إثر العمليات الحربية هناك. وأضاف أن الأمم المتحدة لديها وجود في المنطقة وهي تشهد على هذا الاعتداء السافر والمتكرر. وقال إن بلاده لن تخوض أي عمليات حربية ضد الخرطوم إلا دفاعا عن النفس، واصفا سحب روسيا لقواتها في حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان بالمؤسف، وأقر بأنه سيؤثر على عمل البعثة في القريب المنظور، لكنه عاد، وقال: «بعثة الأمم المتحدة استجلبت أربع مروحيات من بعثتها العاملة في الكونغو، وأعتقد أنها تعمل في سد الفجوة الروسية».