وفد من وكالة الطاقة إلى إيران.. ومستشار خامنئي: لسنا في مزاج تقديم التنازلات

مصادر دبلوماسية غربية لـ «الشرق الأوسط»: نخشى مراوغات إيرانية والعودة لأسلوب التعاون «نتفة نتفة»

TT

غادر إلى طهران أمس وفد عالي المستوى من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بقيادة هيرمان ناكرتس، نائب المدير العام رئيس قسم الضمانات، بالإضافة إلى رفائيل غروسي، مساعد المدير العام للسياسات، وخمسة خبراء آخرين. وسيبدأ الوفد اجتماعاته اليوم في طهران للضغط على المسؤولين الإيرانيين من أجل التعامل مع الشكوك في أن الجمهورية الإسلامية تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية. وكانت الوكالة قد أعلنت مطلع الأسبوع عن الزيارة في بيان صحافي صدر من مكتب مديرها العام حدد أهدافها في حلحلة قضايا جوهرية ما تزال عالقة وتوقيتها من 29 إلى 31 الجاري، مؤكدا أن الوفد يصل إلى إيران بروح بناءة وثقة كبيرة، طامحا إلى أن يتعامل الجانب الإيراني مع الوفد بالروح ذاتها.

من جانبه، اكتفى رئيس الوفد، في ردود مقتضبة على أسئلة الصحافيين تكرم بها قبل مغادرته مطار فيينا أمس، بالتأكيد على أن الوكالة تحاول تسوية كل القضايا الجوهرية العالقة، مكررا القول إنهم يتطلعون إلى بدء حوار كامل حول الأبعاد العسكرية المحتملة للنشاط النووي الإيراني، مردفا أنه حوار كان من المفترض أن يبدأ منذ زمن طويل، وذلك في إشارة لعام 2008 عندما طلبت الوكالة من إيران تحديد موعد لبحث معلومات تسلمتها من 10 وكالة استخبارات بالإضافة لمصادرها الخاصة، تتهم وتشير لاحتمال أبعاد عسكرية للنشاط الإيراني النووي غير المعلن، بما في ذلك معلومات عن دراسات وعمليات شراء وتجارب وانفجارات ومساع لتركيب رؤوس نووية لصورايخ «شهاب» التي لا تخفي إيران امتلاكها وتستعرضها في مناسباتها القومية.

وكان مدير عام الوكالة، يوكيا أمانو، قد أشار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في تقريره الأخير الذي أرفقه للمرة الأولى بملحق خاص عن تلك الاتهامات وتلك الأبعاد العسكرية المحتملة، على الرغم من النفي الإيراني المتكرر، إلى ضرورة أن تسمح إيران للوكالة بزيارة لبحث هذا الأمر وحلحلته، فيما سارعت إيران التي أغضبها التقرير، لرفض الزيارة والقول على لسان مندوبها لدى الوكالة، السفير علي أصغر سلطانية، بعدم استعدادها لاستقبال أي وفد من الوكالة، متهمة إياها بالانسياق وراء دول ذات أجندة سياسية ضد إيران.

من جانبها رحبت مصادر بالسماح الإيراني بالزيارة، بدعوى أن الزيارة مؤشر لتغيير هام في الموقف الإيراني، وأنها دلالة مرونة تعكس رغبة إيران في مزيد من التعاون والشفافية مع الوكالة الدولية، مما يقوي فرص قبول عودة إيران لمائدة التفاوض مع المجتمع الدولي، ممثلا في مجموعة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا، بحثا عن حل دبلوماسي لقضية الملف النووي الإيراني، بدلا من مزيد من الضغوط والمجابهات المفروضة على إيران الآن، التي قادت لفرض حظر على أي صادرات نفطية إيرانية جديدة لدول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة للحظر الأميركي. ومعلوم أن نتائج الزيارة سيتم تضمينها في التقرير المتوقع لمدير عام الوكالة الذي سيرفعه لمجلس أمنائها لمناقشته في اجتماعه مارس (آذار) المقبل.

من جانبه كان المندوب الإيراني قد وصف الزيارة بفرصة لإحباط مؤامرات الأعداء ولتسوية ادعاءات لا أساس لها من الصحة، ولمزيد من الشفافية في تعامل بلاده مع الوكالة، فيما كررت تصريحات مسؤولين إيرانيين استمرار تعاون إيران مع الوكالة دون المساس بحقوقها القانونية ومبادئها الأساسية.

إلى ذلك، استبعدت مصادر دبلوماسية غربية في تعليق لـ«الشرق الأوسط» أن تؤدي الزيارة على الرغم من أهمية توقيتها لأية نتائج إيجابية، مبدية خشيتها أن تكون مجرد مماطلة إيرانية جديدة بذات الأسلوب الإيراني المعهود بالتعاون «نتفة نتفة» وأن تسعى حكومة طهران لاستغلالها للظهور بالحرص على التعاون مع الوكالة والامتثال لقراراتها، على الرغم من أن إيران لم تنف قط استنكارها لما جاء في تقرير المدير العام.

وتلفت تلك المصادر الانتباه إلى أن الزيارة تجيء في زمن لا تحتاج فيه إيران لفتح جبهة جديدة، وأن الزيارة تتزامن مع ما وصفته المصادر بمراوغة إيرانية للعودة لمائدة التفاوض كمخرج دبلوماسي يبعد عن إيران مهددات هجوم مسلح ضد منشآتها النووية، كما يكسبها مزيدا من الوقت للوصول لهدفها بامتلاك التقنية النووية والإلمام بكيفية تحويلها لسلاح نووي في أقصر وقت شاءت.

وأشارت تصريحات المستشار الأعلى للشؤون الدولية للزعيم الإيراني الأعلى، علي خامنئي، أمس، إلى أن إيران ليست في مزاج تقديم التنازلات. وقال علي أكبر ولاياتي، في ما نقلته عنه وكالة أنباء الطلبة الإيرانية: «موقف إيران بشأن المسألة النووية الخاصة بنا لم يتغير فيما يتعلق بالأساسيات والمبادئ.. وأحد المبادئ المهمة هو أن إيران لن تنهي أو تتراجع عن أنشطتها النووية السلمية».