النظام السوري يكثف عملياته في ريف دمشق ويحكم قبضته على حماه

«سانا» تتهم «مجموعات مسلحة» بقتل رجل دين مسيحي في حماه ومدير الهلال الأحمر في إدلب.. والمعارضة تتهم قوى النظام

محتجون ضد النظام السوري أثناء تشييع جنازة أحد الضحايا أمس بدوما بريف دمشق أمس (أوغاريت)
TT

واصل الجيش السوري أمس حصاره لمدينة حماه بعد اقتحامها، حيث تعرض حي القبلي تحديدا، وهو الحي الذي توجد فيه عناصر من «الجيش السوري الحر»، وفق ما نقله ناشطون لـ«الشرق الأوسط»، إلى حصار وقصف مركز بالمدفعية الثقيلة طال الحي من جهاته كافة، في وقت كثفت فيه قوات الأمن السوري من عملياتها العسكرية في ريف دمشق، محكمة حصارها على بلدة رنكوس، في ظل حملة اعتقالات عشوائية وسقوط عشرات القتلى والجرحى في عدد من المدن السورية في «أربعاء دوما أم الأحرار».

وفي حماه، دعت الهيئة العامة للثورة السورية رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق محمد الدابي «لزيارة المدينة ولرؤية المدرعات الثقيلة قبل أن تدمر المدينة ثم يقوم النظام السوري بسحبها إلى مطار حماه العسكري الذي لا يبعد عن المدينة سوى عشر دقائق». وكانت المدينة تعرضت أمس لقصف بأسلحة الثقيلة من مدرعات (بي إم بي) وقذائف (آر بي جي). وذكرت لجان التنسيق المحلية أن «الشبيحة وعناصر الأمن مدعومين بالآليات العسكرية والدبابات قصفوا حي باب قبلي»، مشيرة إلى «تهدم أبنية عدة وسقوط جرحى وشهداء، لم يتمكن الأهالي من الوصول إليهم نتيجة القصف العشوائي المستمر».

وقدرت اللجان عدد الجنود المنتشرين داخل حماه بـ4000 آلاف جندي، موضحة أن «الجيش أطلق قذائف (آر بي جي) وقنابل مسمارية على المنازل، كما قام بإطلاق النار من رشاشات ثقيلة في حي جنوب الملعب.

وفي تقرير نشرته عن الوضع الميداني في حي باب قبلي في حماه، أفادت «صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد» على موقع «فيس بوك» نقلا عن ناشطين، بانسحاب عناصر «الجيش الحر» من الحي «بعد أن كبدوا جنود بشار، الذين لم يتمكنوا من دخول الحي إلا بعد خروج أبطالنا منه، خسائر فادحة»، مشيرة إلى أن «ميليشيات بشار الجبانة التي لا تستعرض عضلاتها إلا على المدنيين العزل، قامت بعد ذلك بحملة دهم للمنازل واعتقالات عشوائية للكثير من الشباب».

ويصادف الهجوم على مدينة حماه ذكرى مجازر حماه التي حصلت عام 1982، وقال ناشطون في حماه إنهم لن يسمحوا بتكرار تلك المجازر، وناشدوا «الضمائر الحية في العالم» لوقف الهجوم على حماه. كما تم توجيه نداء إلى الجيش الحر في كل مكان في البلاد للقيام بقطع «كل الطرق المؤدية إلى حماه منعا لوصول الإمدادات للقوات النظامية»، وطلبوا ممن لم يستطع قطع الطرق أن «يحرق الأرض تحت إقدام القوات النظامية في منطقته».

وبث ناشطون مقطع فيديو قالوا إنه لقصف لمأذنة جامع السرجاوي، كما أعلن ناشطون مقتل كاهن كنيسة السيدة برصاص قناص بينما كان متجها لصلاة جنازة في حي الجراجمة، إلا أن وكالة الأنباء السورية (سانا) التي أوردت النبأ، قالت من جانبها إن «جماعات إرهابية مسلحة اغتالت الأب باسيليوس نصار الكاهن في بلدة كفربهم بحماه». أما التلفزيون السوري، فقال إن «الكاهن قتل برصاص مجموعات إرهابية مسلحة بينما كان الكاهن يسعف أحد الجرحى».

وفي محافظة إدلب، قال ناشطون إنه تم استهداف سيارة الهلال الأحمر من قبل قوات الأمن في منطقة خان شيخون، أسفرت عن مقتل الطبيب عبد الرزاق جبيرو، وإصابة السائق ومرافق.

وقالت وكالة (سانا) إن «مجموعة إرهابية مسلحة اغتالت رئيس فرع منظمة الهلال الأحمر بإدلب الدكتور عبد الرزاق جبيرو في شمال خان شيخون». ونقلت عن مصدر وصفته بأنه «رسمي مطلع» قوله «إن مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت الدكتور جبيرو بنيران أسلحتها الرشاشة وأصابته بالرأس، حيث أسعف على أثرها إلى مشفى المعرة وفارق الحياة»، كما شيع يوم أمس من مشافي تشرين وحمص واللاذقية العسكرية إلى مثاويهم الأخيرة جثامين 14 قتيلا من قوات الجيش النظامي سقطوا أثناء تأدية مهامهم في حمص وإدلب وريف دمشق وحماه ودرعا.

وقال ناشطون في مدينة إدلب إن الجيش الحر سيطر على مدينة إدلب ما عدا المنطقة التي تتمركز فيها قوات الأمن والجيش في مركز المدينة، وأن الجيش الحر قام بنصب أكثر من عشرين حاجزا في مدينة إدلب، وأن هناك مفاوضات تجري بين الجيش الحر والجيش النظامي، حول انسحاب الجيش الحر من منطقة السوق مقابل الإفراج عن كافة المعتقلين.

وقالت لجان التنسيق المحلية إن انشقاقات كبيرة في الجيش حصلت يوم أمس في مدينة معرة النعمان في ريف إدلب وجرت اشتباكات عنيفة هناك، جرى خلالها استخدام الأسلحة الثقيلة.

وفي ريف دمشق، جرت اشتباكات عنيفة في منطقة القلمون، وتحدث ناشطون عن انشقاق عدد من الجنود من اللواء 27 الواقع شرق رنكوس حيث دارت اشتباكات عنيفة هناك، وقامت قوات الجيش النظامي بقصف مزرعة كريسة بعدما قامت أكثر من ستين دبابة بمحاصرة المنطقة، وسمع دوي انفجارات قوية. كما تم قصف قرى حوش عرب وقرية جراجير بالدبابات واقتحامها والقيام بحملة اعتقالات وسقط هناك ثلاث قتلى.

وتجددت الاشتباكات في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وقامت قوات الأمن والجيش باقتحام بلدة عربين بعدما دخلت مشيا على الأقدام من جهة مفرق حرستا والقابون، وجرت اشتباكات مع الجيش الحر الذي كان منتشرا داخل المدينة. وفي مدينة دوما المتصلة ببلدات حرستا عربين سقبا حمورية، حيث كانت تدور اشتباكات عنيفة بعد ظهر يوم أمس، جرت أيضا اشتباكات في مدينة دوما، وقالت مصادر محلية إن أعدادا جديدة من المنشقين عن الجيش النظامي انضموا للجيش الحر وقد استخدموا أسلحة ثقيلة في اشتباكهم مع القوات النظامية، عند حاجز الجرة حيث سمعت أصوات انفجارات قوية هناك ترافقت مع انقطاع تام للكهرباء عن دوما. ووصف الوضع مساء أمس في الغوطة الشرقية (حرستا عربين جسرين سقبا حمورية دوما) بأنها ساحة حرب، كما امتدت الاشتباكات لتصل بلدة المليحة، وكلها مناطق محيطة بالعاصمة وتتصل بها عبر أحياء من العشوائيات.

وذكرت أنه تمت مشاهدة اقتياد أشخاص كثر من الحي إلى فروع الأمن وهم «مقيدو الأيدي ومعصوبو الأعين، حيث تم تجميعهم في باصات وقد خرجت أمهات وزوجات المعتقلين يبكون ويستغيثون». وأفادت عن قيام «المافيات الأسدية» باعتقال رجل ثمانيني مسن يدعى شاكر النعسان، بعد أن «قامت عصابات الأمن بتكسير منزله ونهب جميع مقتنياته».

وذكر ناشطون من المدينة أن «مجموعة من القناصة تمركزوا فوق أسطح المباني العالية وفوق مئذنة مسجد الشيخ إبراهيم الحافظ المطلة على باب قبلي وحي الحوارنة».

كما حاصرت الآليات العسكرية قرية جراجير، التي تعرضت لقصف مدفعي وبالرشاشات الثقيلة، مما أدى إلى مقتل ثلاثة من أبنائها (محمود عقاب درة، ظافر أحمد الصالح وأيمن محمد العبد). وأكد ناشطون أن القوى الأمنية نفذت «حملة اعتقالات عشوائية في جراجير، وسط مداهمات عنيفة وتخريب للمنازل». وشمل الحصار الأمني كلا من بلدات يبرود وحوش عرب وعربين، التي شهدت اشتباكات بين عناصر الجيش النظامي و«الجيش الحر».

وقال أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» إن «اشتباكات دارت بين (الجيش الأسدي) وعصابات الأمن والشبيحة من جهة وكتيبة (سباع الجرد) التابعة للهيئة العامة لحماية المدنيين في القمون (ريف دمشق)، حيث استطاع عناصر الكتيبة التصدي لقوات الأسد وحماية الأهالي».

وفي دير الزور، قالت «لجان التنسيق» إن «عناصر الأمن والشبيحة قاموا باقتحام ثانوية القورية للبنات، حيث تم طرد الطالبات والمعلمين منها، ومن ثم تمركزوا فيها وتم نشر القناصة على أسطح المدرسة وإقامة حاجز أمامها». واستمر النظام السوري في محاولاته منع طلاب جامعة حلب من التظاهر أمام كلياتهم، حيث توقف باص تابع لقوى حفظ النظام أمام كلية المعلوماتية، في ظل وجود أمني في كل من كليات التربية والهندسة الميكانيكية والهندسة المعلوماتية والهندسة المعمارية.

وفي غرب القصير بمحافظة حمص، قتل الطفل حسن محمد الأحمدو (خمس سنوات) ووالدته بعد سقوط قذيفة على منزلهما. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أشار أمس إلى مقتلهما «إثر سقوط قذيفة على منزلهما في قرية غرب القصير».

وكانت «لجان التنسيق المحلية في سوريا» أفادت بأن أحد عشر شخصا، بينهم طفل وسيدتان، قتلوا حتى الخامسة من مساء أمس، أربعة منهم في ريف دمشق، وثلاثة في حماه، واثنان في حمص واثنان في إدلب.

وفي ريف حمص، استمرت الاشتباكات في مدينة القصير طوال نهار أمس، لتشهد هدوءا نسبيا عند المساء قبل أن تعود لتتجدد خلال الليل، وقال ناشطون إن «الجيش الحر» اشتبك مع القوات النظامية عند المشفى الوطني الذي تحول إلى ثكنة عسكرية تتمركز فيها قوات الأمن والجيش، وقال ناشطون إن «الجيش الحر» هجم على حاجز قرية الضبة في ميط مدينة القصير وتمكن من تدمير دبابة متمركزة هناك، كما تمت مهاجمة غالبية حواجز الجيش الموجودة داخل البلدة، وخلال اليومين الماضيين سقط هناك أربعة قتلى، بينهم امرأة وطفل قتلا نتيجة سقوط قذيفة هاون على منزل سكني، وشاب برصاص قناص وآخر برصاص عشوائي أطلق في الحي الغرب، كما أصيب أكثر من 18 شخصا آخرين.