مصادر في دمشق وعمان: مشعل لن يعود للإقامة في سوريا بعد مغادرة أسرته

أمضى الأسابيع القليلة الماضية متنقلا بين عواصم عربية.. ومصادر في حماس تنفي الرحيل نهائيا

مشعل مع أبو مازن وعبد الله شلح وسليك الزعنون في اجتماعات القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر مطلعة في دمشق وعمان، أن كبار قادة حركة حماس وكوادرها وأسرهم، في العاصمة السورية دمشق، باستثناء عضو المكتب السياسي عزت الرشق (يتوقع أن يغادر قريبا)، غادروها خلال الأسابيع القليلة الماضية. وحسب المصادر المطلعة في دمشق، التي طلبت عدم ذكر اسمها، فإن نحو 75 في المائة، من قادة وكوادر وعناصر حماس، قد غادروا العاصمة السورية، ومعظم الباقين هم من الكوادر العسكرية التابعة لكتائب عز الدين القسام.

وأكدت المصادر أن أسباب مغادرة قادة حماس لدمشق، ليس بسبب مضايقات من جانب السلطات السورية، بل مرتبطة بمجملها بالوضع المحرج الذي تعيشه هذه القيادة وخلفيتها السياسية، كونها منتمية إلى حركة هي أساسا من جماعة الإخوان المسلمين.

وقالت مصادر في العاصمة الأردنية، عمان، إن أسرة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة، انتقلت، منذ أسبوعين، للعيش في عمان، وإنها الآن موجودة في زيارة في القاهرة. وكذلك الحال بالنسبة لأسرتي محمد نزال وسامي خاطر. وحسب هذه المصادر، فإنه لا يوجد أي حظر على إقامة هذه الأسر في الأردن، خاصة أن أفرادها يحملون جوازات السفر الأردنية.

أما بالنسبة لموسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي، فإن أفراد أسرته انتقلوا إلى القاهرة، باعتبارهم من حملة وثائق السفر الفلسطينية، ويحملون أرقاما وطنية، ويتمتعون بحق الإقامة في قطاع غزة، كما هو حال أبو مرزوق نفسه الذي زار القطاع عندما توفت والدته.

وبالنسبة لمشعل نفسه، فإنه، وحسب مصادر دمشق، متغيب عن سوريا منذ عشرين يوما، ولم يزرها في الأسابيع الأربعة أو الخمسة الماضية، إلا خمسة أيام فقط، نقل خلالها رسالة شفوية من الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، إلى وزير الخارجية السوري، وليد المعلم. ولا تتوقع هذه المصادر أن يعود من أجل البقاء، وإنما لزيارات خاطفة فقط، كي يبدو الانسحاب هادئا.

وأكدت مصادر فلسطينية في الضفة الغربية لـ«الشرق الأوسط» ما قالته مصادر دمشق، وهو أن السلطات السورية لم تطلب من مشعل أو أي من قادة حماس وكوادرها مغادرة أراضيها بأي شكل من الأشكال، وأن السبب وراء انسحابات قادة حماس هو الوضع السياسي المحرج الناجم عن انتفاضة الشعب السوري التي يدعمها حزب الإخوان في سوريا، والأسلوب الدموي الذي يواجه به النظام السوري أبناء شعبه.

غير أن مسؤولا كبيرا بحركة حماس في قطاع غزة، نفى ما تردد عن مغادرة مشعل لدمشق بشكل نهائي، واستقراره في قطر. وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الأنباء لا أساس لها من الصحة «فالسيد مشعل وقيادات أخرى في حماس يقضون أوقات أكثر في السفر خارج سوريا لمتابعة الأعمال وتسيير شؤون الحركة، بسبب الظروف التي تمر بها سوريا».

وأوضح أن عددا من الشخصيات الدولية طلبت لقاء مشعل، لكنها فضلت أن تتم اللقاءات خارج سوريا، بسبب الأحداث الجارية هناك. وأشار في هذا السياق إلى اللقاء الذي تم مع المبعوث السويسري لعملية السلام في الشرق الأوسط، جان دانيال روخ، في القاهرة. وكذلك لقاء آخر كان مخططا له مع الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، وغيرها قال المصدر إنه سيفصح عنها في حينه.

والحال (كما قالت المصادر) كذلك بالنسبة لأبو مرزوق ومحمد نصر ومحمد نزال وعزت الرشق، فإنه ليس من المتوقع عودتهم للإقامة في دمشق، بل لزيارات خاطفة أيضا. ويفترض أن يكون الأربعة قد سبقوا مشعل إلى الأردن، أمس، للترتيب لزيارته التي طال انتظارها إلى عمان، ويفترض أن يصل إليها اليوم برفقة ولي عهد قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على متن طائرته الخاصة. وسيلتقي مشعل برفقة الشيخ تميم، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ومسؤولين أردنيين آخرين.

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قد نسبت إلى مصادر في حماس في قطاع غزة، القول إن مشعل عمليا ترك قاعدته في دمشق التي انتقل للعمل منها بعد ترحيله عن الأردن عام 1999، وإنه ليس لديه النية بالعودة.

وقال مسؤول حماس، الذي لم تكشف الصحيفة عن اسمه: «إن الوضع في سوريا لا يسمح للقيادة بالبقاء (في سوريا)».

وأضاف المسؤول وغيره ممن وجدوا، الذين تحدثوا شرط عدم نشر أسمائهم، أن قادة حماس غادروا العاصمة السورية بسبب المخاوف الأمنية. لكن الحركة لم تتخذ قرارا بعد بإغلاق مكاتبها في سوريا، أو المكان الذي ستنقل إليه. وأشار هؤلاء إلى أن مشعل قضى الشهر الماضي متنقلا في عواصم مختلفة.

وحسب هذه المصادر، فإن مسؤولي حماس رتبوا أمورهم لإخلاء أسرهم عن دمشق، وإن أسر ثلاثة من كبار المسؤولين، وهم نائب مشعل موسى أبو مرزوق ومحمد نصر وعزت الرشق، وكلاهما عضو في المكتب السياسي، سيغادرون دمشق نهاية هذا الشهر، بينما هم سيبقون في العاصمة السورية.

يذكر أن مشعل كان في القاهرة في أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث شارك في اجتماعات المصالحة الفلسطينية، والتقى الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، ومن ثم زار الخرطوم حيث شارك في اجتماعات مجلس الشورى، التي أعلن فيها رغبته في عدم الترشح لمنصب رئيس المكتب السياسي الذي شغله منذ عام 1996، أي بعد اضطرار نائبه، الدكتور موسى أبو مرزوق، التخلي عنه، بعد اعتقاله في نيويورك بتهمة قيادة منظمة إرهابية، لكن المجلس (صاحب الصلاحية الوحيد بالترشيح إلى هذا المنصب) رفض الطلب.

وأقر مجلس الشورى في نفس الاجتماعات إعادة تشكيل فرع حركة الإخوان المسلمين في فلسطين. وعاد مشعل إلى القاهرة قبل أسبوعين تقريبا، ولم يغادرها إلا أول من أمس، للدوحة، من أجل الذهاب إلى الأردن.