فرنسا ترى أن خطة الجامعة العربية «تطور ثوري» ودول غربية أخرى تدعمها

جوبيه: ندرس تجميد ودائع البنك السوري المركزي في أوروبا

احتجاجات في حماه نصرة للأحياء المحاصرة أمس (أوغاريت)
TT

وصفت مصادر فرنسية رفيعة المستوى القرارات التي صدرت عن وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير في القاهرة بأنها «ثورية» وذهبت «أبعد مما كنا نتوقع» عندما دعت الرئيس السوري، عمليا، إلى التنحي وقررت نقل الملف السوري إلى الأمم المتحدة تحت ستار البحث عن «دعم دولي» لقراراتها. وقال وزير الخارجية آلان جوبيه على هامش استقباله للصحافة الدبلوماسية المعتمدة لدى وزارته بمناسبة العام الجديد إن باريس «تدعم» الخطة العربية التي تمخضت عنها أعمال الجامعة يوم الأحد الماضي كمخرج للأزمة السورية علما أن فرنسا تنادي منذ شهور برحيل الرئيس الأسد الذي تعتبره «فاقدا للشرعية». من جهتها أعلنت كندا دعمها للخطة العربية، ودعا وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أمس مجلس الأمن للاستماع للجامعة كما دعا السفير الألماني في الأمم المتحدة أن تأخذ مطالب الجامعة بعين الاعتبار.

وترى باريس أن الجامعة العربية، رغم الخلافات التي تمزقها وانشغال العديد من بلدانها بأوضاعها الداخلية، نجحت في تحويل الفشل الذي أصاب بعثة المراقبين التي أرسلتها إلى سوريا في الـ26 من الشهر الماضي إلى منصة لإطلاق مبادرة سياسية - دبلوماسية «تخطت ما كان منتظرا منها» خصوصا أنها تجاوزت أحد «المحظورات» في العالم العربي وهو المطالبة برحيل رئيس أو زعيم دولة. وبذلك، تكون الجامعة العربية قد حققت «سبقا» يمكن أن يحتذى به في المستقبل. ونوهت المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بأن الجامعة طرحت «خارطة طريق» لها روزنامتها الخاصة واستحقاقاتها المحددة زمنيا والتي تريد من مجلس الأمن الدولي أن يدعمها.

غير أن فرنسا تتوقف خصوصا عند التداعيات المنتظرة للمبادرة العربية في صيغتها الجديدة. فخلال الأسابيع الماضية وبالنظر إلى الطريق المسدود الذي وصلت إليه الأزمة السورية ميدانيا وعلى مستوى مجلس الأمن الدولي، رأى المسؤولون الفرنسيون أن العامل «الوحيد» الذي من شأنه أن يدخل تعديلا على موازين القوى السياسية والدبلوماسية يتمثل فيما تقوم به الجامعة. ولذا، فإن باريس دعمت الخطة العربية الأولى بعناصرها الأربعة «وقف القمع، انسحاب القوات والأسلحة، الإفراج عن المعتقلين والسماح للإعلام الدولي بحرية الحركة في سوريا» ودعمت تنفيذ البروتوكول الموقع مع دمشق والقاضي بإرسال بعثة المراقبين. وبعد أن تبينت سريعا «محدودية» مهمة البعثة وعجزها عن وقف القتل والقمع، دعت باريس إلى تدعيمها بالاستناد إلى الأمم المتحدة تأهيلا وخبرة وتقنيات وربما تطعيمها بعناصر دولية. لكن التطورات الأخيرة المتعلقة بالبعثة والقاضية بسحب مراقبي بلدان مجلس التعاون الخليجي ربما تكون بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير ووضعت حدا لمهمتها في سوريا.

لكن باريس، بحسب ما أوردته مصادرها، تنتظر أن تغير المبادرة العربية الوضع السائد داخل مجلس الأمن الدولي والمتمثل برفض روسيا «والصين» حتى الآن صدور أي قرار إدانة للقمع السوري. والتزمت المصادر الفرنسية جانب الحذر رافضة الإغراق في التفاؤل. لكنها ترى، في أي حال، أن موسكو ستجد نفسها محرجة إزاء المبادرة العربية إلى درجة أنها ستجد صعوبة في الاستمرار في شل عمل مجلس الأمن وفي رد طلب الجامعة العربية خصوصا أن لا العرب ولا أي جهة أخرى تطلب أو تلوح بعمل عسكري في سوريا.

وتعتقد باريس أن مجلس الأمن سيجري مشاورات من أجل معرفة «الصيغة» التي سيعتمدها لدعم أو «تبني» الخطة العربية. وثمة حلان: فإما أن يعمد المجلس إلى التصويت على قرار أو إلى إصدار بيان رئاسي. وفي الحالتين، يتعين معرفة الموقفين الروسي والصيني الأمر الذي ينبئ بمشاورات معقدة وطويلة. وتذكر المصادر الفرنسية أن باريس كانت، بلسان وزير خارجيتها أول من طالب بذهاب أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي إلى نيويورك لإطلاع مجلس الأمن شخصيا على مهمة البعثة العربية ونتائجها. أما الآن، فإن باريس ترى أن الوضع «تغير» ويجب «التعامل» معه من خلال المبادرة الجديدة. لكن فرنسا تريد وبأي حال ألا يساوي القرار أو البيان بين عنف وقمع السلطة من جانب وما تقوم به الانتفاضة للدفاع عن نفسها كما أنها تريد تضمين البيان أو القرار النقاط الأربع الواردة في الخطة العربية الأولى.

وما تقول باريس عن خطة الجامعة العربية يقول مثله الاتحاد الأوروبي إذ اعتبر سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة بيتر ويتينغ أن من شأن هذه الخطة «تغيير قواعد اللعبة» في مجلس الأمن الدولي. وأضاف ويتينغ، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية من نيويورك أن «الشيء الوحيد المفيد الآن هو تقديم الدعم الحقيقي لقرارات الجامعة العربية وإقرارها وأي شيء آخر سيعتبر ضعيفا». وبحسب ويتينغ، فإن الحاجة اليوم هي إلى «تحرك قوي من جانب المجلس ولرسالة واضحة للنظام والشعب في سوريا».

وترى المصادر الفرنسية أن تقدم ألمانيا إلى الصفوف الأمامية مؤخرا ربما يكون الغرض منه «التعويض» عن بقائها على مسافة من التطورات في ليبيا التي أفضت إلى سقوط نظام القذافي.

من جهته دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الجامعة العربية أمس إلى حث مجلس الأمن الدولي على إصدار قرار بشأن سوريا في الوقت الذي توشك فيه مهمة الجامعة هناك على الانهيار فيما يبدو.

وقال هيغ عقب محادثات مع نظيره الاسترالي في لندن «آمل أن توضح الجامعة العربية الوضع للأمم المتحدة في الوقت المناسب وتطلب من مجلس الأمن الدولي إصدار قرار ملائم يساعد في إنقاذ الأرواح في سوريا. وأشدد على الأهمية المطلقة لإطلاع الجامعة العربية مجلس الأمن الدولي على ما توصلت إليه بهدف اتخاذ المجلس إجراء ملائما». حسب «رويترز».

وقال سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة بيتر فيتيج أول من أمس إن طلب الجامعة العربية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتأييد دعوتها الرئيس السوري بشار الأسد إلى نقل سلطاته إلى نائبه قد ينطوي على تغيير لقواعد اللعبة بالنسبة لمجلس الأمن الذي وصل إلى طريق مسدود في هذا الشأن.

وأعلن وزير خارجية كندا أول من أمس أن بلاده تدعم خطة الجامعة العربية حول الرحيل الفوري للرئيس السوري بشار الأسد وتحث مجلس الأمن الدولي على تخطي «عجزه» في معالجة الأزمة السورية.

وقال جون بايرد في بيان «نشيد بتقرير واقتراح الجامعة العربية لحمل الأسد على الاستقالة والدعوة إلى انتخابات حرة: هذا الأمر مهم جدا نظرا إلى عجز مجلس الأمن الدولي حتى الآن في معالجة الأزمة في سوريا». وأضاف «نشدد على مجلس الأمن الدولي كي يبذل هذه الجهود التي تبذلها الجامعة العربية». حسب وكالة الصحافة الفرنسية.