سياسيون ومثقفون يقرأون مستقبل المشهد السياسي في مصر

قالوا لـ «الشرق الأوسط»: إن خروج المتظاهرين بالأمس يؤكد أن مطالب الثورة لم تتحقق بعد

صورة لإحدى المسيرات المتوجهة من شارع جامعة الدول العربية إلى ميدان التحرير أمس، في إطار المطالبة باستمرار أهداف الثورة (القاهرة: عبد الله السويسي)
TT

قراءة المشهد السياسي في مصر بعد حشود الأمس في ميدان التحرير، ظهرت بأكثر من لغة وأكثر من سيناريو، حيث اختلفت رؤى السياسيين والمثقفين لهذا المشهد، وما سوف تسفر عنه الساعات والأيام المقبلة، زاد من ذلك الاختلاف انقسام الميدان بين خروج للاحتفال بالثورة واستكمالها، وما تبعه من انقسام بين إخلاء الميدان أو الاعتصام به حتى تسليم السلطة للمدنيين.

فمن جانبه، يرى الناشط السياسي والقيادي السابق بحركة «كفاية»، جورج إسحاق، أن مصر ستشهد في المرحلة المقبلة حالة حراك سياسي توافقي يقوم على مبدأ أننا جميعا سنشارك في حكم البلاد، ولن يستأثر أحد بأي شيء مهما كانت مكانته بما في ذلك رئيس الجمهورية المقبل.

ورفض إسحاق الربط بين نزول الجماهير إلى الميادين الكبرى بالأمس والاحتفال بالذكرى الأولى لثورة يناير (كانون الثاني)، متابعا: «طالبنا بالأمس بعشرة مطالب أساسية للتأكيد على أن الثورة مستمرة، أهمها نقل السلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة، وتشكيل لجنة تقصي حقائق تتبع البرلمان للتحقيق في كل الجرائم التي ارتكبت ضد الثوار منذ اندلاع الثورة، وفتح جميع ملفات فساد النظام البائد، واسترداد الأموال المهربة للخارج، ووضع دستور توافقي يؤكد معرفة ميزانية القوات المسلحة، بالإضافة إلى حظر عمل القوات المسلحة في السياسة».

بينما وصف الداعية صفوت حجازي، المشهد السياسي المقبل في مصر بأنه مشهد بدأت ملامحه تتضح ولم تعد الصورة ضبابية مثلما كانت، قائلا «لقد بدأنا خطوات استكمال الثورة مع تشكيل برلمان منتخب ووجود رقابة على السلطة التنفيذية، ومع تشكيل جمعية تأسيسية لوضع الدستور خلال 4 أشهر قادمة، ومن ثم سيأتي رئيس جمهورية بانتخاب حر مباشر، كما اقترب وقت عودة المجلس العسكري لثكناته».

واعتبر حجازي أن ذهابه لميدان التحرير بالأمس لم يكن من قبيل الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة، قائلا «الاحتفال الحقيقي سيكون يوم نزولنا لميدان التحرير من أجل تنصيب رئيس جمهورية مدني منتخب، هذا هو العيد الحقيقي والاحتفال الحقيقي لنا، فالثورة لم تستكمل بعد، وفي الوقت ذاته هي لم تجهض ولكنها تحتاج إلى استكمال».

أما الدكتور حسن نافعة، رئيس لجنة التوافق الوطني التابعة للمجلس الاستشاري، فيقول: «المشهد بالأمس كان يبعث برسالة اطمئنان نحو المستقبل، فالشعب الذي يبدو بهذه القوة لاستكمال ثورته والدفاع عن شرعيته يعطي رسالة اطمئنان لمستقبله ومستقبل الثورة، لكن الأمر يحتاج إلى تنظيم لمعرفة الأخطاء التي وقع فيها الثوار من الشباب في الفترة السابقة»، مضيفا: «أتمنى أن يكون المجلس العسكري قد فهم الدرس جيدا، أتمنى أن يكون كل من مجلس الشعب والمجلس الاستشاري والحكومة قد فهموا الدرس كذلك، وكل ما نحتاجه بالفعل الآن هو إدارة رشيدة لما تبقى من المرحلة الانتقالية».

ويكشف نافعة لـ«الشرق الأوسط» عن أن «المجلس العسكري كان يراهن على أن الثورة ستنتهي وتجهض ثم ينصرف الناس إلى أعمالهم، ويعاد إنتاج النظام ببعض من الإصلاحات الجزئية، لكني أعتقد الآن أن هذه النظرية قد سقطت، ويجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يستنتج الدرس الصحيح، وأن يقوم بما عليه بأن يستكمل بناء مؤسسات النظام الديمقراطي للدولة».

ويرى المفكر القبطي جمال أسعد أن قرارات المجلس العسكري الأخيرة جاءت في محاولة لتهدئة الموقف، ويتوقع أن تنسحب التيارات الدينية من ميدان التحرير. ولا يتوقع أن تسفر الأحداث عن وقوع اشتباكات أو توترات، لأن المعطيات السياسية في يناير الماضي تختلف عن المعطيات السياسية في يناير الحالي.

من جانبه، أشار الفنان أشرف عبد الغفور، نقيب المهن التمثيلية عضو المجلس الاستشاري، إلى صعوبة التوقع لما سوف يسير إليه المشهد السياسي في مصر، لكن برأيه أن وجود ملايين المصريين في ميدان التحرير بالأمس «هو رسالة للجميع بأن الثورة لا تزال مستمرة، وما زالت قائمة وحية ونابضة، ولن تغفل أي مطلب من مطالبها»، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة لا تتطلب اللجوء إلى الاعتصام.

بينما يوضح الأديب يوسف القعيد، عضو جبهة الإبداع المصري، أن المشهد في ميدان التحرير على مدار أمس كان جيدا للغاية، وعلى الرغم من ما به من اختلاف في الهدف من الوجود؛ فإن الاختلاف قد يؤدي في النهاية إلى اتفاق، إذا سار المشهد في شكل سلمي حتى النهاية، من خلال تأمين الميدان وعدم دخول عناصر مندسة، بما يجعل من يوم أمس «ختاما جيدا لسنة ماضية، واستهلالا جيدا لسنة مقبلة». مضيفا أن «الأوضاع الراهنة لم تصل إليها مصر إلا من خلال الاعتصام والتظاهر، وبالتالي لا يجب أن يجرّم التظاهر».