توتر في العلاقات بين القاهرة وواشنطن عقب منع سفر نشطاء أميركيين من مصر

الإدارة الأميركية كشفت عن تحذيرها علانية للمشير طنطاوي بورقة المعونة العسكرية

TT

أصبحت التوترات المصرية الأميركية في دائرة الضوء يوم الخميس عقب إعلان القاهرة عن منع ما لا يقل عن ستة أميركيين من مغادرة البلاد، وهو ما دعا الإدارة الأميركية للتهديد صراحة بتعليق مساعداتها العسكرية لمصر.

وكانت المشكلة قد طفت على سطح الأحداث يوم الخميس عندما أعلن المعهد الجمهوري الدولي، وهو منظمة مدعومة من الولايات المتحدة تسعى لتعزيز الديمقراطية في مصر، أن السلطات المصرية قد أوقفت رئيس المعهد في مصر سام لحود - نجل راي لحود، وزير النقل الأميركي وعضو جمهوري سابق في الكونغرس عن ولاية إلينوي - في مطار القاهرة يوم السبت الماضي قبل أن يتمكن من السفر إلى دبي.

وقبل يوم واحد من منع لحود من السفر، حذر الرئيس أوباما المشير محمد حسين طنطاوي من أن المعونة العسكرية الأميركية لهذا العام تتوقف على الوفاء بالتشريعات الجديدة للكونغرس والتي تطالب الحكومة المصرية باتخاذ خطوات ملموسة نحو الديمقراطية، حسب تصريحات ثلاثة أشخاص مطلعين على المحادثة، والذين أضافوا أن أوباما قد أشار تحديدا إلى التحقيق مع العديد من المنظمات الحقوقية في مصر بتهمة تلقيها تمويلا خارجيا، بما في ذلك المعهد الجمهوري.

وعقب إعلان مصر عن منع الأميركيين من مغادرة البلاد يوم الخميس، قامت الإدارة الأميركية هي الأخرى بالكشف عن هذا التحذير علانية، حيث صرح مايكل بوسنر، وهو مساعد وزير الخارجية المسؤول عن قضايا حقوق الإنسان، في مؤتمر صحافي كان مقررا عقده من قبل في القاهرة: «الكونغرس هو الجهة المختصة بالإعلان عما إذا كانت مساعداتنا العسكرية في المستقبل ستكون مشروطة بالتحول الديمقراطي».

وقال بوسنر مرارا إن المساعدات العسكرية تواجه خطرا حقيقيا الآن وإن ما حدث مع المنظمات غير الحكومية المدعومة من الولايات المتحدة قد أثار موجة من الغضب في الكونغرس.

وقد صرح مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية بأن هذه هي المرة الأولى منذ ثلاثة عقود التي تواجه فيها المساعدات العسكرية الأميركية لمصر خطرا حقيقيا، حيث كانت هذه المعونة، والتي تبلغ 1.3 مليار دولار سنويا، بمثابة شيء مقدس، لأنها تعد الثمن الذي تدفعه الولايات المتحدة للحفاظ على معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979. ورغم مطالبة بعض أعضاء الكونغرس خلال العام الحالي بفرض شروط على المساعدات الأميركية لمصر، فإن إدارة أوباما كانت دائما ما تعارض هذه الفكرة.

لقد أصبحت القضية بالفعل محور «جدال فعلي» داخل الإدارة، بحسب مسؤول رفيع بوزارة الخارجية. وقال المسؤول: «إنني متردد في الإقرار بأن لدينا أدلة مؤكدة واضحة على ما سوف يحدث». وأضاف: «أعتقد أنهم يدركون الأهمية التي نعلقها على هذه القضية والفائدة التي ستعود بالفعل على مصر من المضي قدما انطلاقا من مواطن الخلاف هذه».

تعود جذور الخلاف بين واشنطن والقاهرة حول المساعدات الأميركية المقدمة لمنظمات حقوق الإنسان وبناء الديمقراطية المصرية إلى عهد الرئيس السابق حسني مبارك. فمن أجل الاحتفاظ بسيطرته على المنظمات التي ربما تشكل تهديدات محتملة لنظامه، كان مبارك يلزم المنظمات غير الهادفة للربح بالحصول على تراخيص، والتي لم تكن تصدر مطلقا.

غير أن الجنرالات قد استمروا في ترديد النغمة الرتيبة التي ظل نظام مبارك يلقيها على مسامع الشعب، ألا وهي أن حالة الاضطراب تحركها «أيادٍ خارجية». وعادة ما يشير المجلس العسكري الحاكم على وجه التحديد إلى واشنطن، زاعما أن الولايات المتحدة تمول الجماعات المصرية التي تقف وراء حالة الاهتياج الدائمة في الشوارع.

في الربيع الماضي، بدأ المجلس العسكري الحاكم تحقيقا جنائيا رسميا في حصول منظمات غير هادفة للربح على تمويل أجنبي. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول)، داهم المحققون، يرافقهم أفراد من شرطة مكافحة الشغب المسلحة، مكاتب سبع منظمات حقوقية، من بينها أربع منظمات تحصل على تمويل من الحكومة الأميركية. وقد تعرضت المداهمات لانتقادات عنيفة من جانب مسؤولين ومشرعين ومجموعات تأييد أميركية.

وقال سام لحود في أحد اللقاءات إن منظمته قد تعاونت مع التحقيقات، التي تجرى من قبل قضاة في إحدى المحاكم في القاهرة. وبناء على طلب المحققين، وقع بالفعل على بيان في نسخة من جواز سفره يتعهد فيه بأن يكون موجودا لإجراء التحقيق التالي معه. وقال إن 17 عضوا بفريق عمل المنظمة قد تم التحقيق معهم وإنه تم استدعاء ثلاثة من الأعضاء مرة أخرى لإجراء جلسة تحقيق ثانية.

وقال: «لا يبدو الأمر وكأننا نتجنبهم أو نراوغهم».

وفي القاهرة، تعذر الوصول إلى مسؤولين من وزارة العدل ومكتب المدعي العام للحصول على تعليقهم على الأحداث. وقال عمرو رشدي، متحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن القيود المفروضة على السفر كانت «عملية قضائية بحتة»، تتم بناء على طلب النائب العام. ولدى إخباره بأن الجدل المثار حول إجراء التحقيقات ربما يؤثر على المعونة الأميركية المقدمة لمصر، توقف عن الحديث، ثم قال: «حقا؟» منذ بدء العام المالي في أكتوبر (تشرين الأول)، لم تقدم الولايات المتحدة أي إعانات مالية، على الرغم من أن الحصص المخصصة من ميزانية العام الماضي لم توضع موضع التنفيذ بعد. وقد خصصت الإدارة الأميركية مبلغ 250 مليون دولار إضافية في صورة معونة اقتصادية، لكنه لا يخضع للتصديق.

* خدمة «نيويورك تايمز» - ساهم في إعداد التقرير ستيفن لي مايرز من واشنطن، وديفيد كيركباتريك من القاهرة.