الجامعة العربية تقرر وقف بعثة مراقبيها في سوريا بسبب تصاعد العنف

الدابي لـ «الشرق الأوسط»: البعثة لم تنسحب.. وكل ما في الأمر أن التحرك الميداني بات محفوفا بالمخاطر

TT

قررت جامعة الدول العربية أمس وقف عمل بعثة مراقبيها في سوريا بشكل فوري، إلى حين عرض الموضوع على مجلس جامعة الدول العربية، بسبب تصاعد أعمال العنف وإطلاق النار والقصف من قبل النظام السوري. وقال الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، في بيان صدر عن الأمانة العامة للجامعة أمس (السبت)، إنه أعطى توجيهاته لرئيس البعثة الفريق أول محمد الدابي لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة أفراد البعثة.

وأضاف الأمين العام في بيانه أن هذا القرار تم اتخاذه بالنظر لتدهور الأوضاع بشكل خطير في سوريا، واستمرار استخدام العنف وتبادل القصف وإطلاق النار الذي يذهب ضحيته المواطنون الأبرياء، بعد أن لجأت الحكومة السورية إلى تصعيد الخيار الأمني في تعارض كامل مع الالتزامات المنصوص عليها في خطة العمل العربية وبروتوكول مهمة بعثة مراقبي جامعة الدول العربية، مما زاد من تدهور الأوضاع الأمنية بشكل خطير وأدى لارتفاع عدد الضحايا واتجاه الأحداث نحو منحى يبتعد تماما عن طبيعة مهمة بعثة الجامعة.

وقال الفريق محمد مصطفى الدابي، رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، إن فرق العمل جمدت تحركها في المدن السورية لعدة أيام نظرا لخطورة الوضع. وأضاف «البعثة ستبقى في سوريا ولن تنسحب، وأن كل ما في الأمر أن التحرك الميداني بات محفوفا بالمخاطر». وأكد أنه لا يوجد أي قرار لسحب بعثة الجامعة، وأنها ملتزمة بما وقعت عليه مع الحكومة السورية.

كما قال مسؤول بالجامعة العربية أمس إنه من المتوقع أن يجتمع وزراء الخارجية العرب في أوائل فبراير (شباط) لبحث إمكانية سحب بعثة المراقبين من سوريا بعد تصاعد العنف رغم جهود السلام العربية. وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، لـ«رويترز»، إنه من المتوقع أن يجتمع الوزراء خلال الأسبوع الذي يبدأ في الخامس من فبراير. وأضاف دبلوماسي عربي بالجامعة أن الوزراء سيجتمعون بعد اجتماع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي مع أعضاء مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في نيويورك، وهو اجتماع يتوقع أن يعقد يوم الثلاثاء القادم. وكانت بعثة الجامعة العربية كلفت بالتحقق من التزام الحكومة السورية بتعهداتها. وأكد العربي أنه أجرى مشاورات مع عدد من وزراء الخارجية العرب، اتخذ على ضوئها قرار وقف عمل بعثة الجامعة العربية في سوريا بشكل فوري إلى حين عرض الموضوع على مجلس الجامعة العربية.

من جانبه، قال السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام للجامعة، إن هذا القرار اتخذ لإعطاء فرصة للمراقبين لإعادة تقييم الوضع، لأنه أصبحت هناك مناطق يصعب على البعثة أن تواصل مهمتها بها. وأضاف أن المراقبين سوف يتجمعون في دمشق، وهناك بعض المراقبين طلبوا إجازة لفترة معينة، وخلال هذه الفترة سيتم تقييم مهمة البعثة، والخريطة الجديدة التي سوف تنتشر عليها، وفي انتظار ما سيقرره الدكتور العربي بالنسبة لدعم البعثة من ناحية العدد والدعم اللوجيستي وتعزيز كل ما يتصل بذلك لإنجاح مهمتها.

وردا على سؤال عما إذا كان هذا القرار مقدمة لسحب البعثة، قال بن حلي إن «هذا فرضته الظروف، والتعقيدات على الساحة السورية، فهناك تصعيد في العنف وتبادل للقصف، ولا نريد أن نعرض البعثة لأي أخطار، فمهمة البعثة ليست وقف إطلاق النار، ولكن التحقق من أن هناك التزاما سوريا بقرارات اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا ومجلس وزراء الخارجية العرب، والبنود التي نص عليها البروتوكول الموقع بين الجامعة العربية ودمشق».

على صعيد متصل، أعلنت الجامعة العربية أمس أن أمينها العام سيتوجه إلى نيويورك اليوم (الأحد) بدلا من الموعد الذي كان مقررا أمس (السبت)، وذلك بعد تأجيل جلسة مجلس الأمن الدولي إلى يوم الثلاثاء المقبل بدلا من يوم غد الاثنين.

ومن المقرر أن يطلع الوفد العربي الذي يضم رئيس اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية، رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم، والأمين العام للجامعة العربية، مجلس الأمن الدولي على المبادرة العربية لحل الأزمة السورية سياسيا، وذلك بهدف الحصول على دعم المجلس لهذه الخطة طبقا لقرارات مجلس الجامعة العربية.

ومن جانبه، أبلغ مندوب الجزائر لدى الجامعة العربية السفير عبد القادر حجار، الصحافيين أمس، عقب لقائه الدكتور العربي، تحفظ الجزائر على سفر الوفد العربي إلى مجلس الأمن الدولي، مؤكدا أن بلاده تحفظت على الفقرة السابعة من قرار مجلس الجامعة العربية الصادر في 22 من الشهر الحالي، وهي الفقرة التي تعطي رئيس اللجنة والأمين العام للجامعة حق إبلاغ مجلس الأمن لدعم الخطة العربية بشأن سوريا. وأوضح أن بلاده ستزود بعثة المراقبين في سوريا بمزيد من المراقبين الجزائريين.

وبشأن الأنباء التي ترددت عن سحب المغرب لمراقبيه من بعثة الجامعة العربية، أكد بن حلي أن «الأمانة العامة للجامعة لم تتلق حتى الآن (أمس) ما يفيد بانسحاب المراقبين المغاربة من البعثة».

وقال بن حلي أمس أيضا إن هناك اتصالات ومشاورات جارية بين الدكتور العربي ووزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، لمناقشة المبادرة العربية الجديدة لحل الأزمة السورية، مضيفا أن المشاورات الجارية بين الجانبين تأتي قبل عقد مجلس الأمن الدولي لجلسته لمناقشة المبادرة العربية، وهي مشاورات واتصالات متواصلة.

ومن جهتها، أعلنت سوريا أنها «تأسف وتستغرب» القرار الذي اتخذه الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، وقضى بوقف عمل بعثة المراقبين العرب في سوريا «بشكل فوري». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية في شريط إخباري على موقعها على الإنترنت أن «سوريا تأسف وتستغرب قرار العربي وقف عمل بعثة المراقبين، بعد أن وافقت على تمديد عملها شهرا آخر».

وقال التلفزيون السوري، أمس، إن سوريا تعتبر تعليق عمل بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية في البلاد محاولة للتأثير على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتكثيف الضغط من أجل تدخل خارجي.

وأضاف التلفزيون في خبر عاجل أن هذا الأمر سيكون له تأثير سلبي، وسيشكل ضغطا على مجلس الأمن بهدف الدعوة للتدخل الأجنبي، وتشجيع الجماعات المسلحة على زيادة العنف.

على الجانب الآخر، وفي رد فعل على هجوم معارضين سوريين لمقر السفارة السورية في القاهرة، اتهم يوسف أحمد، السفير السوري لدى مصر «دولا خليجية معروفة تستهدف سوريا بتمويل المجموعة التي اقتحمت مقر السفارة»، ووصفهم بـ«المخربين التابعين لمجلس إسطنبول»، في إشارة إلى المجلس الوطني السوري، وقال السفير في بيان له إن «هؤلاء المقتحمين عاثوا في المبنى فسادا وتخريبا، وحطموا سوره وأبوابه ومحتوياته، وسرقوا معدات من الآليات التابعة للسفارة ووثائق من داخل المبنى، حسبما أظهرت كاميرات المراقبة الآلية فيه».

وطالب السفير السوري السلطات المصرية بتحمل مسؤولياتها وفقا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، في حماية أمن وسلامة مبنى السفارة والعاملين فيها، واتخاذ الإجراءات اللازمة والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالسفارة.