رئيس الحكومة المغربي يحمل مسؤولية ضعف تمثيل النساء في حكومته للأحزاب السياسية

مجلس النواب المغربي يمنح حكومة بن كيران الثقة

TT

عبر عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة المغربي، عن استغرابه من تركيز معارضيه على مسألة ضعف تمثيلية النساء في الحكومة التي شكلها، والتي لم تضم سوى سيدة واحدة. وعزا بن كيران مسؤولية ضعف تمثيلية المرأة إلى الأحزاب التي لم ترشح النساء بالشكل المناسب في لوائحها المحلية خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، مشيرا إلى أن نسبة ترشيح النساء ضمن هذه اللوائح لم تتجاوز 5 في المائة، وأن عدد النساء اللواتي فزن في الانتخابات الأخيرة في إطار اللوائح المحلية لم يتجاوز خمس سيدات؛ أربعة منهن ينتمين للأحزاب التي يتكون منها الائتلاف الحكومي.

وقال بن كيران، في سياق رده على انتقادات المعارضة للبرنامج الحكومي، أمس، في البرلمان: «أود الإشارة إلى أن هذا الأمر هو مشكلة عامة، حيث إن ما حققته المرأة من حضور داخل البرلمان جاء عبر إجراءات قانونية خصتها بلائحة وطنية، أما على مستوى الدوائر المحلية، فقد أثبتت الانتخابات الأخيرة غيابا ملحوظا للمرأة». وأضاف: «لهذا ينبغي أن نكون واضحين وصريحين في أن هذا المجال ليس ولا ينبغي أن يكون مجالا للمزايدة من أحد على أحد، وأن المدخل الأساسي لمعالجته ينطلق من الاعتراف بأن هذه المسألة هي مسؤولية الجميع ومن دون استثناء».

وتعهد بن كيران بأن يحرص كرئيس للحكومة على «أن تتبوأ المرأة المغربية مواقع متقدمة في الشأن السياسي، بالعمل على تكريس التمييز الإيجابي للنساء من خلال سن إجراءات تشريعية وتنظيمية تمكنهن من تمثيلية منصفة في الحكومة وفي المناصب العليا وفي المجالس الإدارية، وذلك في احترام للمقتضيات الدستورية المتعلقة بالسعي نحو المناصفة، التي أقرها الدستور بشكل لا رجعة فيه».

وأشار إلى أن البرنامج الحكومي تضمن أكثر من عشرة إجراءات تهم المرأة في إطار تطبيق استراتيجية «الأجندة الوطنية للمساواة»، التي قال إنها تمثل إطارا مرجعيا للسياسات العمومية الأفقية للنهوض بالمرأة وضمان حقوقها.

وأضاف بن كيران، في سياق رده على منتقديه: «إن الحداثة هي تكريم للإنسان وتحرير للعقل وتعمير الأرض، في إطار مرجعيتنا، وهي في منظورنا تتمثل في الالتزام بالاختيار الديمقراطي، وفي الانتخابات الحرة والنزيهة، وفي مناهضة الفساد والريع، وفي أداء الضرائب، ومن طرف من يمارسون الشأن العام من باب أولى، وفي تورع المسؤولين عن اختلاس المال العام، وفي الامتناع عن التدخل في الشأن الحزبي، وفرض التحكم في المجال السياسي. كما أن الحداثة تعني بالنسبة لنا إشعاع العلم والمعرفة وتعميم الرفاهية والعدالة الاجتماعية. وهو ما حاولنا ونحاول تجسيده بشكل واضح في برنامجنا، وقبل ذلك في سلوكنا».

ونفى بن كيران ما راج حول تراجع الحزب عن بعض وعوده الانتخابية، خاصة رفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة آلاف درهم (333 دولارا). وقال: «إن هذه الحكومة بمكوناتها المنسجمة والمتضامنة لا يمكن أن تستهين بمصداقيتها. وبهذا الصدد، أؤكد ما قطعته الحكومة من وعود بخصوص الرفع من الحد الأدنى للمعاشات إلى 1500 درهم، والرفع التدريجي للحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم في أفق 2016 في القطاع العام، والعمل مع القطاع الخاص على وصول هذا الهدف، في إطار المسؤولية والحرص على مواكبته، وفي إطار منظور وحوار شامل مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين حول مجموعة من القضايا التي تهم هذا القطاع».

وبخصوص هدف معدل النمو الاقتصادي، الذي حدده البرنامج الحكومي في 5.5 في المائة، بدل معدل 7 في المائة، الذي سبق للحزب أن أعلنه في برنامجه الانتخابي، أوضح بن كيران أن الهدف المعلن في إطار البرنامج الحكومي هو تحقيق معدل نمو سنوي بنسبة 5.5 في المائة خلال مدة ولاية الحكومة، فيما يتعلق الهدف المذكور في البرنامج الانتخابي ببلوغ معدل نمو بنسبة 7 في المائة في 2016.

وبشأن انتقادات المعارضين للبرنامج الحكومي؛ من ضعف الأرقام والمؤشرات والإجراءات الدقيقة، وكونه لا يعدو أن يكون «إعلان نوايا يغيب عنه الطموح»، أشار بن كيران إلى أن البرنامج الحكومي تضمن الخطوط الرئيسية لخطة عمل الحكومة، التي ستفصل بشكل أكثر دقة في إطار الموازنات السنوية والبرامج القطاعية.

وقال: «إن المعارضة مطالبة بأن تكون شريكا فعالا وبنّاء في التطور الديمقراطي لبلادنا؛ سواء على مستوى النوعية في الخطاب، أو العمق في التحليل، أو القوة في الاقتراح، حتى تكون في مستوى وضعيتها ومسؤوليتها في الدستور الجديد، حيث إن مداخلات المعارضة اكتفت بالانتقاد، ولم تقدم مقترحات جوهرية أو حتى التذكير بما اعتمدته أحزابها من أهداف وإجراءات في برامجها الانتخابية».

ووصف بن كيران برنامج حكومته بأنه اعتمد «التغيير المبدع والاستمرارية المسؤولية»، إذ تضمن استمرار تطبيق عشر استراتيجيات كانت موجودة من قبل، مع إطلاق عشرين استراتيجية جديدة.

وقال إن هذا التوجه ينسجم مع اختيار الشعب المغربي «للإصلاح القائم في إطار الاستقرار»، وقال: «إن الاستمرارية ليست عيبا في حد ذاتها، وهي منهج يقوم على تحصين المكتسبات ومعالجة الاختلالات وإضافة المفقود من الإصلاحات، كما أن الاستمرارية نهج إرادي يبتغي الحفاظ على الجهود والوقت والموارد المالية والبشرية وعدم هدرها».

من ناحية اخرى صوّت مجلس النواب المغربي أمس في جلسة عامة على البرنامج الحكومي بغالبية أعضائه، وصوّت لصالح البرنامج 218 من النواب، مقابل معارضة 135 دون تسجيل أي تصويت بالامتناع.

بما أن الغرفة الثانية للبرلمان، أي مجلس المستشارين، لا يصوت على البرنامج الحكومي، إذ يكتفي فقط بمناقشته، فبهذه النتيجة يكون مجلس النواب قد منح ثقته للحكومة الجديدة بناء على ما ينص عليه الدستور، والذي يؤكد ما يلي: «تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب، لصالح البرنامج الحكومي».

ولعل إحدى المفارقات التي سجلت خلال التصويت على البرنامج الحكومي أمس، صوت أحد النواب من المعارضة لصالح برنامج الحكومة، الشيء الذي أثار تساؤلات حول هويته، لأن الأغلبية الحكومية تتوفر على 217 نائبا، موزعين على الشكل التالي: العدالة والتنمية 107 مقاعد، وحزب الاستقلال 60 مقعدا، والحركة الشعبية 32 مقعدا، والتقدم والاشتراكية 18 مقعدا، أي ما مجموعه 217، في حين أن 218 نائبا صوت لفائدة البرنامج الحكومي.

من جهة أخرى لم يتمكن بعض نواب أحزاب المعارضة من التصويت ضد البرنامج الحكومي. وفي إطار رده على انتقادات الفرق النيابية للمعارضة، قال عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة شارحا لمن يتبنون مشروعا مجتمعيا مخالفا لمنظور حزب العدالة التنمية الإسلامي الذي يقود الحكومة إن الحداثة هي تكريم للإنسان وتحرير للعقل وعمارة للأرض «في إطار مرجعيتنا»، وحدد تعريف الحداثة في الالتزام بالاختيار الديمقراطي، وفي الانتخابات الحرة والنزيهة، وفي مناهضة الفساد والريع، وفي أداء الضرائب ومن طرف من يمارسون الشأن العام من باب أولى، وفي تورع المسؤولين عن انتهاك المال العام.

وأضاف بن كيران أن الحداثة تتجسد في الامتناع عن التدخل في الشأن الحزبي وفرض التحكم في المجال السياسي، كما أن الحداثة تعني عند رئيس الحكومة إشعاع العلم والمعرفة وتعميم الرفاهية والعدالة الاجتماعية، «وهو ما حاولنا ونحاول تجسيده بشكل واضح في برنامجنا وقبل ذلك في سلوكنا»، على حد تعبير رئيس الحكومة. وبخصوص قضية الأمازيغية قال بن كيران إنه وعلى خلاف ما أثاره البعض من اتهام للبرنامج الحكومي باختزال الأمازيغية في المسألة اللغوية، يؤكد على الرؤية الواضحة والالتزام «المسؤول» بما سبق أن ورد في البرنامج الحكومي من العمل على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بأبعادها المتعددة كما يقضي بذلك الدستور.