بيريس يريد تقليص دور الرباعية في المفاوضات.. وفياض يطالب بالاعتراف بفشل العملية

بحث السلام في الشرق الأوسط بـ«دافوس» من دون حلول جديدة

منظر جوي للجزء القديم من مدينة القدس في يوم غائم من أيام الشتاء (إ.ب.أ)
TT

بعد ساعات من إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، فشل المفاوضات التي رعتها الأردن، عقد المنتدى الاقتصادي العالمي ندوة خاصة عن فرص السلام في الشرق الأوسط، على خلفية التغييرات في المنطقة. وفي اليوم الثاني من انعقاد المنتدى في دافوس، دارت نقاشات عدة بين المشاركين حول إمكانية إحلال السلام في الوقت الراهن، إلا أن الندوة المشتركة بين رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، والرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، أظهرت الفوارق الملموسة بين الطرفين حول عملية التوصل إلى السلام في المنطقة، إذ طالب بيريس بتقليص دور اللجنة الرباعية الدولية في جهود استئناف المفاوضات، بينما طالب فياض بالاعتراف بفشل العملية الحالية، معتبرا أن الحاجة لدور دولي فعال في فرض المرجعيات الدولية على القضية.

وقال بيريس إن «البعض يشعر بقليل من مواعيد عشوائية تفرضها الرباعية الدولية.. سنخطأ تحت ضغط الجدول الزمني»، موضحا الموقف الإسرائيلي الذي لا يريد الالتزام بجداول زمنية للتوصل إلى نقاط اتفاق حول القضايا الجوهرية لعملية السلام. إلا أن فياض رد عليه بالتشديد على أهمية الدور الدولي، موضحا: «لا نريد حلا مفروضا من الخارج، ولكن نحن بحاجة إلى الاعتراف بمرجعية القانون الدولي».

وعلى الرغم من أن كلا من فياض وبيريس شددا على «الأمل» في تحقيق السلام، بناء على حل الدولتين، فإنهما رأيا الوصول إلى ذلك الهدف بشكل مختلف. وقال فياض: «يجب أن يكون هناك أمل.. والسؤال هل بإمكاننا القيام بما هو مطلوب لإبقاء الأمل وإنهاء النزاع». أما بيريس فقال: «ليس لدي شك في أننا سنحصل على حل سلمي بناء على حل الدولتين.. لن أتخلى عن ذلك الهدف»، مضيفا: «ليس لدى الإسرائيليين أو الفلسطينيين خيار آخر. سيحل السلام وأتمنى أن يكون ذلك قريبا».

واعتبر بيريس أن «التأجيل مضر، علينا العمل على البناء والتفاوض». ويرى فياض أن الضرورة الملحة الآن هي التوصل إلى «وجهة جدية» لعملية السلام، قائلا: «منذ بداية العملية السياسية في اتفاق أوسلو، لم أرَ مرحلة من عدم القدرة على التركيز، ووضع وجهة حقيقية للعملية». ولكنه لفت إلى أن هذا هو الحال «رغم أن الوضع مناسب للتفاوض». وذكر فياض المشكلات الحقيقة التي تواجه السلطة الفلسطينية في إقامة الدولة، واستدامة الجهود التي قامت بها لتأمين أسس الدولة. وقال إن «60 في المائة من الأراضي الفلسطينية لا تخضع اقتصاديا للسلطة.. كيف يمكن أن نواصل الاستدامة الاقتصادية؟».

من جانبه، حاول بيريس الابتعاد عن قضية السلام والتركيز على قضايا اقتصادية وسياسية أخرى، معتبرا أن الصراع العربي - الإسرائيلي «لا يؤثر على مستقبل العالم العربي»، بل اعتبر أن «الفقر في العالم العربي هو المشكلة وليس هذا الصراع.. لأنه أمر بيننا وبين الفلسطينيين». وأشار إلى أن إيران مصدر قلق، وتحدث عنها مطولا للتقليل من شأن الصراع العربي - الإسرائيلي في اهتمام العالم. وقال بيريس: «يجب أن تكون المفاوضات بيننا، وليس مع الرباعية»، موضحا: «لدى اثنان منهم انتخابات داخلية ومنشغلين (في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية والانتخابات الروسية) نحن نريد مساعدة أنفسنا».

وكان من المثير تصريح بيريس بأن «المشكلة الرئيسية للسلام الآن هي إيران»، مقللا من شأن الخلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول شكل السلام بين الطرفين. وقال: «نريد من المجتمع الدولي أن ينهي دور إيران في المنطقة، هذا ما نريده من المجتمع الدولي». وأضاف: «الخطوات الأميركية والأوروبية ضد إيران واعدة، ولكن ليست كافية».

ولم يدخل فياض في تفاصيل إيران، مشددا على أهمية حل الوضع مع إسرائيل مباشرة، المسؤولة عن الاحتلال.. وقال: «نعم، هناك تدخل خارجي.. يبدو لي أننا بحاجة إلى المفاوضات المباشرة، لأن طبيعة الصراع والاتفاق على الحل يعني أن هناك حاجة للمفاوضات، ولكننا بحاجة إلى دعم دولي ووساطة. يجب النظر إلى نقاط الضعف في العملية السياسية». وأضاف: «كان يجب أن تقوم الدولة الفلسطينية عام 1999، والدولة يجب أن تقام بناء على مرجعيات القانون الدولي.. أنا لا أقترح فرض الحل، بل أقول إن العملية بحاجة إلى توجيه حقيقي»، وأضاف: «حان الوقت للإقرار بفشل العملية السياسية، على الرغم من أن الإطار الدولي مهم».

وشدد على أنه «لا يمكن أن ننشغل بدول إقليمية تريد فرض نفوذها بغض النظر عن دورها»، وأضاف: «هناك بالطبع تأثير للثورات والاضطرابات في العالم العربي وتثير أسئلة مهمة، وقد تستغرق سنوات عدة استقرار الدول». وخلص فياض إلى القول إنه من «الضرورة ترجمة الأمل إلى الواقع»، أما بيريس فقال: «علينا استئناف المفاوضات.. يجب أن تجري بشكل مغلق، بدلا من أن يكون الأمر كأنه مؤتمر صحافي مفتوح ومتواصل». وأضاف: «أظن أن ذلك سيحدث بوتيرة أسرع مما نتوقع».

وقال فياض: «نحتاج لضمانات حول ما يعنيه رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما يقول: حل الدولتين.. نحن نبحث عن دولة فلسطينية مستقلة قابلة للعيش على الأراضي التي احتلت عام 1967. يجب أن يقول ما يعنيه حل الدولتين، هذا أمر ضروري».