مصريون يحيون ذكرى يوم الغضب في 28 يناير ويحاصرون مبنى التلفزيون الرسمي

الآلاف أدوا صلاة الغائب فوق كوبري «قصر النيل».. ومسيرات من أمام منازل ضحايا الثورة

آلاف المصريين بالقرب من ميدان التحرير يقرأون الفاتحة أمس على الضحايا الذين سقطوا أثناء الثورة (أ.ف.ب)
TT

أحيا المصريون أمس (السبت)، الذكرى الأولى لـ«جمعة الغضب» يوم 28 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، وهو اليوم الذي شهد مواجهات دامية وفارقة بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزي، أسفرت عن مئات القتلى وآلاف المصابين، ومهدت الطريق أمام سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك، في 11 فبراير (شباط). واحتشد المئات أمس في ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة، بينما حاصر الآلاف مبنى ماسبيرو (التلفزيون الرسمي)، مطالبين بتسريع تسليم السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة للمدنيين. وبينما واصل متظاهرون اعتصامهم لليوم الرابع في التحرير وأمام ماسبيرو، قاطع آخرون شركات المحمول وأغلقوا هواتفهم لمدة 12 ساعة تعبيرا عن استنكارهم لقطع خدمة المحمول والإنترنت يوم 28 يناير من العام الماضي.

وفي غضون ذلك، أطلقت 36 حركة سياسية وائتلافا شبابيا مبادرة لإنهاء حكم العسكر، فيما استمر الصمت الرسمي، ولم يعلق المجلس العسكري الحاكم أو حكومة الإنقاذ الوطني على الأحداث في البلاد.

وبررت مصادر حكومية صمت الأجهزة الرسمية تجاه الأحداث المتصاعدة في الشارع في مصر بأنها ملتزمة بخارطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري لتسليم السلطة في نهاية يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما علق عليه مراقبون بقولهم إن صمت الحكومة «معتاد»، متوقعين «عدم قيام الحكومة باتخاذ أي تحرك لتهدئة المتظاهرين في التحرير».

من جانبها، أعلنت حركات سياسية وائتلافات شبابية عن مبادرة لعودة الجيش لثكناته فورا، كما أعلنت عن تنظيم مسيرة بعد غد (الثلاثاء) من ميدان التحرير إلى مقر البرلمان بشارع قصر العيني القريب منه، لرفع مطالب المبادرة للبرلمان، مؤكدين في بيان لهم «رفض استمرار حكم العسكر»، قائلين إن «الحل الوحيد هو تسليم السلطة للمدنيين»، موضحين أن «الخطر الحقيقي على الثورة هو أن يكتب أول دستور للبلاد في ظل حكم العسكر الذي يسعى بكل قوته لإصدار دستور يستطيع من خلاله تأمين مصالحه، وتأييد استمراره في خلفية المشهد السياسي كقوة مؤسسية فوق السلطة والمحاسبة».

وقال أحمد عبد الجواد، عضو ائتلاف شباب ثورة 25 يناير، لـ«الشرق الأوسط: «طالبنا في المبادرة بتشكيل لجنة من أعضاء البرلمان لها صفة الضبطية القضائية للتحقيق في كل أحداث قتل المتظاهرين وتقديم المسؤولين للمحاكمة أيا كانت مناصبهم الحالية». وتابع «كما طالبنا بتشكيل لجنة فورية من أعضاء مجلس الشعب تكون مختصة بكل الشؤون والإجراءات التي تستلزمها الانتخابات الرئاسية، على أن يتم فتح باب الترشيح في موعد أقصاه 11 فبراير المقبل، ويتم إجراء الانتخابات خلال مدة أقصاها 60 يوما، وتشكيل لجنة من منظمات المجتمع المدني والثوار للمشاركة في الإشراف على انتخابات الرئاسة، إلى جانب الإشراف القضائي الكامل، مضيفا أن القوى المشاركة في صياغة المبادرة تنتظر رد الفعل الرسمي على المبادرة، وتأييد باقي القوى السياسية.

وأعلنت حركة شباب 6 أبريل إنهاء فعاليات اعتصامها بميدان التحرير أمس، قائلة في بيان لها «الحركة لن تعتصم لأنها تستهدف العودة إلى كل ميادين مصر من أجل الحشد والتوعية بضرورة تنفيذ مطالب الثورة وتقديم برامج لحل كل ما يواجه مصر من صعوبات في هذه المرحلة».

وشهد ميدان التحرير العديد من المسيرات أمس، للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين، ورفع المتظاهرون الذين قدموا من أمام منازل «الشهداء» في أحياء متعددة بالقاهرة لافتات تندد بالمجلس العسكري، وأدى المتظاهرون صلاة الغائب على «الشهداء» فوق كوبري قصر النيل الذي شهد سقوط عدد كبير من القتلى والمصابين خلال أدائهم صلاة العصر في مثل هذا اليوم من العام الماضي.

وفي حين قرر مصريون مقاطعة شركات المحمول، استجابة لدعوات تبنتاها جهات عديدة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» لإغلاق أجهزة التليفون المحمول لمدة 12 ساعة تعبيرا عن استنكار الشعب لما حدث من قطع لخدمة المحمول والإنترنت، وتوجيه اتهامات لشركات المحمول بالتواطؤ ضد المواطنين في يوم 28 يناير الماضي، أعلن الدكتور محمد سالم وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن شركات المحمول ليس لها ذنب في قطع الخدمة عن المشتركين في الأيام الأولى لانطلاق أحداث ثورة 25 يناير، مؤكدا أن «قرار قطع الخدمة تم اتخاذه رغما عن الشركات التي لم تكن موافقة أو راضية عنه، وأن هذه الشركات تعرضت لضغوط شديدة».

وأرجع سالم امتثال الشركات لقرار الدولة بقطع الخدمة إلى أن قانون الاتصالات لعام 2003 يلزمها بالانصياع للجهات الأمنية في هذا الصدد.

وأكد الوزير أن قانون الاتصالات الذي تم بموجبه قطع الاتصالات تم تعديله مؤخرا لمنع تكرار هذا الإجراء، وأن القانون المعدل تمت إحالته لمجلس الوزراء لاعتماده قبل إحالته للبرلمان لإقراره، مشيرا إلى أن «القانون الجديد يعطي الحق في قطع الخدمة فقط لرئيس الدولة في حالات الحروب والكوارث الطبيعية والبيئية وبعد موافقة مجلس الوزراء، على أن يعرض القرار على البرلمان، لتوضيح الأسباب التي أدت إلى اتخاذ قرار القطع».

ولم تكن محافظات مصر بعيدة عن إحياء يوم الغضب أمس، ففي الإسكندرية واصل «أهالي الشهداء» احتجاجهم وأقاموا سرادق عزاء ضخما بميدان القائد إبراهيم بوسط المدينة، ونظمت الحركات والائتلافات مسيرات بالملابس السوداء من أمام منزل الناشط الراحل خالد سعيد، فسرتها رانيا ندى منسقة حركة مصرنا بالإسكندرية، بأنها «اعتراف بأن الحادث الذي تعرض له (خالد سعيد) كان بمثابة الحادث الملهم للثورة».