إسرائيل تعتبر الجدار العازل حدود الدولة الفلسطينية.. والسلطة: هذا لا يشكل بداية

اليمين يعتبر هذا الموقف خيانة من نتنياهو

جزء من الجدار العازل الذي يفصل مخيم شعفاط عن مستوطنة بسغات زئيف في منطقة القدس المحتلة (رويترز)
TT

عرضت إسرائيل على السلطة الفلسطينية، خلال الجولة الأخيرة من محادثات عمان، مقترحاتها لـ«مبادئ حدود الدولة الفلسطينية» بشكل شفهي، وتبين من مصادر إسرائيلية عليمة أنها لا تتحدث عن حدود ما قبل حرب 1967 كأساس لحدود الدولة، بل عن تثبيت الجدار العازل الذي بنت قسما كبيرا منه داخل حدود الضفة الغربية وتحويله إلى حدود نهائية كما أنها لا تشمل القدس المحتلة ومنطقة غور الأردن.

ورفض رئيس الوفد الإسرائيلي، يتسحاق موخلو للمفاوضات حتى تقديم خريطة أو أي وثيقة مكتوبة بهذه المقترحات. ولم يجب في اجتماع يوم الأربعاء الماضي في هذا الشأن، على سؤال رئيس الوفد الفلسطيني، صائب عريقات، حول ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لمبدأ تبادل الأراضي على أساس حدود 1967. وقال إنه على استعداد لتوفير الأجوبة في أسرع وقت، إذا استمرت المفاوضات. وأضافت هذه المصادر أن مولخو قال إن أحد المبادئ التي تصر عليها إسرائيل هو أنه في إطار الحل الدائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يبقى غالبية المستوطنين في الضفة الغربية ضمن حدود إسرائيل، في حين أن غالبية الفلسطينيين في الضفة الغربية يكونون ضمن الدولة الفلسطينية التي ستقوم.

ورفض مسؤول فلسطيني ما نقله مولخو، إلى الجانب الفلسطيني. واعتبر جمال محيسين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المقترحات «لا تشكل بداية لانطلاق المفاوضات». وقال محيسين إن الإسرائيليين دوما يطالبون بالاحتفاظ بشريط عرضه عشرة كيلومترات في الضفة الغربية لاعتبارات أمنية، تضمن أيضا بقاء الكتل الاستيطانية في إطار إسرائيل وكذلك القدس الشرقية. وأضاف محيسين أن المفاوضات منذ اليوم الأول تدور في حلقة مفرغة ولكنه رفض القول ما إذا كانت القيادة الفلسطينية ستذعن للضغوط الأميركية والأوروبية وحتى الأردنية لمواصلة ما يفضل الفلسطينيون تسميته بالمفاوضات الاستكشافية، لشهرين آخرين كما تطالب بذلك إسرائيل، بقوله «لا نريد استباق الأحداث» مؤكدا أن القيادة الفلسطينية ستبحث الموضوع في اجتماعها غدا في رام الله، وتتخذ موقفا سينقله الرئيس محمود عباس (أبو مازن) إلى اجتماع لجنة المتابعة العربية.

وكانت صحيفة «هآرتس» قد أشارت في هذا السياق إلى أن الطاقم الفلسطيني رفض في اللقاء السابق قبول عرض شفوي بشأن الترتيبات الأمنية من قبل رئيس شعبة التخطيط الاستراتيجي في الجيش. وقال مولخو لعريقات في اللقاء الأخير إن إسرائيل ستعرض موقفها بشأن الترتيبات الأمنية في اللقاء القادم. كما كتبت «هآرتس» أنه رغم أن حكومة نتنياهو توافق للمرة الأولى على مناقشة القضية الجغرافية، فإن الحديث على ما يبدو عن خطوة تكتيكية تهدف إلى ممارسة الضغوط على السلطة بما يصعب عليها تفجير المحادثات بذريعة أن إسرائيل لم توافق على مناقشة قضية الحدود.

وعندما عاد مولخو إلى إسرائيل، هاجم المواقف الفلسطينية، على أنها تتملص من خوض محادثات جدية، وقال «إن المفاوضات لا يمكن إنعاشها في ظل الصلابة التي يمارسها الجانب الفلسطيني، وشروطه المسبقة، وهي اعتراف الجانب الإسرائيلي بحدود 1967 كمرجعية للمفاوضات، وإيقاف الاستيطان على الفور».

وكشف مولخو أنه قدم خلال المحادثات، كتابا ترى فيه إسرائيل «تجسيدا لممارسات التحريض التي تقوم بها السلطة الفلسطينية على إسرائيل». ويورد الكتاب الصادر باللغة الإنجليزية، ما تعتبره إسرائيل «خُدعة: خيانة العملية السلمية» و«ثقافة الكراهية السائدة ضد إسرائيل في وثائق وتصريحات ومناهج السلطة ووسائل إعلامها الرسمية». كما تطرق مولخو خلال المحادثات، إلى أقوال تفوه بها مفتي القدس وخطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد حسين، في حفل خاص بحركة فتح، يقتبس فيها آيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية تجيز قتل اليهود. وقال إن الحكومة الإسرائيلية ترى أنه يتعين على السلطة نشر ثقافة السلام في صفوف الشعب الفلسطيني، وأن الأمر حاسم لبناء أرضية واقعية لسلام مستقبلي بين الطرفين.

وقال مولخو إن الظن السائد في إسرائيل هو أن السلطة الفلسطينية، وبدلا من بذل الجهد في التفاوض، تعول على تحرك أحادي الجانب عبر المجتمع الدولي، والاستمرار في طلب العضوية في الأمم المتحدة خلافا لموقف الولايات المتحدة، إسرائيل، ودول مركزية في أوروبا. ولفت إلى تصريحات لوزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، بأنه يستعد لزيارة خمس دول، هي الأعضاء الجدد التي انضمت إلى مجلس الأمن، تأكيدا على أن طلب العضوية يبقى الأول في سلم أفضليات القيادة الفلسطينية.

وفور نشر الأنباء عن «خريطة نتنياهو الشفهية» لحدود الدولة الفلسطينية، خرجت إذاعة المستوطنين في هجوم كاسح عليه، متهمينه بالتفريط في المستوطنات الكبيرة الواقعة وراء الجدار، مثل مستوطنات منطقة بيت لحم ومدينة معاليه أدوميم جنوب شرقي القدس ومستوطنة أرئيل غرب نابلس. كما هاجم نتنياهو، قائد الجناح المتطرف في الليكود، موشيه فاغلين، الذي ينافسه على رئاسة حزب الليكود، فقال إن نتنياهو قائد خطير سيتنازل للفلسطينيين في حال مورست ضغوط عليه من أوروبا والولايات المتحدة. وقال إن هذه هي أول مرة يفصح فيها نتنياهو عن أفكاره اليسارية.

من جهة ثانية، أعلن مكتب نتنياهو أنه تلقى مكالمة هاتفية ودية من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، دعته فيها إلى مساعدة الرئيس الفلسطيني، على مواصلة المفاوضات وذلك بالتجاوب مع مطالبه وأن نتنياهو أجاب أنه مستعد لتقديم عدة خطوات سخية لتسهيل حياة الفلسطينيين بينها توسيع نطاق السلطة في مناطق جديدة تنسحب منها إسرائيل. فأجابت بأنها ستبلغ عباس بهذا الاستعداد.