تصعيد في مواجهة المحتجين منذ الإعلان عن المبادرة العربية يسقط أكثر من 250 قتيلا.. و نحو 100 حصيلة «جمعة حق الدفاع عن النفس»

استنفار أمني في دمشق والأمن يطلق الرصاص الحي على المحتجين ويهدم البيوت على رؤوس ساكنيها

محتجون يطالبون بسقوط نظام الأسد أمس بحمص (أ.ب)
TT

صعد النظام السوري من وتيرة القتل في مواجهة المحتجين في الأيام الأخيرة وخاصة منذ إعلان المبادرة العربية الأخيرة في الـ22 من شهر يناير (كانون الثاني) الجاري، ووصل عدد القتلى الذين سقطوا بسلاح النظام السوري إلى 251 شخصا منذ إطلاق المبادرة إلى مساء أمس حسب المكتب الإعلامي للمجلس الوطني السوري بالقاهرة الذي مد «الشرق الأوسط» بقائمة تضم عدد وأسماء ضحايا النظام السوري وتواريخ «استشهادهم». ومن أكثر المناطق التي تعرض مواطنوها للقتل من جنود النظام السوري ريف دمشق، وإدلب، وحماه، ودرعا، وحمص، ودوما.

ونام السوريون ليلة أول من أمس على نبأ مجزرة كرم الزيتون في مدينة حمص التي راح ضحيتها خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين الثمانية أشهر والتسع سنوات وأربع نساء ورجلان، وتدمير منزلين على رؤوس سكانهما واستيقظوا صباح الجمعة على نبأ مقتل 19 شخصا في منطقة عسال الورد في ريف دمشق، و18 شخصا في حي باب قبلي في حماه قال ناشطون إنه تم إعدامهم مقيدي الأيدي ليلة الخميس.

وفي تصعيد عنيف روج له وزير الخارجية السوري وليد المعلم منذ عدة أيام بالقول إن «الحل الأمني مطلب شعبي» وأتبع بمسيرات موالية للنظام يوم الخميس للمطالبة بالحسم العسكري، قالت لجان التنسيق المحلية إن الحصيلة الأولية لضحايا يومي أمس وأول من أمس بلغ «119 شهيدا بينهم 12 طفلا و9 نساء توزعوا على مختلف المدن السورية، حمص، حماه، إدلب، درعا، ريف دمشق، دمشق، حلب» في حين قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن «الحصيلة الأولية لنهار يوم أمس الجمعة قرابة 100 شهيدا».

وشهد الأسبوع الماضي جدلا حادا أثاره الناشطون من العلمانيين الذين رأوا أن اسم الجمعة يجب أن يكون «جمعة الدولة المدنية» كخطوة لتصويب اتجاه الثورة لتحقيق هدف الدولة المدنية وليس فقط إسقاط النظام، وللحد من سيطرة التيارات الدينية على تسميات أيام الجمع، الذين اقترحوا أن يكون اسم الجمعة «إعلان الجهاد» ضد نظام الأسد. كما أفاد الناشطون أنه ظهر يوم أمس وبعد التطورات التي حصلت قامت دبابات تابعة للفرقة الرابعة باقتحام بلدة رنكوس وجرى قصف عدد من منازل المدنيين وتسويتها في الأرض، وذلك بعد أنباء عن تمكن الجيش الحر من تدمير أربع مدرعات للجيش النظامي. دفعت إلى إرسال مزيد من التعزيزات العسكرية تتضمن رتلا من سبع دبابات ومدرعتين. مع الإشارة إلى منطقة رنكوس بلا كهرباء منذ عدة أيام مع وجود عاصفة ثلجية قاسية ويعاني السكان هناك من ظروف سيئة للغاية فعدا النقص الحاد في المواد الغذائية والطبية ومواد التدفئة، يصعب الوصول إلى البيوت المدمرة.

كما تجددت الاشتباكات في مدينة دوما في ريف دمشق - الغوطة الشرقية. وسمعت أصوات انفجار في منطقة جسر مسرابا والشفونية.

وفي السياق ذاته شوهدت أعداد من الشبيحة الملثمين منتشرين عند تقاطع: بيت سوى. النشابية. دمشق. دوما. مسرابا.

وفي مدينة دمشق ومع التهاب محافظة ريف دمشق التي تطوق العاصمة، تزايدت مظاهر الاستنفار الأمني في غالبية الأحياء، لا سيما في مناطق وجود مقرات عسكرية وأمنية، حيث انتشرت في كافة شوارع العاصمة أكياس الرمل والدشم البيتونية، وأغلقت العديد من الشوارع بشكل دائم، أما في المناطق الساخنة والتي تشهد مظاهرات بشكل دائم فتزداد يوما بعد آخر أعداد الجنود وعناصر الأمن والشبيحة المنتشرين في محيط الجوامع التي تخرج منها المظاهرات، وفي محيط الساحات لمنع الوصول إليها وبالأخص أيام الجمع، وجرى يوم أمس نشر كثيف لقوات الأمن في محيط جامع السلام في حي برزة، مع نشر للقناصة على أسطح المباني المرتفعة، ونصب حواجز في مداخل الحي، وفرض حالة منع تجول على السكان بشكل غير معلن عند الشارع العام، ومع ذلك خرجت مظاهرة في الأحياء الداخلية هتفت لنصرة حمص وحماه ورنكوس بعد صلاة الجمعة.

وأعلن ناشط سوري من داخل مدينة حماه لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش النظامي يحاول منذ الصباح (أمس) اقتحام حي الحميدية الذي يقع تحت حماية الجيش السوري الحر، وعندما عجز عن ذلك استخدم الدبابات والمدرعات ومضادات الطائرات في قصفه». مؤكدا أن «القوات السورية ارتكبت مجازر في حماه خلال الساعات الـ24 الماضية ذهب ضحيتها 23 قتيلا 15 منهم مجهولو الهوية، و8 أسماؤهم معروفة». لافتا إلى أن «كل المخابز أصبحت متوقفة والخبز يصل إلى بعض أحياء حماه عبر التهريب من مدن الريف». مشيرا إلى أن «الهاتف والانترنت والكهرباء كلّها مقطوعة عن حماه، والسبب هو محاولة كسر إرادة الناس، ولكن رغم هذه الأوضاع ما زالت المظاهرات على زخمها».

أما الوضع في حمص فيبدو أشدّ مأساوية، إذ أعلن الناشط خالد سليمان الذي يقيم في حي الإنشاءات في حمص أن «الأحياء الثائرة داخل المدينة تتعرض لقصف عنيف بكل أنواع الأسلحة الثقيلة، وخصوصا أحياء باب عمرو، الإنشاءات كرم الزيتون، باب السباع المحاصرة من كل الاتجاهات». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «أكثر من 42 قتيلا جرى إحصاؤهم سقطوا خلال الـ24 ساعة الماضية (ما بين ليل الخميس وليل الجمعة) عدا عن الشهداء الذين ما زالوا في تحت الأنقاض». وقال «لقد استهدف مبنى في حي كرم الزيتون بوابل من القذائف المسمارية والهاون مما أدى إلى سقوطه فوق رؤوس أصحابه وإبادة عائلة بكاملها بينها 5 نساء وعدد من الأطفال، وجثث هؤلاء لا تزال تحت الأنقاض ويصعب على الجميع الاقتراب منهم بسبب القصف والقنص». وأعلن أن «الجيش النظامي ألقى صباحا (أمس) جثث 5 شبان على طريق البرازيل وأيديهم مكبلة إلى الخلف، جرت تصفيتهم وهم في الاعتقال، ولا أحد يستطيع الاقتراب منهم وسحبهم لأن القناصة تصطاد كل من يتحرك على الأرض». وأعلن أنه «لدى نقل جريح إلى المشفى استهدفت قذيفة مسمارية مدخل المشفى مما أدى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص بينهم القائد البارز في مجلس ثوار حمص أسامة إدريس، وجرح العشرات».

إلى ذلك أعلن أمس «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «مواطنين سوريين قتلا وجرح أربعة آخرون إثر إطلاق رصاص عشوائي من قبل قوات الأمن السورية في حي المرجة في حلب، فيما استشهد طفل من مدينة حمورية في ريف دمشق يبلغ من العمر 11 عاما إثر إطلاق رصاص عشوائي من حاجز مسرابا، بينما حاصرت عشرات الآليات العسكرية من دبابات وناقلات جند مدرعة بلدة رنكوس في ريف دمشق، وقصفت بشكل كثيف ومركز البساتين المحيطة في البلدة وطالت القذائف بعض منازل البلدة، أما في محافظة درعا وتحديدا في مدينتي نوى فقد دارت اشتباكات بين الجيش النظامي السوري ومجموعات منشقة، في حين جرح ثلاثة مواطنين في مدينة انخل نتيجة استمرار إطلاق الرصاص لتفريق متظاهرين». متحدثا عن «مظاهرات خرجت في أحياء الميدان وبرزة والقابون في دمشق، واستخدمت قوات الأمن الرصاص الحي في الهواء والقنابل المسيلة للدموع لتفريق مظاهرة حي الميدان كما أطلقت النار لتفريق المظاهرة التي خرجت في حي القابون»، مشيرا إلى «خروج مظاهرة حاشدة من معظم مساجد مدينة معرة النعمان بمحافظة إدلب في (جمعة حق الدفاع عن النفس) تطالب بإسقاط النظام وتؤكد أن حق الدفاع عن النفس تكفله كل الشرائع السماوية وقوانين الأرض كما خرجت مظاهرات في عدة بلدان وقرى بريف إدلب».

واستهدف هجوم بسيارة مفخخة الجمعة حاجزا لقوات الأمن السورية عند مدخل مدينة إدلب في شمال البلاد مما أدى إلى «مقتل وجرح عناصر الحاجز»، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال المرصد في بيان تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه «انفجرت سيارة مفخخة بحاجز أمني على مدخل مدينة إدلب مما أدى إلى مقتل وجرح عناصر الحاجز»، من دون أن يحدد عددهم.

من جهته أكد مجلس ثوار محافظة حماه في بيان أصدره أمس، أن «حماه أصبحت مدينة للقهر والظلم، تحت القصف والقذف والتدمير، وأصبحت اليوم أسيرة أحالتها يد الطغيان إلى معسكر للآلاف من عناصر الجيش والأمن أتى بهم النظام إلى هذه المدينة الباسلة»، وقال البيان «منذ خمسة أيام وحتى الآن، تتعرض مدينة حماه لأعتى أنواع العسف والتدمير.