«الجيش الحر» يمد نفوذه في إدلب ويقيم قواعد آمنة

مع غياب التمثيل الرسمي والمواجهات المتواصلة.. الأهالي خائفون من الفوضى

TT

أكد ناشطون من جبل الزاوية وصلوا إلى لبنان أمس، عملوا مع «الجيش الحر»، أن هذه المنطقة يتمترس فيها المنشقون، لا سيما في الجبال، ويقيمون لأنفسهم مراكز متفرقة، ويتحاشون التجمع في أعداد كبيرة خشية أن يستهدفوا بغارة جوية، لكنهم قادرون على حماية الكثير من القرى والمناطق التي صارت في مأمن من مداهمات رجال الأمن، كما تمكنوا من تطهير هذه المناطق «من كل ما له صلة بالمخابرات». وأضافوا أن «حرب عصابات حقيقية يشنها (الجيش الحر) على الجيش النظام السوري الموجود في محافظة إدلب، الذي بات يخفض من عدد حواجزه تفاديا لكمائن ينصبها المنشقون لعناصره».

ويروي أحد هؤلاء، ويطلق على نفسه اسم «جهاد»، أن مجموعة من الجيش المنشق تمكنت من مهاجمة الجيش النظامي منذ أيام، واشتبكت معه نحو 4 ساعات حتى طلوع الفجر، وأسرت سبعة من أعضائه. وهذا مثل هجمات لا تنقطع على الجيش النظامي الذي بات يتحرك باحتراز شديد. وعن مصير الجنود النظاميين الأسرى يقول جهاد «هناك محاكمات سريعة يقيمها (الجيش الحر)، فمن يثبت أنه متورط في قتل أبرياء يتم إعدامه، أما من تتبين براءته فيبقى في الأسر»، معتبرا أن «القتل الذي يحدث من الطرفين مؤسف، لكنها الحرب». ويشرح جهاد أن المنشقين غير المعلنين داخل الجيش النظامي باتوا يؤدون خدمات مخابراتية، بحيث إنهم يعلمون الثوار بتحركات الجيش النظامي، وأماكن مروره، وفي ما إذا كانت أي وحدة تتحرك لدعم مجموعة هنا أو هناك، ليتم استهدافها، مؤكدا في الوقت نفسه أن إدلب باتت أكثر عصيانا على الأمن والجيش السوري من حمص، التي تنعم بتغطية إعلامية واسعة بسبب وجود العديد من أبنائها خارج البلاد، ولهم إطلالات إعلامية «أما إدلب فأهلها لا يرون ضرورة لتدخل أجنبي، ويعتقد كثير منهم أنهم بعد الذي أنجزوه يمكنهم فعل المزيد، وحماية عدد أكبر من الأهالي والقرى في الأشهر القليلة المقبلة».

ناشط آخر، يطلق على نفسه اسم «محمد»، يقول إن «هذا الوضع الضعيف للدولة في إدلب يخلق حالة كبيرة من الفوضى. صحيح أن (الجيش الحر) متمترس في أماكن يستطيع تأمينها، وأنه متمركز في الجبال ويعلم أن الدبابات لا يمكن أن تطاله، لكن حالة من الفوضى تستشري في المحافظة، بحيث إن الغلاء بات مستفحلا بسبب غياب الرقابة على الأسعار من قبل الدولة، كما أن بعض المواد الغذائية باتت شحيحة». ولا يخفي محمد أن «ثمة مخاوف لدى الأهالي مما سيحمله الغد. بعض الثوار اليوم هم من مطلوبي الأمس الذين لهم سجلات سوداء ومن مرتكبي الجرائم والمهربين، وفي حال سقط النظام فجأة سيكون من الصعب جدا ضبطهم. لذلك الناس يفضلون انتقالا للسلطة لا يعرض البلاد والدولة لانهيار كامل ومفاجئ».

جهاد بدوره لا ينكر أن ضعف الدولة المركزية في إدلب يخيف الناس من المستقبل، لكنه يضيف «الجيش الحر لا يرى خطورة كبيرة، ويفكر أفراده في أن الانهيار يمكن تفاديه بأن يعمل كل ضابط في منطقته وعبر المجموعة البسيطة التي معه على الإمساك بالأمن، في حال حدث أي سقوط مفاجئ للنظام، لذلك يشعر أفراد هذا الجيش بأن مسؤوليتهم كبيرة».

وعن نوعية السلاح التي يستخدمها «الجيش الحر» يقول الناشطون إنها الأسلحة التي حملوها معهم، وهي لا تزال متواضعة في مواجهة الدبابات والمدفعية، لكن لجوء هذا الجيش إلى حرب العصابات والتخفي، واستخدام عنصر المفاجأة والمباغتة، هو الذي يجعله يسجل نقاطا، ويربح جولات. وتقع محافظة إدلب في الشمال الغربي من سوريا على الحدود التركية، ويقطنها نحو مليون ونصف مليون نسمة، وهي على خط حمص وحماه جنوبا، مما يجعل ما يحدث فيها على امتداد الخط الساخن للثورة.