أوباما: الأسد سيكتشف قريبا أنه لن يستطيع مقاومة التغيير

قال في خطاب الاتحاد إن العالم متحد ضد البرنامج النووي لإيران.. لكن حل الأزمة سلميا هو الأفضل

أوباما يتحدث عبر الهاتف، بجانب زوجته ميشيل، مباشرة بعد إلقاء خطاب الاتحاد في الكابيتول هيل، لإبلاغ جون باشانان أن ابنته جيسيكا قد تم إنقاذها من قبل قوات أميركية في الصومال الليلة قبل الماضية (أ.ب)
TT

في خطابه الثالث حول حالة الاتحاد، حاول الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إرسال رسائل داخلية وخارجية حول رؤيته دور الولايات المتحدة وإدارته، قبل نحو 9 أشهر من الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وبدأ أوباما خطابه أمام مجلسي النواب والشيوخ، الليلة قبل الماضية، بتذكير الأميركيين بانسحاب القوات الأميركية من العراق، ونجاح الولايات المتحدة في قتل أسامة بن لادن وهزيمة تنظيم القاعدة، والاستعداد لعودة القوات الأميركية من أفغانستان. واعتبر أن هذه الإنجازات تدل على الشجاعة والعمل الجماعي للقوات المسلحة.

ثم أشار إلى العراق، فقال إن «إنهاء الحرب في العراق سمح لنا بتوجيه ضربات حاسمة ضد أعدائنا من باكستان إلى اليمن، وضد نشطاء (القاعدة)، وهم لا يستطيعون الهرب من قبضة الولايات المتحدة، وقد بدأنا بإنهاء الحرب في أفغانستان، وسوف نقوم ببناء شراكة دائمة مع أفغانستان ولن تكون أبدا مصدرا للهجمات ضد الولايات المتحدة».

وتطرق إلى «الربيع العربي» ووصفه بأنه تحول مذهل في منطقة الشرق الأوسط، لكن نتائجه لا تزال غامضة. وقال: «لدينا مصلحة كبيرة في النتيجة بحيث تصل في نهاية المطاف إلى إقرار حق شعوب المنطقة في تقرير مصيرهم، وسندعو لتلك القيم التي خدمت بلدنا بشكل جيد، وسنقف ضد العنف والتخويف وسنصر على حقوق وكرامة جميع البشر من الرجال والنساء، المسلمين والمسيحيين واليهود، وسوف ندعم السياسات التي تؤدي إلى ديمقراطيات قوية ومستقرة وفتح الأسواق، لأن الديكتاتورية لا تصمد أمام الحرية». وأضاف: «في الوقت الذي تتراجع فيه الحرب فإن موجة التغيير تجتاح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تونس إلى القاهرة ومن صنعاء إلى طرابلس». وأشار إلى العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، فقال: «قبل عام، كان القذافي، وهو قاتل على يديه دماء أميركيين، أحد أقدم الديكتاتوريين في العالم.. اليوم، لم يعد موجودا». ثم تحدث عن سوريا قائلا: «وفي سوريا، لا شك لدي بأن نظام (الرئيس بشار) الأسد سوف يكتشف قريبا أنه لا يمكن مقاومة قوة التغيير ولا يمكن سحق كرامة الناس».

وبالنسبة إلى البرنامج النووي الإيراني قال أوباما: «يجب أن لا يشك أحد في تصميم أميركا على منع إيران من الحصول على السلاح النووي، ولن أزيل أي خيار عن الطاولة من أجل تحقيق هذا الهدف». وقال أيضا: «إننا ننظر إلى إيران من خلال قوة دبلوماسيتنا، والعالم الذي كان منقسما حول كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني أصبح الآن متحدا وأصبح النظام الإيراني أكثر عزلة من أي وقت مضى ويواجه قادته عقوبات قاسية، وما دامت إيران تتهرب من مسؤوليتها فإن هذا الضغط لن يلين». غير أنه أكد في الوقت نفسه أنه «ما زال من الممكن التوصل إلى تسوية سلمية لهذه المسألة، بل إن ذلك أفضل».

ونال أوباما تصفيقا كبيرا عندما قال إن «القيادة الأميركية تجددت في جميع أنحاء العالم، ولدينا أقدم التحالفات في أوروبا وآسيا، وهي أقوى من أي وقت مضى، وأمن إسرائيل هو الأقرب للتعاون العسكري بين بلدينا وهو التزام صارم». ثم كرر أوباما الكلمة الأخيرة قائلا: «أنا أعني صارم.. التزامنا صارم». وأضاف: «نعمل مع القادة العسكريين لوضع استراتيجية دفاعية جديدة تضمن لنا الحفاظ على أفضل جيش في العالم وتوفير ما يقرب من نصف تريليون دولار في ميزانيتنا والبقاء خطوة أسبق من خصومنا، وأرسلت للكونغرس تشريعات لتأمين بلادنا من الأخطار المتزايدة من التهديدات السيبرية» (الإلكترونية).

وتحدث أوباما في خطابه عن الاقتصاد و«الحلم الأميركي لدولة تقود العالم وتجذب الجيل الجديد من التكنولوجيا الفائقة والوظائف ذات الرواتب العالية». وقال: «يمكننا أن نفعل ذلك، وأنا أعلم أنه ممكن، لأننا فعلناه من قبل في نهاية الحرب العالمية الثانية». وأضاف: «القضية الحاسمة هي كيفية الحفاظ على هذا الوعد على قيد الحياة، وإعادة بناء الاقتصاد بحيث يحصل الجميع على نصيب عادل ويقوم بنفس المجموعة من الواجبات، فالقضية هنا ليست مبادئ الحزب الديمقراطي أو مبادئ الحزب الجمهوري وإنما القيم الأميركية». وأشار الرئيس الأميركي إلى قضية القروض العقارية والأزمة المالية التي أدت إلى تعطل الملايين عن العمل وخسارة 4 ملايين وظيفة. وقال أوباما: «قبل أن أتولى منصبي فقدنا 4 ملايين وظيفة وفي الـ22 شهرا الماضية خلقت الأعمال التجارية 3 ملايين وظيفة»، وهو ما صفق له بشدة أعضاء الحزب الديمقراطي. وأضاف: «لقد اتفقنا على خفض العجز بمبلغ أكثر من تريليوني دولار ووضع قواعد جديدة لمحاسبة وول ستريت، ولذلك فإن أزمة مالية مثل هذه لن تحدث مرة أخرى».

ووجه أوباما رسالة إلى الجمهوريين قائلا: «لن نعود إلى الوراء، وما دمت أنا الرئيس فإنني سأعمل مع أي شخص في هذه القاعة لكي نتحرك إلى الأمام، ولكن أنا أنوي القتال ضد أي عرقلة للعمل، وسأعارض أي جهد للعودة إلى السياسات التي جلبت هذه الأزمة الاقتصادية في المقام الأول، ولن نعود إلى اقتصاد أضعفته الاستعانة بالمصادر الخارجية والديون المعدومة والأرباح المالية المزيفة، إنني أريد وضع مخطط لاقتصاد مبني على الصناعة والطاقة الأميركية ومهارة العمال الأميركيين وتجديد القيم الأميركية».

وأشار الرئيس الأميركي إلى مساندة صناعة السيارات الأميركية وزيادة الأعمال التجارية مع دول مثل لصين، مؤكدا أنه لا ينبغي لأي شركة أميركية أن تكون قادرة على تجنب دفع نصيبها العادل من الضرائب عن طريق نقل الوظائف والأرباح إلى الخارج، وهو ما صفق له الأعضاء الديمقراطيون الذين يساندون مبدأ فرض مزيد من الضرائب على الأغنياء.

وتعهد الرئيس الأميركي بمضاعفة الصادرات الأميركية على مدى الـ5 سنوات المقبلة بعد إقرار الاتفاقات التجارية مع بنما وكولومبيا وكوريا الجنوبية، وفتح أسواق جديدة للمنتجات الأميركية. وأعلن أيضا عن إنشاء وحدة للتحقيق مع المتهمين بممارسات تجارية غير عادلة، ومنع السلع المزيفة من الدخول إلى أميركا عبر الحدود، وتوفير التدريب للعمال الأميركيين، وتحويل نظام إعانة البطالة إلى نظام لإعادة التشغيل، لإعادة العمال إلى العمل، ورفع مستوى التعليم، وإصلاح قوانين الهجرة.

وأعلن أوباما توجه إدارته لفتح الملايين من الحقول للتنقيب عن النفط والغاز. وقال: «هذه الليلة أنا أوجه لفتح أكثر من 75 في المائة من حقول النفط والغاز المحتملة في المياه العميقة». وأكد أن إنتاج النفط الأميركي حاليا هو أعلى مما كان عليه منذ 8 سنوات، والاعتماد على النفط الأجنبي أصبح أقل مما كان عليه خلال الـ16 عاما الماضية. وأوضح: «لدينا إمدادات من الغاز الطبيعي تكفي الولايات المتحدة لما يقرب من 100 عام، ونحتاج إلى تطوير استراتيجية لاستغلال كل مصادر الطاقة الأميركية المتاحة بما يخلق 600 ألف وظيفة بنهاية العقد الحالي، ولن نتخلى عن الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح». وطالب أوباما بوضع حد للدعم المقدم لشركات النفط مند قرن. وأوضح أن أولوية إدارته هي وقف زيادة الضرائب على الأميركيين، منتقدا التخفيضات الضريبية للأغنياء التي أرجعها إلى ثغرات في قانون الضرائب، مطالبا بتعديل تلك الثغرات واستعادة الثقة في الاقتصاد الأميركي.

ووعد أوباما بمزيد من التصدي للقرصنة الصينية وكذلك المنافسة غير المشروعة المنسوبة لهذا البلد، معلنا عن إنشاء هيئة متخصصة في النزاعات التجارية. وقال إن «أكثر من ألف أميركي لديهم عمل حاليا لأننا أوقفنا استيراد الإطارات من الصين. لكن يجب أن نتحرك بشكل أكبر. لا يجوز أن يسمح بلد بقرصنة أفلامنا وأقراصنا المدمجة وبرامجنا المعلوماتية». وأضاف «لا يجوز أن يتفوق صناعيون أجانب علينا بسبب المعونات الكبيرة التي يتلقونها». وأوضح الرئيس الأميركي: «لن أقف مكتوف اليدين في حال لم يحترم منافسونا قواعد اللعبة».

وأعلن أوباما إنشاء «وحدة» مكلفة بالتحقيق في «الممارسات التجارية غير المشروعة في بلدان مثل الصين» وأطلق عليها «وحدة تعزيز التجارة». ووعد بزيادة عمليات التفتيش في المرافئ للحيلولة دون استيراد منتجات «مزورة أو خطيرة».

وأشار أوباما، إلى أن حكومته تقدمت بشكاوى ضد الصين بوتيرة تفوق مرتين تقريبا ما قامت به الإدارة السابقة. وأضاف: «هذا يصنع الفرق».

وتعليقا على الإعلان الرئاسي، أعرب المجلس الأميركي - الصيني للأعمال، وهو تحالف يضم كما يقول نحو 240 مؤسسة تقيم علاقات تجارية مع الصين، عن عزمه «العمل مع» الوحدة الجديدة التي اقترحها أوباما «من أجل طرح حلول واستحداث فرص عمل لليد العاملة الأميركية». إلا أن المجلس الأميركي - الصيني أضاف في بيان: «ننتظر بفارغ الصبر معرفة المزيد عن الطريقة التي ستعتمد لتنظيم بنية هذه المبادرة الجديدة»، خلافا لما يقوله الرئيس. وأضاف المجلس أن التدابير التي اتخذت ضد الإطارات الصينية لم تؤد بأي شكل من الأشكال أي فائدة لسوق العمل الأميركية، لكنها أفادت منتجين آخرين لسلع منخفضة التكاليف في آسيا والمكسيك.