مظاهرات في رام الله ضد «التقشف» وهتافات «كل الناس مديونة»

فتح تدخل على خط مواجهة خطط فياض: لسنا في سنغافورة

فلسطينيون يتظاهرون في رام الله بالضفة الغربية أمس احتجاجا على رفع الحكومة للضرائب (إ.ب.أ)
TT

دخلت فتح بقوة على خط الحرب المعلنة على الخطة «التقشفية والضريبية» لرئيس الحكومة ووزير المالية سلام فياض، في وقت تصاعد فيه الحراك الشعبي في الشارع الفلسطيني ضد هذه الخطط، وهاجم محمد أشتية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ووزير الإسكان الأسبق، سياسة فياض، داعيا إياه للتراجع عنها لما تنطوي عليه من مخاطر على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية.

وقال أشتية في بيان حاد، «الإصلاحات المالية لا تكون بجلد المواطن والمزارع ورجل الأعمال، ولا بإزاحة آلاف الموظفين تحت مسميات التقاعد المبكر، الذي سيكون له مردود اجتماعي وسياسي كبير»، محذرا من أن وزير المالية (فياض) «يدخل في مغامرة اقتصادية غير محسوبة النتائج إذا استمر في تبني مثل هذا البرنامج».

وطالب أشتية، وهو أحد أهم خبراء الاقتصاد في حركة فتح، فياض، بالتراجع عن قرار زيادة الضرائب ووقف التقشف وكافة الاقتطاعات قبل الدخول في حوار وطني شامل يضم كافة المفاصل الاقتصادية والسياسية في الأراضي الفلسطينية، مضيفا «الضرائب المفروضة اليوم لا تتناسب مع المداخيل، لأن السلطة ورثت هذه الضرائب، وهي تنسجم مع حجم الاقتصاد الإسرائيلي ودخل الفرد هناك».

وجاءت انتقادات أشتية لفياض في وقت تظاهر فيه فلسطينيون في قلب رام الله ضد سياسات فياض، بعد يومين من مظاهرات مماثلة في نابلس، قرع فيها المتظاهرون الطناجر الفارغة، في إشارة إلى الوضع الاقتصادي المتردي في الأراضي الفلسطينية.

وهتف المتظاهرون أمس، ضد سياسات فياض، وضد الارتفاع الكبير في الأسعار هذا العام، ورفعوا شعارات، «أرهقتونا وتحت الفقر عيشتونا» و«عنا بطالة مجنونة كل الناس مديونة» و«مين أرخص؟ بيت حنينيا ولا رام الله».

وكان فياض وضع خطة تقشفية في بداية الأمر، تعتمد على زيادة الضرائب، وتعديل الشرائح الضريبية، وتقاعد عشرات آلاف الموظفين، وإلغاء وحدات حكومية، وهو ما قوبل برفض وانتقاد واسع من قبل القطاعين العام والخاص وفصائل وكتل في المجلس التشريعي وأكاديميين وخبراء اقتصاد وناشطين، أجبرته على إلغاء فكرة التقاعد، والاستمرار في الإجراءات الأخرى.

ويقول خبراء الاقتصاد إن خطة فياض تثقل كاهل الفقراء والأغنياء معا في ظل ارتفاع كبير في الأسعار والبطالة، ولا تقدم سياسة من شأنها تحقيق استدامة ونمو اقتصادي.

وقال أشتية، «أنا لا أعتقد أن السلطة قادرة على الاستمرار في هذا النهج، حيث إن نسبة النمو في الأراضي الفلسطينية تراجعت من 9 في المائة عام 2010 إلى 3 في المائة عام 2011، هذا عدا النمو السلبي في قطاع غزة، أضف إلى ذلك أن هناك ارتباكا واضحا في إدارة الملف المالي والاقتصادي بسبب سياسات المانحين والإجراءات الإسرائيلية على الأرض وبعض السياسات التي تحتاج إلى مراجعة».

وأضاف «ما يهمنا أن نقوله هو أن هذه الأزمة ليست حديثة، بل هي نتيجة سياسات متواصلة طيلة السنوات الأخيرة، لأنه وعلى الرغم من أن الحكومة الحالية اعتمدت سياسة مالية لخفض العجز فإن الخوف هو أن المساعدات الدولية هي التي انخفضت وليس شيئا آخر».

وتابع «نحن ما زلنا في مرحلة تحرر وطني وهذا يعني أن علينا تعزيز صمود المواطنين بكل الأشكال».

ويرى أشتية أنه عندما ينجز الاستقلال «يمكن أن نتصرف كدولة»، أما الآن «فنحن سلطة تابعة لا تملك مقومات العيش، لأن إسرائيل تسيطر على مقدراتنا ومعابرنا ومائنا وأرضنا وكل ما نملك».

واعتبر أشتية، في موقف قد يعكس موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كون أشتية مقربا منه وعضوا في مركزية فتح، «أن الغضب الشعبي، وحالة الإحباط التي يعانيها الشعب مبررة»، وأردف «فعلى سبيل المثال، سعر كيلوغرام السكر في تل أبيب يعادل سعره في رام الله، وسعر لتر البنزين يعادل أسعار تل أبيب بل أكثر. ولكن معدل دخل الفرد في إسرائيل يقدر بـ30000 دولار، في حين لا يتعدى دخل الفرد الفلسطيني 800 دولار في غزة و1300 دولار في الضفة الغربية».

ومضى يقول «إذن، الأسعار لا تتماشى مع دخل المواطن، وهي محملة بالضرائب أصلا، هذا فضلا عن أن زيادة الضرائب قد ينتج عنها تهرب من الضرائب، وبالتالي لا تتحقق النتيجة المرجوة من قانون كهذا».

وانتقد أشتية الحديث عن اقتصاد الضفة الغربية وكأنه اقتصاد سنغافورة، وقال «ذلك لم يكن صحيحا أيضا، لأن النمو الاقتصادي في الأعوام السابقة كان نتيجة المساعدات الدولية وليس بسبب القدرة الإنتاجية للاقتصاد الوطني».

ومع دخول فتح على خط الحرب على خطة فياض، يصبح فياض في وضع أكثر حرجا، بعدما كان على مدار الأعوام الماضية، صمام الأمان الذي لا يمكن الاستغناء عنه في ما يخص وضع السلطة المالي.

ودعا فياض إلى حوار وطني لمواجهة الأزمة المالية قد يبدأ الأسبوع المقبل، ويريد فياض خفض العجز المالي الذي تسبب به تراجع الدعم الخارجي، وتوفير 350 مليون دولار أخرى للخزينة المثقلة بالديون عبر الإجراءات المرتقبة.

ويقول فياض إن أصحاب الدخل المتوسط والمنخفض لن يتأثروا بالتعديلات الضريبية، وتعهد الرجل أمس، بتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي وبلورة قانون ضمان اجتماعي.