حماه تحت الحصار.. وعشرات القتلى بعد تدمير أبنية على رؤوس قاطنيها في حمص

مناوشات بين الجيش النظامي و«الجيش الحر» في باب القبلي وإدلب واعتقالات عشوائية بدمشق

مظاهرة نسائية في ثلاثاء الشكر والوفاء للاعلام الحر في حوران أمس (أوغاريت)
TT

قالت لجان التنسيق المحلية إن عدد الضحايا الذين سقطوا من السوريين أمس برصاص قوات الأمن والجيش النظامي بلغ في حصيلة أولية «52، 39 منهم في حمص (18 في باب تدمر وحدها)، و5 في حماه، و3 في درعا، واثنان في إدلب، وشهيد في كل من الرقة ودمشق ودوما».

واستمر تصاعد الأحداث الدموية في عدة مناطق من البلاد أمس؛ حيث شهدت عدة أحياء في مدينة حمص إطلاق نار كثيفا وفي بعضها جرى قصف مدفعي مثل حي كرم الزيتون وحي باب تدمر حيث تم قصف منزلين، وتم انتشال نحو 18 جثة من تحت الأنقاض، بحسب ما قاله ناشطون هناك بثوا مقاطع فيديو على شبكة الإنترنيت لمنازل تحترق قالوا إنها نتيجة القصف على بيوت في حي كرم الزيتون، الذي شهد أمس هجوما من قبل قوات الأمن والشبيحة، ترافق مع إطلاق قذائف «هاون»، الأمر الذي أدى لانهيار عدة مباني وسقوط العديد من القتلى والجرحى، ولا يزال هناك ضحايا تحت الأنقاض، بحسب ما قاله ناشطون، كما أظهر فيديو منازل مهدمة نتيجة القصف المدفعي على حي باب تدمر، وظهر في الفيديو طفلة تبحث عن ألعابها تحت الأنقاض. وسمع في حي الوعر أصوات انفجارات تجاوز عددها 14 انفجارا خلال نهار أمس، مع صوت إطلاق رصاص كثيف.

وفي مدينة القصير في ريف حمص، جرى إطلاق نار كثيف من أسلحة خفيفة وثقيلة في اشتباكات مع الجيش الحر في الحي الشمالي والحي الغربي في محيط المشفى الوطني ووسط المدينة، وتم إحراق مبنى المنطقة، وسقط قتيلان على الأقل وعشرات الجرحى بينهم امرأة وطفلان وأحد الإصابات خطيرة، وقال ناشطون إنه تم استهداف بعض المنازل بالقذائف الحية من الدبابات «تي 72» في الحي الشمالي، وإن القناص المتمركز على مبنى البلدية الذي يعد أعلى المباني ويكشف كل طرق وأزقة المدينة، كان يطلق النار على كل ما يتحرك، وقد قتل شاب مسيحي برصاص قناص وسط المدينة، كما قال ناشطون إن الجيش الحر تمكن من اعتقال ضابط في الجيش النظامي.

واقتحم الجيش السوري مدينة حماه أمس، التي باتت منطقة «مغلقة»، بعد منع حركة الدخول إليها من كل مداخلها ومنع الموظفين من التوجه إلى مراكز عملهم، مستقدما تعزيزات عسكرية ضخمة وحافلات مليئة بعناصر الأمن والشبيحة المسلحين، وفق ما أكده ناشطون من المدينة، أفادوا عن «استنفار أمني كبير شهدته أحياء المدينة الداخلية مع انتشار من عناصر الجيش والأمن وسط المدينة». وبدأ اقتحام مدينة حماه من جهتها الغربية، وتحديدا من حي الجراجمة وحي باب قبلي، في ظل إطلاق نار كثيف وسماع أصوات انفجارات في حيي الجراجمة وباب القبلي. وشدد النظام السوري حصاره بشكل خاص على حيي القبلي وباب الحميدية اللذين شهدا خروج مظاهرات حاشدة بحماية «الجيش السوري الحر» تطالب بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وفيما أكد ناشطون من المدينة لـ«الشرق الأوسط» أمس أن عناصر من «الجيش الحر» تصدوا للقوى النظامية عند مدخل حي باب القبلي، تعرض حي الحميدية لهجوم عنيف.

وعاش أهالي حماه أمس يوما طويلا، في ظل انقطاع كامل لخدمات الكهرباء والإنترنت والاتصالات عن المدينة، وبالتزامن مع حملة اعتقالات غير مسبوقة وإطلاق رصاص بشكل جنوني. وقال أحد ناشطي المدينة لـ«الشرق الأوسط» أمس: «ضاعف الجيش النظامي من انتشاره العسكري مما جعل المدينة خاضعة لحصار عسكري خانق»، مؤكدا «حدوث مناوشات بين (الجيش الحر) وعناصر النظام قرب حي باب القبلي، الذي شهد أمس إطلاق نار كثيفا».

وأفادت لجان التنسيق المحلية بأن «إطلاق نار شهدته أمس أحياء القبلي والبياض ودوار بلال، وتصاعدت أعمدة الدخان في منطقة المحطة وباب القبلي، في موازاة اعتقالات عشوائية على جميع الحواجز، خصوصا عند فرع الحزب القديم»، متحدثة عن أن «قناصين اعتلوا أسطح المباني المدنية المجاورة لمبنى فرع الحزب القديم».

وذكرت صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على موقع «فيس بوك» أنه «في الوقت الذي نقترب فيه من ذكرى مجزرة حماه، يقوم النظام باقتحام مدينة حماه لارتكاب مجزرة جديدة في حق هذه المدينة الصامدة الأبية، التي رفضت الذل والهوان، ووقفت في وجه الطاغية.. وها هي تقف الآن في وجه الوريث الصغير الطاغية الابن، ووكأن التاريخ يعيد نفسه، لكن النهاية هذه المرة حتما ستكون مختلفة».

وقال أحد أعضاء مجلس ثوار حماه لـ«الشرق الأوسط» إن اقتحام المدينة «جاء بعد مرور يومين على دخول أعضاء من لجنة المراقبين إليها»، متهما إياهم بتسريب ما حصلوا عليه من معطيات وصور لا سيما ما يتعلق منها بالجيش الحر وأسلحته إلى النظام، مما مهد لاقتحامه المدينة أمس، وقال في هذا الصدد: «توسلنا سابقا لأعضاء بعثة المراقبين أن يأتوا إلى المدينة ويطلعوا على أوضاعها، لكنهم كانوا يؤجلون وفجأة ومن دون سابق إنذار حضر أربعة مراقبين عراقيين وطلبوا لقاء عناصر من (الجيش الحر) وصوروا بهواتفهم الجوالة بعض العناصر وأسلحتهم والوضع في المدينة»، متهما إياهم بـ«التجسس لصالح النظام». وأكد الناشط الحموي أن «الخروج من حماه لا يزال متاحا، لكن الدخول إليها مستحيل»، في وقت بدت فيه واضحة من خلال شريط فيديو تم تحميله على موقع «يوتيوب» أصوات القصف الذي تتعرض له حماه. وكانت صفحة «الثورة الحموية» أعلنت بعد ظهر أمس عن مقتل ثلاثة أشخاص هم: عبد الرزاق محمود الجمعة (31 سنة)، وهو أستاذ في مدرسة ابتدائية، قضى «تحت تعذيب قوات الأمن الوحشية بعد اعتقاله في الحادي عشر من الشهر الحالي، والشاب المجند حمزة بن عادل القاسم وصفوان أفيوني، تحت التعذيب». أما في حمص، فقد شهدت المدينة ارتكاب مجزرتين على يد النظام الذي قصفت آلياته العسكرية أمس المنازل والمباني السكنية بشكل عشوائي، مما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين تحت الأنقاض. ففي حي باب تدمر، ذكرت صفحة «الثورة السورية في حمص - تنسيقية بابا عمرو»، أن «ميليشيات الشبيحة الطائفيين اقتحمت الحي وأطلقت النار بشكل عشوائي وكثيف، كما أقدمت على تكسير أقفال البيوت وسرقة محتوياتها وتدمير ممتلكات المنازل». وأكد ناشط من المدينة لـ«الشرق الأوسط» أن «مبنيين سقطا على رؤوس قاطنيهما في حي باب تدمر بعد قصفهما بمدافع ثقيلة، مما أدى إلى مقتل 23 شخصا على الأقل». وأظهرت صور نشرتها صفحات المعارضة أنقاض المبنيين، في وقت ذكرت فيه صفحة «الثورة السورية في حمص - تنسيقية بابا عمرو» أسماء 18 قتيلا (من عائلات العواني، كعدة، الكن، شرقية، البخيت، مشارقة..) تم انتشالهم من تحت الأنقاض، إضافة إلى انتشال ثلاث جثث أخرى لم يتم التعرف عليها. وفي حي كرم الزيتون بحمص، أظهرت مقاطع فيديو وصور نشرتها مواقع المعارضة السورية أطفالا ورجالا ونساء تم انتشالهم من تحت الأنقاض على خلفية تعرض منازلهم لقصف عنيف «بالصواريخ وقذائف الهاون بعد هجوم للشبيحة والأمن على الحي، مما أدى إلى انهيار عدة مبان وسقوط العديد من الشهداء والجرحى». وأفادت الحصيلة الأولية عن سقوط 10 قتلى على الأقل.

وفي حين شهدت جامعة حلب وجودا أمنيا كثيفا، خصوصا في كليات التربية والهندسة المعلوماتية والآداب والعلوم، بهدف منع الطلاب من الخروج في المظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الأسد، هز انفجار ضخم مدينة إدلب أمس، التي تعرضت لإطلاق نار طيلة النهار. وذكر ناشطون مساء أمس أن انفجارا استهدف مقرا أمنيا، كما وقعت اشتباكات بين قوات النظام والجيش الحر. وفي سراقب، تم استهداف الحاضرين في صلاة الغائب على روح رضوان ربيع الحمادي، بثلاث قذائف، أسفرت عن إصابة عدد الموجودين، في موازاة دوي إطلاق نار كثيف في معرة النعمان، واستهداف قصف مدفعي المنازل السكنية في جبل الزاوية - البارة. وشهد الأوتوستراد الدولي في درعا انتشارا أمنيا كثيفا. وذكرت لجان التنسيق المحلية أن بلدة خربة غزالة تعرضت «لإطلاق نار كثيف جدا من مدرعات عسكرية، في حين انشق سبعة عسكريين من الحواجز الأمنية الموجودة في بلدة الحراك رفضا لممارسات قوات النظام».

وفي دمشق، شن الأمن السوري حملة اعتقالات عشوائية شملت كل من وجد في كورنيش الزاهرة القديمة في حي الميدان، كما تمت مهاجمة كل من وجد في سوق أبو حبل من قبل عصابات الشبيحة والأمن.