السياسيون يستعينون بمشاهير الفن عشية انتخابات الهند

أيقونة «المؤتمر» راؤول غاندي يبدع في التواضع أملا في أصوات الفقراء

راؤول غاندي خلال تجمع انتخابي أخير
TT

مع استعداد خمس ولايات في الهند لتنظيم انتخابات مجالسها التشريعية المحلية، في عملية أطلق عليه وصف مباريات نصف النهائي تمهيدا للانتخابات العامة المقررة في عام 2014، كثفت الأحزاب السياسية والسياسيون عموما حملاتهم الانتخابية، محاولين الإبداع في استخدام وسائل لكسب الأصوات.

ولكسب ود الناخبين في أكبر ديمقراطية في العالم، استعانت الأحزاب السياسية كافة، بدءا بحزب المؤتمر الحاكم على المستوى الفيدرالي، وحزب «بهارتيا جاناتا»، وانتهاء بالأحزاب الإقليمية، بشركات علاقات عامة محترفة ودشنت حملات دعاية خاصة. كما وظفت التكنولوجيا من خلال الحملات الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع المدونات الصغيرة. وتمثل الرسائل على القنوات التلفزيونية الموسيقية وإذاعة «إف إم» والهواتف الجوالة ورسائل البريد الإلكتروني، هي الأخرى أسلحة مهمة بأيدي الأحزاب.

ووصل مسؤولو بعض الأحزاب إلى الاستعانة بشخصيات شهيرة من عالم صناعة السينما الهندية «بوليوود» وعالم الموسيقى ونجوم تلفزيونيين للمشاركة في حملاتهم الانتخابية. وستجري خلال أيام الانتخابات في خمس ولايات، هي أوتار براديش (أشهر ولاية في الهند وتضم 166 مليون نسمة)، والبنجاب، وأوتاراخند، وغوا، ومانيبور.

وفي مسعاها لتقدم السباق، لم تأل الأحزاب جهدا في تقديم وعود وتطمينات وآمال، من خلال رسائل بريد إلكتروني ترسل على أجهزة الكومبيوتر المحمولة للناخبين ومزايا تعليمية في المدارس الحكومية ومنح الإعانات المالية والتأمين للمزارعين وهدايا خاصة للبنات صغيرات السن.

وكان لافتا أن لجأت الأحزاب إلى شركات العلاقات العامة، حتى تساعدها في تحسين صورتها العامة وتنظيم حملات الدعاية. وتقدم هذه الشركات مجموعة كاملة من الخدمات، تتنوع بين التفاعل الإعلامي والمؤتمرات الصحافية وتنظيم مشاركة كبار النجوم في حملات الدعاية وحتى العروض التقديمية الإلكترونية. بل إن بعضها يقدم الإرشادات حول كيفية تعبئة جهود النجوم المشاركين في الحملات، من أجل إحداث أكبر تأثير ممكن، وصولا إلى أدق التفاصيل المتعلقة بمظهرهم.

وبينما تعاقد كل من حزب «المؤتمر» وحزب «بهارتيا جاناتا» منذ وقت طويل مع تلك الشركات، التي تضم أسماء بارزة مثل «جي والتر ثومبسون» و«كرايونز أدفرتيسينغ» و«بيرسيبث» و«ذي هايف»، بدأت أحزاب أصغر مثل حزب «باهوجان ساماج» و«ساماج وادي» و«شيرومان أكالي دال» تسير على النهج نفسه هي الأخرى. وأبرز حزب في مراهنات تشكيل الصورة العامة هو حزب «باهوجان ساماج»، الحاكم في ولاية أوتار براديش الذي ترأسه رئيسة حكومة الولاية كوماري ماياواتي، 56 عاما. وباهينجي (أو «الأخت» مثلما يطلق على ماياواتي)، تملك جيشا من الشركات المحترفة رهن إشارتها إلى مساعدتها في رسم خطة دعاية لحزبها. وحتى مهمة تغطية التجمعات الانتخابية لرئيسة وزراء أوتار براديش قد عهد بها إلى شركات خاصة متخصصة بتنظيم الأحداث.

وتقدم ولاية أوتار براديش 80 عضوا من أعضاء البرلمان (من إجمالي 545 عضوا في مجلس النواب التابع للبرلمان الهندي)، وهو أكبر عدد بين جميع الولايات الهندية. وسوف تنتخب جمعية تشريعية تضم 403 أعضاء، وستكون نتائج اقتراعها بشكل عام مؤشرا على الملامح العامة للانتخابات العامة المقرر إجراؤها في عام 2014.

وعندما طلب منه تنظيم حملة انتخابات الجمعية التشريعية في عام 2012 لحزب «ساماج وادي»، أعد أرجون سابلوك، مدير الابتكارات بشركة «أركاش» للإنتاج في مومباي، حزمة دعاية تشمل إعلانا يظهر فيه فيل يمشي متمهلا في منطقة ريفية خلابة، ليسبقه رجل يقود دراجة، على نحو يوظف رموزا دالة على الأحزاب، حيث يرمز الفيل لحزب «باهوجان ساماج» والدراجة لحزب «ساماج وادي». ويظهر إعلان فيديو آخر للحزب عامل تطريز مسلم تمثل ظروف عمله الشاقة عقبة أمام عمله، ومزارعا هنديا يندب عدم توافر المياه اللازمة للزراعة.

وفي مناطق أخرى في البنجاب، توظف شركة «كرايونز أدفرتيسينغ»، المسؤولة عن حملة حزب «المؤتمر»، جيتا وجاغي، شخصيتين ودودتين تحظيان بشعبية من الولايات، وتتبادل هاتان الشخصيتان الحديث عن المحن التي يتجرعها أهالي البنجاب تحت حكم حزبي «شيروماني أكالي دال» و« بهارتيا جاناتا»، وتتحدثان بلغة الشارع البعيدة عن الخطاب السياسي المباشر. ولجأت الشركة إلى هاتين الشخصيتين لإعطاء الناس فاصلا بعيدا عن المزاعم والمزاعم المضادة على المستوى السياسي ولجعل الرسالة أكثر جذبا للناس. وقد حققت هذه الفكرة نجاحا ساحقا، وبلغ عدد المعجبين بالصفحة المخصصة لجيتا وجاغي على موقع «فيس بوك» أكثر من 23.000 شخص.

ويقول نيلوفار بوكسي، وهو مستشار علاقات عامة في نيودلهي، أجرى عمليات تسويق إلكتروني للكثير من السياسيين المعروفين: «عندما يتعلق الأمر ببناء الاسم والدعاية هذه الأيام، تزداد مطالب الأحزاب السياسية بدرجة كبيرة. إنهم يتعاملون مع الانتخابات بنوع من الحماس يتجلى في غرف اجتماعات الشركات».

ويقول متخصصو دعاية وإعلان إن الطلب على خدماتهم قد زاد مؤخرا بفعل حدوث تحول ديموغرافي. ومعروف أن الهند تضم قطاعا عريضا من الشباب، وفي كل انتخابات، ينضم ملايين الشبان إلى قوائم الناخبين. وفي بلاد يستشري فيها الفساد، يتوق الهنود إلى سياسيين صادقين، تجري مقارنتهم بالناشط المناهض للفساد، أنا هازاري. ويقول بوسكي إن «لأحزاب السياسية أدركت أن السياسة باتت الآن متعلقة بالحقيقة والخيال معا». ومن ثم، لم يكن من المفاجئ أن يتم مؤخرا - كجزء من محاولة تحسين الصورة - إقالة ماياواتي إلى جانب عشرين وزيرا آخرين من مناصبهم بتهم فساد. وقام حزب «ساماج وادي» بحملة تطهير مماثلة من خلال رفض تذاكر ممنوحة من الحزب لمرشحين لهم ماض إجرامي. وبطريقة مماثلة، أقال حزب «بهارتيا جاناتا» رئيس الوزراء المتهم بالفساد في أوتاراخاند.

وأخذ النجم المشارك في حملة حزب «المؤتمر»، راؤول غاندي، أيضا يعمل بشكل وثيق مع «رجال غرف الحرب» من أجل إجراء مناقشات حول حملات الدعاية. ويبذل أيقونة حزب «المؤتمر»، راؤول، المنتمي للجيل الرابع من سلالة غاندي، قصارى جهده. وفي محاولته للتخلي عن مظهر أفراد النخبة أصحاب اللحى الحليقة، يظهر بلحية ويرتدي عمامة لينقل رسالة للشعب مفادها أنه واحد منهم. ومن المؤكد أنه هو وأخته بريانكا - التي تظهر مرتدية الساري - باتا خبيرين في تحية من حولهم بابتسامات عريضة، ملوحين لهم بأيديهم ومصافحين إياهم في أحيان أخرى، في إشارة تنم عن التواضع. وقد حظي راؤول بتغطية إعلامية ضخمة عندما تناول الطعام في منازل فقراء وأناس مهمشين وسعى للتواصل معهم.

ويبدو أن توجيهات لجنة الانتخابات الصارمة لهذه الانتخابات، قد حققت تأثيرا كبيرا. وعليه، قللت الأحزاب السياسية مؤتمراتها الجماهيرية خشية تجاوز حد النفقات المقدر بـ1.6 مليون روبية هندية (31.800 دولار) للمرشح، في الوقت الذي قللت فيه أيضا استخدام «الأخبار المدفوعة» (الإعلانات المتخفية في صورة مقالات في الصحف).

وتشهد الانتخابات أيضا استعانة الأحزاب السياسية بعدد محدود من نجوم بوليوود المشاهير. ويشارك ممثلون مثل أنوبامخير ونانا باتيكار وسوشميتاسين، والمخرج ساتيش كاوشيك، إلى جانب فنانين مثل راغوفير ياداف وراجبال ياداف وغوفيند نامديف في حملات لنجم بوليوود راجا بونديلا، الذي يخوض الانتخابات في ولاية أوتار براديش. وهناك حديث مثار أيضا عن مشاركة الممثلة ناغما والممثل راجا مراد ورافي كيشين في حملة لصالح مرشحين من حزب «المؤتمر».

ويملك حزب «بهارتيا جاناتا» المنتمي لتيار اليمين عددا من الفنانين المشاركين بشكل فعال في السياسة، بينهم عضو البرلمان شاتروغان سينها، ونجم الحلقات التلفزيونية القصيرة سمريتيلراني وسوريش أوبيروي. وقالت مصادر من الحزب إن هؤلاء «سيشاركون في حملة مرشحي الحزب أثناء الانتخابات».