12 شهرا غيرت وجه الحضور العربي في «دافوس»

قياديو الأحزاب الإسلامية في شمال أفريقيا يجتمعون بالقيادات العالمية

TT

انطلق المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أمس، وسط أجواء مختلفة عن تلك التي حددت اجتماعاته العام الماضي، وخاصة في ما يخص العالم العربي. وربما المؤشر الأبرز في تحديد التغيير الذي طرأ على العالم العربي وعلاقاته مع الخارج هو الشخصيات العربية المشاركة في المنتدى لهذا العام. فأبرز الوجوه من العالم العربي هم رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي، ورئيس الوزراء المغربي بن كيران، وهما يتبوآن المنصبين نتيجة الثورات والتقلبات التي شهدها العالم العربي خلال العام الماضي. أما مصر، فبعد أن كان المشاركون في منتدى الاقتصاد العالمي العام الماضي يتابعون عن بعد نشوب شعلة نار الثورة المصرية قبل عام تحديدا من جبال الألب، فإنهم يلتقون هذا العام بمرشحين للرئاسة المصرية عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح. وكان موسى قد حضر المنتدى العام الماضي أمينا للجامعة العربية وغير متأكد من تداعيات الثورة التونسية، وقد وصل أمس إلى دافوس مستعدا لتقديم نفسه كالمرشح الأبرز للرئاسة المصرية. وأما أحمد زويل، الذي تمت الإشارة إليه أمس في دافوس على أنه أحد «الحكماء» بين رجال الدولة العرب، فحرص على تقديم رؤية حول القيادة والحوكمة في المرحلة المقبلة في مشاركته في اليوم الأول للمنتدى الاقتصادي العالمي.

وبالإضافة إلى الشخصيات، ففحوى الجلسات والندوات، وغالبيتها مغلقة وغير مفتوحة للتغطية الإعلامية، تغير بشكل كبير. فكانت الجلسة الأولى حول المنطقة، أمس، بعنوان «الإطار العام الجديد للعالم العربي»، حيث طرح كل المتغيرات والتحديات في المنطقة للمرحلتين السابقة والمقبلة. ولم تكن المداخلات في مجملها على الوضع السياسي، بل الوضع الاجتماعي ومطالب الشعوب السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى رسم شكل الحياة المعاصرة. وخلال الأيام المقبلة، هناك ندوتان حول «دور الدين في السياسة»، مع إشارة واضحة إلى الأحزاب الإسلامية. كما تم تداول التساؤلات حول الهوية العربية في الوقت الراهن وضرورة عدم فرض تسميات مثل «الهوية الإسلامية» أو «الهوية العلمانية» على دولة معنية، حيث تم التأكيد على أهمية الدمج بين الرؤى المختلفة لمستقبل الدول العربية.

ولفت الرئيس التنفيذي لمؤسسة «صلتك» طارق يوسف المشارك في المنتدى إلى أن «نخبة جديدة من العرب باتوا يمثلون العرب في الخارج، وهذا أمر طبيعي في هذه المرحلة». ولكنه أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة هي أن الغرب لم يتفهم ذلك بعد، ما زالت الدول الأوروبية تفكر حول ما يحدث وتحاول فهمه ولكن الشعور الأولي هو التخوف»، مشددا على أهمية التوعية وشرح سياسات الحكومات والأحزاب الجديدة.

وهناك وعي كامل للقائمين على المنتدى الاقتصادي هذا العام بأن عقد المنتدى يتزامن مع الذكرى الأولى لاندلاع الثورتين التونسية والمصرية، ولذلك حرصوا على عقد ندوات عدة حول المنطقة، بالإضافة إلى مشاركة مجموعة من الشباب الناشطين من العالم العربي لتقديم رؤية مختلفة عن واقع دولهم.

ويذكر أن المنتدى الاقتصادي العالمي أنهى أعماله العام الماضي بجلسة حول مستقبل تونس بحضور مدير البنك المركزي التونسي مصطفى نابلي، الذي كان شعاره المكرر للغرب خلال الأيام الأولى بعد سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي «اكفونا شركم». ولكن الآن المشاركة التونسية تركز على أهمية الدعم الاقتصادي والانفتاح مع الانتباه للتحديات الداخلية. ومن المتوقع أن يكشف رئيس وزراء تونس عن رؤيته الاقتصادية لبلاده خلال المنتدى الاقتصادي العالمي.

وهناك أيضا مشاركة مرتقبة لرئيس الوزراء الأردني عون خصاونة، وهي مشاركته الأولى رئيسا لوزراء بلاده. وهو يمثل الاستمرارية في بعض الدول العربية مع العمل على الإصلاح ضمن متقلبات المنطقة. وأما البحرين، فكانت غالبية مشاركتها من قبل الشخصيات المختصة بالتنمية الاقتصادية في البلاد.

ولكن، هناك قضية تتكرر كل عام على أجندة «دافوس» وهي القضية الفلسطينية. ويقدم اليوم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض رؤيته حول إمكانية إحلال السلام في الشرق الأوسط إلى جوار الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، في جلسة طولها 45 دقيقة، من غير المتوقع أن تقدم حلولا جديدة لما تمر به المفاوضات بين البلدين. وفياض وبيريس من أكثر الشخصيات من منطقة الشرق الأوسط الذين يحضرون المنتدى الاقتصادي ولديهم علاقة طويلة مع المنتدى.

وقال يسار جرار، الشريك في شركة «بي دبليو سي» وعضو في القيادات العالمية الشابة: «القضايا العربية جوهرية في برنامج هذا العام، على عكس السنوات الماضية عندما كانت هناك جلسات تتناول مواضيع رمزية في غالب الأحيان». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حوار جدي والبحث عن حلول، ولكن المشكلة أن التركيز في غالب الأحيان عن الإصلاح السياسي وصعود الإسلام السياسي، وليس هناك تركيز كاف على التنمية الاقتصادية». ولفت إلى أنه «بعد عام، ما زال العالم العربي يفتقد أجندة اقتصادية واضحة ومستديمة، إذا لم تخلق فرص العمل، الربيع العربي سينتقل إلى شتاء من عدم الرضا خلال العامين المقبلين».

وعلى الرغم من أن الوجوه العربية المعروفة المترددة على المنتدى السنوي هي من النخب الاقتصادية بمشاركة أبرز رجال وسيدات المال والأعمال. وخلال الأيام المقبلة، تتواصل الاجتماعات بين رجال وسيدات الأعمال مع نظرائهم من مختلف أنحاء العالم، ولكن النقاشات حول رسم السياسيات للمرحلة المقبلة عادة لا تشمل حلولا فعالة. وبينما عجلة التعاملات الاقتصادية تسير نحو الشرق، تشمل النقاشات حول الاستثمارات المخاوف من دخول أوروبا فترة اضطرابات متجددة على خلفية المشاكل الاقتصادية فيها.