مدن حدودية تركية تعاني خسائر كبيرة بسبب العنف السوري

تراجع عدد السوريين الذين يعبرون الحدود من 60 ألفا إلى ألف فقط شهريا

متظاهرون يقومون بإحراق صورة الأسد في حي القدم بدمشق أمس (أوغاريت)
TT

صف سائقو شاحنات تركية سياراتهم عند بوابة حدودية مع سوريا استعدادا للدخول والانطلاق جنوبا إلى سوريا، وأمارات القلق بادية على وجوههم.

فمنذ انحازت تركيا العام الماضي للمحتجين المناهضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذين يسعون للإطاحة به أصبح سائقو الشاحنات التركية التي تمر من منطقة الحدود وحتى مدينة حلب السورية هدفا سهلا لهجمات أنصار الأسد. وقال سائق سيارة أجرة يدعى عثمان كوجيه «كنت أسافر إلى سوريا يوميا، أعبر الحدود وأعود على وجه السرعة حيث كان الركاب في انتظاري لكن الأمور تغيرت الآن. أحيانا أسافر وأحيانا لا.. لكن فيما مضى كنت أجد الزبائن يوميا وأنقلهم إلى المطار من هنا».

ولأن السلامة تكون أضمن مع زيادة العدد يجتهد سائقو الشاحنات للسفر في مجموعات.

وكان زهاء 60 ألف سوري يعبرون الحدود شهريا يسهمون بنحو مليار دولار سنويا في اقتصاد غازي عنتاب والمنطقة الحدودية. وهوى عدد ممن يعبرون الحدود من الجانب السوري إلى نحو ألف شخص فقط شهريا، حسب «رويترز».

وكان الزوار السوريون يتدفقون على المتاجر المحلية التركية لشراء الفستق والحلويات والعسل وغيرها. وقال صاحب متجر تركي يدعى أيمن ألتونتاس إنه كان يستقبل في متجره 100 زبون سوري أسبوعيا، وأصبح الآن لا يستقبل سوى 10 فقط في الأسبوع.

وقال «قليلون هم الذين يأتون إلى هنا (متجره) هذه الأيام وبالتالي تنخفض المبيعات. الوضع الراهن يؤثر على جميع أصحاب المتاجر بمن فيهم أولئك الذين يبيعون أجهزة منزلية ومنتجات معدنية. قبل الاضطرابات (في سوريا) كان يأتي 100 شخص على الأقل يوميا إلى هنا.. وإذا افترضنا أن كلا منهم كان ينفق 10 ليرات تركية (40.5 دولار) فإنهم كانوا ينفقون 1000 ليرة (540 دولارا) يوميا».

وفي مكتبه في غرفة التجارة والصناعة بمدينة كيليس التركية - التي يقطنها نحو 120 ألف نسمة، والتي تبعد أقل من نصف ساعة بالسيارة عن الحدود مع سوريا - عبر رجل الأعمال التركي ونائب رئيس الغرفة محمد اردال أونديس عن أسفه من الطريقة التي تدار بها العلاقات التركية - السورية على مستوى القمة قائلا إن متوسط تجارة منطقته مع سوريا هوى بنحو 80 في المائة.

وقال أونديس «يعتمد الاقتصاد والتجارة في محافظة كيليس كليا على سوريا. لذلك تأثر الاقتصاد باستمرار الاضطرابات. معدلات التجارة هوت بنسبة 80 في المائة. الصادرات والواردات توقفت مع تعليق الجانب السوري لكل الاتفاقات التجارية». وأضاف أن متوسط أجر الشاحنة التي تدخل سوريا قفز إلى قرابة 2500 دولار من نحو 300 دولار قبل تفجر الاضطرابات في سوريا مارس الماضي.

وتقليديا فإن تركيا هي أكبر شريك تجاري لسوريا بمتوسط تبادل تجاري بلغت قيمته 2.5 مليار دولار في 2010.

لكن على المستوى القومي التركي، فإن سوريا لم تكن تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لتركيا حيث بلغت قيمة الصادرات التركية إلى سوريا في 2011 نحو 1.6 مليار دولار، وهي نسبة ضئيلة في إجمالي صادرات تركيا التي بلغت العام الماضي، وفقا لبيانات رسمية تركية 135 مليار دولار.

وتراجعت الصادرات التركية إلى سوريا نحو 30 في المائة في الأشهر القليلة الماضية عن العام السابق.

وقال محمد أصلان رئيس غرفة التجارة والصناعة في غازي عنتاب لـ«رويترز»: «تقدر قيمة الصادرات التركية إلى سوريا بنحو ملياري دولار. بلغت قيمة تجارة غازي عنتاب نحو 150 مليون دولار العام الماضي. هذه الأرقام تراجعت إلى 30 في المائة بعد الاضطرابات. لكن سوريا في ذات الوقت دولة مرور ننقل عبرها صادراتنا إلى السعودية والأردن ومصر ودول الخليج العربية. وليس بوسعنا الآن استخدام هذا الطريق الأمر الذي يؤثر على معظم الشركات».

وعلى الرغم من المشكلات الاقتصادية الآنية فإن سكان غازي عنتاب يؤيدون على نطاق واسع المحتجين المناهضين للحكومة في سوريا. ويتطلع صاحب متجر محلي في المدينة التركية يدعى أحمد كوجيك إلى نهاية عاجلة للاضطرابات في سوريا وعودة الأمور إلى طبيعتها.

وقال كوجيك لـ«رويترز»: «سوريا جارة والسوريون إخوة وأخوات لنا. نتعشم أن تنتهي الاضطرابات في أسرع وقت ممكن وأن نرى الناس يحضرون إلى هنا كالمعتاد. سنسعد حين يحدث ذلك».

ودعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى استقالة صديقه السابق بشار الأسد وأمر في نوفمبر الماضي بفرض عقوبات اقتصادية تركية على حكومة الأسد في محاولة لتجنيب الشعب السوري المعاناة الناجمة عنها. وشملت تلك العقوبات تجميد الأرصدة الحكومية ومنع دخول مسؤولين كبار إلى تركيا وتعليق الاتفاقات التجارية. وعلى الرغم من ذلك فإن أنقرة تسعى للوصول إلى طرق بديلة لتصدير بضائعها لدول أخرى في الشرق الأوسط وترى أن ذلك سيحرم سوريا من أكثر من 100 مليون دولار رسوم سنويا.

وانتقمت الحكومة السورية بفرض تعريفة تجارية على البضائع التركية قدرها 30 في المائة وأخلت الشهر الحالي القنصلية السورية في غازي عنتاب وهي إحدى البوابات التاريخية من الأناضول للشرق الأوسط.