المراقبون العرب في سوريا: زيارات قصيرة وملاحظات قليلة

باتوا يشعرون بأنهم أكثر عرضة للمخاطر بعد التقرير الأخير الذي أصدره رئيس البعثة

محتجون في حمص أمس يرفعون لافتة يدعون من خلالها الأسد للرحيل (رويترز)
TT

في زيارة لمراقبي الجامعة العربية للأحياء التي تشهد أحداثا واحتجاجات في دمشق، كانت محطاتهم، أول من أمس، مثيرة للقلق وقصيرة ومحدودة.

وفي عربين، التي تبعد أقل من 10 أميال عن العاصمة السورية، خرج المراقبون من الموكب المفروض عليه حراسة مشددة، لفحص جثتين لضحيتين سقطتا في أحداث العنف الأخيرة كانتا ملقاتين في الشارع، ثم ابتعدا بعد بضع دقائق مع قدوم مجموعة من المتظاهرين. ونتيجة لاندفاعهم في عجلة، لم يتمكنوا من فحص الجثث الأخرى، حسبما ذكر أحد المراقبين لاحقا.

وبعدها، دخلوا حي حرستا، حيث اصطف الضباط على طول طريق الدخول، محتلين مواقع أظهرت سيطرتهم المؤقتة. وجلس بعضهم على الرصيف، في حين تنقل بعضهم جيئة وذهابا أمام أحد المخازن.

وخلا الشارع من المارة مع وصول المراقبين. وأشهر حراس الأمن التابعون لهم أسلحتهم، وأجروا عملية بحث في أسقف المنازل، قبل أن تفحص بعثة مراقبي الجامعة العربية مخبأ للأسلحة التي تم الاستيلاء عليها بأحد المنازل، التي شملت بنادق هجومية وذخيرة، إضافة إلى علم المعارضة.

بعدها، استقلوا سياراتهم عائدين إلى الفندق الذي يقيمون به، بعد اطلاعهم على القليل من الأحداث التي تجري مجراها في الأحياء التي تشكل تحديا خطيرا ومتزايدا يهدد حكم النظام.

وأشار مراقبو الجامعة العربية ومسؤولون حكوميون، أول من أمس، إلى أنه كان من المتعذر القيام بجولة أطول في حرستا وعربين ودوما القريبة، نظرا لأن المظاهرات المناهضة للنظام باتت روتينية، وكذلك بسبب مهاجمة رجال مسلحين، بينهم كثيرون متحالفون مع المتظاهرين، قوات الأمن بقوة متزايدة.

«لا يمكننا دخول أحياء معينة، مثل دوما»، هذا ما قاله أحد أفراد قوات الأمن التي تتولى حراسة المراقبين، واستكمل قائلا: «سوف نلقى حتفنا».

وكشفت الزيارة القصيرة أيضا عن القيود التي تحكم زيارة بعثة المراقبين، حيث تحول القتال من مواجهات دامية متكررة بين المتظاهرين وقوات النظام إلى صدامات بين جماعات مسلحة وقوات أمن.

وقال كثير من المراقبين إنهم باتوا يشعرون بأنهم أكثر عرضة للمخاطر، بعد التقرير الأخير الذي أصدره رئيس البعثة، الجنرال محمد أحمد الدابي، الذي كان ينظر إليه، على الأقل من جانب النظام السوري، بوصفه يلقي باللوم بالمثل على المسلحين التابعين للمعارضة على العنف الدائر في البلاد. كنتيجة، بدأ المراقبون يعولون بشكل خاص على قوات الأمن التابعة للنظام، مع قيامهم بجولتهم يوم الخميس. ولم يلتقوا بأي نشطاء من المعارضة، ولا حتى بالناشط الذي كانوا قد حددوا موعدا لمقابلته لإعطائهم قائمة بأسماء الأفراد الذين تم احتجازهم من قبل قوات الأمن.

وقال المراقب جعفر كبيدة، أحد قادة البعثة ودبلوماسي سوداني سابق، إن الناشط لم يكن سيتمكن من زيارتهم، وهم محاطون بجيش النظام. وقال كبيدة إنه على مدار أسابيع، بحث مراقبون بشكل متكرر عن رموز معارضة، مع قيامهم بزيارتهم. قال كبيدة: «أصبح الناس أكثر انفعالا واندفاعا. لقد تغيرت الحالة المزاجية».

كان القيام بزيارة لدوما (وهو الإجراء الذي يبدو أن المراقبين كانوا في أمس الحاجة له) أمرا مستحيلا. خلال الأسبوع الماضي، حاول أفراد الجيش وقوات الأمن حشد مئات المسلحين من المعارضة الذين كانوا يفرضون سيطرتهم على أجزاء من المدينة.

وبعد قطع الكهرباء وخدمة الهواتف الجوالة، بدأت الحكومة تشن هجمات على دوما، أول من أمس، بحسب نشطاء، حيث ألقت القبض على مئات الأفراد أثناء مداهمات للمنازل، قبل التقهقر إلى أطراف المدينة ليلا.

وقال ناشط في دوما، ذكر أن اسمه محمد، إن المدينة قد اعتبرت «محررة»، ولكن متعذر الدفاع عنها. وعلى الرغم من أن نحو 500 مقاتل كانوا يحمون دوما، على حد قول الناشط محمد، فإنه ليس بوسعهم تأمين عشرات المداخل بأكملها. وقال: «كان الوضع أشبه بالجحيم في دوما».

واستمر القتال العنيف يوم الخميس في حماه، في وسط سوريا، حيث ذكر نشطاء أنه قد تم العثور على جثث ما لا يقل عن 23 رجلا سقطوا على يد قوات الأمن. وقد تعذر التحقق من صحة التقرير الذي قدمته لجان التنسيق المحلية للمعارضة. ونشرت المجموعة مقطع فيديو يعرض جثامين الرجال الذين قيل إنه قد تم العثور عليهم في حي باب القبلي، من بينهم الكثير من الضحايا الذين بدت أياديهم وأرجلهم مقيدة، وظهرت على رؤوسهم جروح جراء طلقات نارية.

وذكرت وكالة الأنباء الحكومية السورية (سانا) أن قوات الأمن قد دخلت في صدام مع «جماعة إرهابية مسلحة» في حماه، واعتقلت عددا كبيرا من الأفراد، وقتلت «كثيرين آخرين». وقالت وكالة الأنباء إن السلطات قد استولت على متفجرات وأجهزة تفجير عن بعد وقاذفات قنابل صاروخية.

وبدأت زيارة المراقبين، أول من أمس، بأطول محطة خلال اليوم، بمكتب محافظ في محافظة ريف دمشق، حسين مخلوف، الذي أقر بأن رجالا مسلحين «أحكموا سيطرتهم على بقية المناطق». وقال إن الرجال المسلحين اكتسبوا تلك السيطرة، بعد أن وفى نظام الرئيس بشار الأسد بوعده للجامعة العربية وسحب دباباته من المدن.

واستمر الاجتماع خلف الأبواب المغلقة، حيث صرح مسؤول من الشرطة للمراقبين بأن مقاتلي المعارضة قد أمضوا يومين كاملين في محاولة شن هجوم على قسم شرطة في عربين، باستخدام بلدوزر في إحدى المرات، بحسب كبيدة. وقال: «الوضع لم يكن مناسبا بالنسبة لنا للذهاب اليوم».

* خدمة «نيويورك تايمز»