الجيش الليبي يتهم الإعلام بالمبالغة.. وينفي سقوط بني وليد في أيدي أنصار القذافي

الحكومة الانتقالية دشنت خلية لإدارة الأزمات.. ووزير الدفاع زار المدينة

وزير الدفاع الليبي أسامة الجويلي خلال لقائه مع شيوخ القبائل في مدينة بني وليد لدى زيارته لها أمس (أ.ف.ب)
TT

دشنت الحكومة الانتقالية في ليبيا غرفة عمليات خاصة بقيادة اللواء يوسف المنقوش، رئيس أركان الجيش الليبي، للتعامل بطريقة حاسمة مع ما وصفته بالأحداث الطارئة والعناصر التي تدبر لها في الخفاء، والبت في أمرها بصورة مستعجلة.

وأعربت الحكومة، التي يترأسها الدكتور عبد الرحيم الكيب، عقب اجتماع عقدته أمس في العاصمة الليبية لمناقشة الاضطرابات والمصادمات الأمنية التي ظهرت مؤخرا في بعض المناطق، عن أسفها لحدوث مثل هذه الظواهر السلبية، التي أكدت أنها تتضارب بشكل مباشر مع أهداف ثورة 17 فبراير (شباط) من العام الماضي، ومع تطلعات الشعب الليبي.

وحثت الحكومة الليبية في بيان لها جميع المواطنين على توخي الحذر، والتعاون مع مؤسسات الدولة بمختلف أنواعها، من أجل الحفاظ على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها والانطلاق نحو البناء والوحدة الوطنية الشاملة.

وبدا أمس أن بيان الحكومة هو بمثابة أول تعليق رسمي على تأكيدات لمحللين بأنها فقدت السيطرة على معقل سابق للقذافي، بعدما قام سكان محليون في بلدة بني وليد بانتفاضة مسلحة وطرد الميليشيات الموالية للمجلس الوطني الانتقالي، بعد إعلان أعيان في المدينة أنهم عينوا حكومتهم المحلية الخاصة بهم ورفضوا أي تدخل من السلطات في العاصمة طرابلس.

وقبل يومين فقط، أعلن نحو 200 من الشيوخ الذين تجمعوا في أحد مساجد بني وليد، إلغاء المجلس العسكري للمدينة الذي عينه المجلس الوطني الانتقالي، وتعيين مجلس محلي خاص بهم، في تحد مباشر لسلطة الحكومة في طرابلس. وقال أحد الشيوخ، واسمه علي زرقون، لوكالة «رويترز» في المسجد «إذا كان (رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى) عبد الجليل سيفرض أي شخص علينا فلن نقبل بأي شكل من الأشكال». وستزيد انتفاضة البلدة الشكوك لدى الغرب في قدرة حكومة المجلس الوطني الانتقالي على فرض سيادة القانون الحاسمة لإعادة عمليات تصدير النفط ونزع سلاح الميليشيات القبلية وحماية الحدود الليبية في منطقة ينشط فيها تنظيم القاعدة.

وبينما زار أمس وزير الدفاع الليبي أسامة الجويلي بلدة بني وليد، وهي معقل سابق للعقيد الراحل معمر القذافي وتبعد مسافة 170 كيلومترا عن طرابلس، في محاولة للتأكيد على عدم سقوط البلدة كليا في أيدي الموالين للقذافي، اتهم رئيس أركان الجيش الليبي اللواء يوسف المنقوش وسائل الإعلام بتضخيم الأحداث المؤسفة التي شهدتها المدينة مؤخرا وأسفرت عن مصرع سبعة وإصابة 12 آخرين.

وقال المنقوش في حوار بثته قناة «ليبيا» الفضائية، إنه حصل تضخيم إعلامي كبير لما حدث أمس في بني وليد، وهو ما أدى إلى تناقل الناس لأخبار لا أساس لها من الصحة، لافتا إلى أن ما حدث كان بسبب محاولة إطلاق سراح شخص مطلوب القبض عليه، فحدث احتكاك نتج عنه اشتباك مسلح أسفر عن وفيات وجرحى، مشددا على أن الموضوع تم تداوله إعلاميا بشكل مضخم جدا. وأضاف «أنا سمعت شخصا يقول في مداخلة له في إحدى القنوات، إنه تم سحق الثوار في مدينة بني وليد وتمت محاصرتهم». ومع ذلك فقد أقر المنقوش بوقوع احتكاك واشتباك مسلح، لكنه عاد ليقول إن ما حدث ليس بهذه الضخامة، وإنه تم تقريبا تطويق الأمر، مشيرا إلى أن هناك لجانا موجودة في بني وليد للمصالحة، ووصف الوضع الأمني بأنه مستتب هناك.

وشرح طبيعة هذه الاشتباكات قائلا «كان الثوار في معسكر خاص بهم، وهو معسكر 28 مايو، وفي الطرف المقابل كان الأهالي يطالبون بإطلاق سراح الشخص الذي تم القبض عليه، لكن من خلال هؤلاء الأهالي اندس بعض الأزلام وهم الذين بدأوا الاشتباك المسلح والذي نتج عنه اشتباك ما بين الطرفين».

واعتبر أن مهاجمة متظاهرين محتجين لمقر المجلس الوطني الانتقالي في مدينة بنغازي مؤخرا يعكس الاحتقان في الشارع الليبي، مضيفا «الناس لها مطالب، وهي مطالب مشروعة، ومن حقها أن تطالب، وهناك اعتصامات في كل مكان، وهذه أشياء مشروعة، لكن في بعض الأحيان تخرج الاعتصامات عن وضعها الطبيعي والمقبول، مشيرا إلى وجود بعض الأشخاص المندسين في هذه الاعتصامات بهدف إحداث الفتنة والبلبلة «لكن وعي الناس في الأخير هو الذي يتغلب»، على حد قوله.

وأجرى الجويلي، وزير الدفاع الليبي، محادثات في بني وليد، فيما أقامت قوات تابعة للمجلس الانتقالي نقاطا للتفتيش على مداخل المدينة لمنع عملية الدخول والخروج منها. وأعلن عبد الله المهدي، أحد عناصر كتائب الزنتان النافذة التي قاتلت النظام السابق، أن «الجويلي موجود في الداخل، يتفاوض، وسنجد حلا للمشكلة، وإلا فنحن مستعدون للقتال».

من جهته، أعلن وزير الداخلية الليبي، فوزي عبد العال، أنه تم استيعاب أكثر من ثلاثة آلاف من ثوار طرابلس بوزارة الداخلية، موضحا خلال مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بطرابلس، أن العمل لا يزال مستمرا في باقي المدن لاستيعاب بقية الثوار عبر أكثر من 17 لجنة تم اعتمادها. وأعلن صدور قرار من مجلس الوزراء بإعطاء صفة مأمور الضبط القضائي لكل منتسبي اللجان الأمنية أو اللجنة الأمنية المركزية واللجان الأمنية الفرعية، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية وضعت جملة من الترتيبات تحت إشراف الأمم المتحدة للتدريب، بالإضافة إلى تشكيل فريق تنسيقي يتولى تنظيم أعمال التعاون مع بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا خاصة مع الدول الراغبة في التعاون الثنائي، على أن تحدد الفترة الزمنية التي تحتاجها كل دولة.

وكشف النقاب عن عقد اجتماعات مع عدد من الدول، حيث وقعت مذكرتي تفاهم مع الأردن وتركيا للتعاون معهما في المجالات الأمنية والتدريبية، موضحا أنه سيبدأ في إيفاد الثوار لهاتين الدولتين اعتبارا من منتصف الشهر المقبل. كما أعلن أنم تم الاتفاق على تشكيل فريق مصغر من ليبيا والأمم المتحدة والإمارات وإيطاليا لإعداد خطة تدريبية تستهدف الثوار ومنتسبي وزارة الداخلية.

ومن جانب آخر، خصص المجلس الوطني الانتقالي اجتماعه بطرابلس برئاسة المستشار مصطفى عبد الجليل، لمناقشة القضايا التي لها علاقة مباشرة بالحياة اليومية للمواطن الليبي، خاصة ما يتعلق بالأمن والعدالة، والوضع المالي للدولة، وعلاقته بالمرتبات والسيولة المالية في المصارف. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن عبد الجليل قوله إن النائب العام استعرض خلال هذا الاجتماع المصاعب التي تعوق أداء مهامه، ومن ضمنها الأمور الأمنية، حيث إنه لا يوجد أمن يغطي هذه العملية بشكل كاف حتى تتحقق العدالة، موضحا أنه تم تشكيل لجنة قانونية لمتابعة هذا الموضوع.

وأعلن عبد الجليل أن السيولة في المصارف ازدادت خلال الفترة ما بين شهري نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والشهر الحالي، لتصل من نحو 216 مليون دينار، إلى نحو 970 مليونا، مشيرا إلى أن دخل النفط بلغ خلال الفترة من أغسطس (آب) الماضي إلى نهاية العام الماضي نحو 3.4 مليار دينار ليبي، فيما بلغ منذ بداية الشهر الحالي وحتى اليوم نحو 800 مليون دينار.

إلى ذلك، قال جمعة القماطي، الناشط السياسي الليبي والمنسق السابق للمجلس الوطني الانتقالي في بريطانيا، إن الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الرحيم الكيب متفقة وتعمل بقوة وجهد على التعامل مع الملفات المهمة ومعالجة الأولويات. وبالنسبة للمجلس الوطني الانتقالي (يضيف القماطي) فإنه يتعرض لانتقادات بسبب ضعفه في الأداء وعدم قدرته على التعامل بسرعة.

وزاد القماطي قائلا في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «أثيرت شبهات حول قلة من أعضائه اتهموا بأنهم يسعون لخدمة مصالحهم الشخصية، وبالتالي فإنه يعاني حاليا من أزمة ثقة، وهو هدف سهل لأنه لم يتم انتخابه مباشرة من الناس، باعتبار أن شرعيته كانت بالتوافق».

وبشأن الفرق بين دور الحكومة ودور المجلس الانتقالي، قال القماطي «يفترض أن الحكومة هي التي تتولى جميع السلطات التنفيذية وتسيير البلاد، والمجلس دوره سياسي سيادي فقط وتشريعي، لكنه للأسف تجاوز أحيانا دوره مما سبب حساسيات ونقدا».

وأكد القماطي أنه رغم الصعوبات والنقد والحراك فإن الأوضاع مطمئنة وتبشر بخير، والبلد مستقر وموحد، مشيرا إلى أن ليبيا تسير على طريق التحول الديمقراطي، وبصدد وضع مشروع قانون الانتخاب وتأسيس مفوضية عليا للانتخابات، وستشهد أول انتخابات مباشرة لمؤتمر (برلمان) سيتسلم قيادة البلاد من المجلس الوطني الانتقالي. وأضاف «قد يطلب من الحكومة أن تواصل أو يغيرها». وبخصوص ما حدث في بني وليد، قال القماطي «هي خلافات داخلية بين قبائل حول مساجين يريد البعض إطلاق سراحهم أو خلافات على نفوذ ومبان، أو بين بقايا من كانوا يؤيدون القذافي وجهات من مؤيدي الثوار». وأكد القماطي أن الأمور الآن توجد تحت السيطرة وما تتناقله وسائل الإعلام معلومات مبالغ فيها.

وفي القاهرة، قال مسؤولو الطيران إن السلطات المصرية لم تسمح بمغادرة طائرة تابعة لـ«الخطوط الليبية» أمس أرض المطار بعد عثور مضيفة على ما اشتبه في أنه قنبلة في حمام الطائرة، وتبين أنها عبوة غاز مسيل للدموع.

وكان من المقرر أن تغادر الرحلة 203 المتجهة إلى طرابلس مطار القاهرة الدولي حينما عثر أحد أفراد طاقمها على «جسم معدني» في حمام بالطائرة قبيل إقلاعها.

وقال مسؤول إن «كابتن الطائرة سارع بإخطار سلطات الأمن في المطار، فصعد مسؤولون أمنيون وخبراء مفرقعات على متنها ووجدوا عبوة غاز مسيل للدموع». وأضاف المسؤول «بعد تفتيش دقيق لم يتم العثور على أي شيء آخر في الطائرة، ويستجوب المسؤولون الآن الركاب الذين كانوا على متنها وعددهم 75 راكبا». وستبقى الطائرة في القاهرة لحين الانتهاء من التحقيق.