ملك البحرين يصدر مرسوما لتفعيل صندوق تعويض المتضررين من الاضطرابات الأمنية

نائب: هدف الصندوق إطفاء الفتنة.. والمعارضة تعتبره خطوة للتعويض المادي وإغفالا للاعتراف بالأخطاء

بحريني يحمل زجاجة مولوتوف وحجرا أثناء المواجهات مع شرطة مكافحة الشغب في بلدة الديه أمس (أ.ب)
TT

خطت مملكة البحرين أمس خطوة جديدة في ترميم العلاقات المجتمعية التي تضررت جراء الأحداث التي عاشتها مطلع عام 2011، حيث أصدر الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين أمس مرسوما ملكيا يحدد نظام وعمل صندوق تعويض المتضررين من الأحداث التي شهدتها البحرين في فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين إضافة إلى الفترة التي جرى فيها تطبيق قانون السلامة الوطنية.

وقال النائب عادل المعاودة نائب رئيس مجلس النواب البحريني إن هدف الصندوق إطفاء الفتنة التي حدثت في المجتمع البحريني، كما عد الخطوة التي اتخذها ملك البحرين محاولة لترميم الشرخ الاجتماعي، كما اعتبرها دليلا جديدا على جدية الحكومة البحرينية في السير في طريق الإصلاح، في حين اعتبر هادي الموسوي مسؤول ملف حقوق الإنسان وعضو الأمانة العامة لجمعية الوفاق (إحدى جمعيات المعارضة) أن الصندوق حل للمشكلة من الناحية المادية فقط وليس من ناحية حقوق الإنسان والحقوق الأمنية.

وضم المرسوم 15 مادة تشرح وتنظم عمل صندوق تعويض المتضررين من الأحداث، وتم إسناد مهام الإشراف على الصندوق إلى وزارة حقوق الإنسان، ويبدأ عمل الصندوق في اليوم التالي لنشر المرسوم في وسائل الإعلام الرسمية.

يشار إلى أن نائبا بحرينيا كان قد كشف لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق أن إقرار الصندوق وبدء عمله سيكون قبل انتهاء الفترة التي حددها العاهل البحريني لتقييم مدى تطبيق توصيات تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق المستقلة التي تشكلت منتصف عام 2011 للتحقيق في الأحداث التي شهدتها البحرين في فبراير ومارس 2011 وما تبعها من أحداث وهي اللجنة المعروفة باسم «لجنة بسيوني»، والتي سلمت تقريرها في الـ23 من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2011، والتي نصت في إحدى توصياتها على ضرورة تعويض المتضررين بشكل عادل عما لحقهم من الضرر معتبرة أن التعويض سيكون بابا لترميم العلاقة المجتمعية التي تضررت بفعل الأحداث.

ونص المرسوم الملكي على تشكل اللجنة من خمسة أعضاء على أن يكون عضوان منهم من القضاة، وثلاثة أعضاء ممن يشهد لهم بالاستقلالية والموضوعية والكفاءة والنزاهة، على أن يكون عضوان منهم من مؤسسات المجتمع المدني وعضو عن الحكومة ويصدر بتسميتهم قرار من الوزير ويباشر أعضاء اللجنة مهامهم بصفة شخصية وعلى أساس تطوعي.

ويختار الأعضاء من بينهم رئيسا للجنة ونائبا له يحل محل الرئيس في حالة غيابه أو قيام مانع لديه، ويتولى الرئيس مسؤولية تنسيق عمل اللجنة، وتكون مدة العضوية أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

ولا يجوز لعضو اللجنة أن يشترك في نظر أي طلبات تعويض تكون له فيها أو لزوجته أو لأولاده أو لأحد أقاربه أو أصهاره حتى الدرجة الرابعة أو المشمولين بولايته أو قوامته مصلحة شخصية.

ويقدم طلب التعويض إلى اللجنة كتابة من أي من المتضررين المنصوص عليهم بالمادة الثالثة من القانون أو من ينوب عنه بشكل قانوني، مرفقا به نسخة رسمية من الحكم الجنائي النهائي الصادر من المحكمة المختصة بإدانة مرتكب الفعل الذي سبب الضرر على أن يتضمن الطلب «اسم مقدم الطلب وعنوانه وصفته، وصفا للأضرار المادية أو المعنوية أو الجسدية الواقعة على صاحب الشأن، مقدار وشكل التعويض المطلوب» كما يحق للمطالبين بالتعويضات أن يتقدموا بطلبات فردية أو جماعية، وفي ذات الوقت يحق للجنة التي تدرس الطلبات تقديم التعويضات بشكل فردي أو جماعي.

كما نص المرسوم على أنه يجوز للجنة أن تقرر أيا من وسائل التعويض كالاسترداد أو التعويض المالي أو إعادة التأهيل أو الترضية وضمان عدم التكرار، بحسب الاقتضاء كلما كان ذلك ملائما، كما يتوجب على اللجنة أن تقدر التعويضات بناء على القواعد القانونية والاسترشاد بعمل المحاكم البحرينية في أحكام التعويضات.

كما تتخذ اللجنة قراراتها بالتوافق، فإن تعذر ذلك فتصدر القرارات بالأغلبية، وتكون اجتماعاتها غير علنية من أجل حماية الضحايا والشهود واحتراما لسرية المعلومات، إلا إذا قررت اللجنة خلاف ذلك، ويجب على اللجنة أن تفصل في طلبات التعويض في وقت معقول. بدوره قال النائب عادل المعاودة إن الحكومة بهذه الخطوة تثبت للرأي العام وللمعتدلين في المعارضة أنها لا تترك سبيلا من سبل الإصلاح إلا سارت فيه.

وتوقع المعاودة أن يرفض جانب من المعارضة الخطوة الحكومية وقال «هذا الفريق من المعارضة ليس لديهم طرح واضح وأهداف واقعية، وكل ما يقومون به هو الضغط لنيل المزيد من المكاسب ولكنهم لا يقفون عند نقطة محددة».

وقال المعاودة إن هدف الصندوق إطفاء الفتنة التي عصفت بالمجتمع البحريني، وقال إن القضية التي بصددها البحرين ليست حجم التعويضات وحجم تمويل الصندوق ولكن القضية الحقيقية هي إثبات الأضرار وإعادة الحقوق لأصحابها، وإزالة الضرر الذي وقع.

وأضاف: حجم الضرر كبير ولا بد من الأخذ في الحسبان تعويض الأفراد والتجار والمؤسسات ممن تضرروا بشكل مباشر من المظاهرات أو تضررت مشاريعهم من الأحداث التي عاشتها البحرين خلال فترة الاضطرابات الأمنية.

وفي ذات السياق علق هادي الموسوي بأن المتضررين لا يتطلعون للتعويض المادي إلا بعد أن تعترف الحكومة البحرينية بأحداث القتل والتعذيب، وقال «الذي يرضي جمهور المعارضة والمعارضة السياسية، اعتراف الحكومة بالخطأ وبحالات التعذيب، والانتهاكات لحقوق الإنسان والاعتذار عنها ومحاسبة الجناة».

واعتبر الموسوي أن الحكومة أرادت أن تجعل الحل ماليا، وهو يثبت عدم جدية الحكومة في تحقيق العدالة، لأنها تتجنب التحقيق مع المسؤولين عن التعذيب والانتهاكات.

وقال الموسوي إن الصندوق جاء بإرادة ملكية حتى قبل صدور تقرير «لجنة بسيوني»، لأن الحكومة لا تريد أن تحاسب أحدا من أفرادها.

يشار إلى إن النيابة العامة البحرينية تحقق في 113 قضية تم رفعها ضد 62 من منسوبي الجهات الأمنية، كما تستعد النيابة العامة لإطلاق نيابة مختصة في مجال حقوق الإنسان وتلقي الشكاوى والتحقيق في الأحداث التي لها مساس بمبادئ حقوق الإنسان.