جدل حول تسليم السلطة وانتخابات رئاسية مبكرة في مصر

وسط دعوات لإلغاء انتخابات مجلس الشورى قبل 24 ساعة من إجرائها

TT

«مش هاستنى 6 شهور.. الرئيس قبل الدستور».. هتاف يدوي عاليا في ميدان التحرير وكل المظاهرات التي تشهدها مصر حاليا في الذكرى السنوية الأولى لثورة 25 يناير (كانون الثاني). ويرفض مئات الآلاف من المتظاهرين الذين يجوبون شوارع القاهرة والمحافظات في مسيرات حاشدة منذ الأربعاء الماضي السير وفقا لخريطة الطريق الذي حددها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتسليم السلطة، مطالبين بإجراء انتخابات رئاسية عاجلة وتنحي العسكر عن الحكم.

ويقول المجلس العسكري الذي تولى إدارة البلاد بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير (شباط) الماضي، إنه لا يسعى للبقاء في الحكم، وإنه يعتزم تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب في 30 يونيو (حزيران) المقبل، بعد أن تم انتخاب مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) وافتتاحه منذ أيام.

لكن ناشطين وقوى سياسية يدعون للتعجيل بانتخاب رئيس جمهورية الآن وعدم الانتظار كل هذه المدة، حتى تتم كتابة الدستور في ظل رئيس وبرلمان منتخبين بعيدا عن العسكري، كما يدعون لإلغاء انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، والتي من المقرر بدء أولى مرحلتيها غدا (الأحد)، بداعي عدم جدواها. وينص الإعلان الدستوري الصادر في مارس (آذار) الماضي، على أن «يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى في اجتماع مشترك، بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد».

لكن نرمين أحمد، الناشطة السياسية في حركة «لا للمحاكمات العسكرية»، قالت «كيف نضع دستورا جديدا في ظل حكم للعسكر؟.. يجب أن نضعه بعد انتخاب رئيس وليس تحت سلطة المجلس العسكري الذي يريد أن يمنح نفسه صلاحيات فوقية لعدم مساءلته مستقبلا».

واقترح الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، خطة جديدة لتسليم السلطة، تقضي بأن يتسلم رئيس جمهورية مؤقت ومنتخب من مجلس الشعب السلطة في البلاد، ثم يتم فورا تشكيل لجنة لوضع الدستور الذي سيحدد شكل النظام السياسي ويضمن مدنية الدولة والحقوق والحريات. وأكد البرادعي في تدوينتين نشرهما على حسابه الشخصي بموقع «تويتر»، على ضرورة أن يتلو تلك الخطوات انتخاب رئيس جمهورية تكون صلاحياته محددة وفقا للدستور الجديد، ثم انتخاب برلمان على أساس هذا الدستور، مبديا تحفظه على الاتجاه لعقد انتخابات «الشورى» رغم عدم تمتعه بصلاحيات واحتمال إلغائه لاحقا.

وأصدر الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، بيانا قال فيه «الحل كان ولا يزال متمثلا في ما رفعه الثوار منذ أكثر من ثلاثة شهور ماضية، وبالتحديد منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى الآن، وهو إصدار إعلان دستوري فوري يلغي مجلس الشورى، وفتح باب الترشح لانتخابات منصب رئيس الجمهورية فورا، على أن تجرى الانتخابات قبل 30 أبريل (نيسان)، وبذلك يتم تسليم السلطة كاملة إلى رئيس منتخب، ويعود على أثر ذلك الجيش إلى ثكناته من دون أي سلطات سياسية».

لكن فريقا آخر طرح إعادة العمل بدستور عام 1971، مع إمكانية تعديله، وتسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب الذي اختاره الشعب، والذي بدوره سيعلن عن فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة واختيار الرئيس خلال 60 يوما.

تقول الدكتورة هبة رؤوف عزت، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مصدر الشرعية هو الثورة الشعبية وليس المجلس العسكري، وإن الشعب اختار مساره في استفتاء على تعديلات دستورية واضحة، وكان الاتفاق أن يلتزم المجلس العسكري بتسليم السلطة بالكامل للمدنيين خلال ستة أشهر، مستنكرة أن يوضع دستور البلاد الجديد والمجلس العسكري ممسك بتلابيب السلطة.

واقترحت رؤوف العودة للبنود الأصلية التي تم الاستفتاء عليها ووافقت عليها الأغلبية بصيغتها الثابتة من دون أي حذف أو إضافة، وتسليم السلطة لنواب مجلس الشعب ورئيسه المنتخب.

لكن جماعة الإخوان المسلمين، أكبر فصيل مصري في البرلمان، ترفض مثل هذه الاقتراحات وتعتبرها خروجا عن الشرعية التي حددها المجلس العسكري. وقال الدكتور عصام العريان، نائب حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، لـ«الشرق الأوسط»، إن المطالبة بتنحي العسكري تؤكد إصرار البعض على عدم الالتزام بخارطة الطريق الواقعية التي توافقت عليها كل القوى السياسية.