ضواحي دمشق تشتعل.. والنظام يستعين بالحرس الجمهوري

انتشار أمني مكثف في المطار.. وانشقاق عميد و300 جندي والتحاقهم بالجيش الحر

عمود دخان يتصاعد خلال اشتباكات على أطراف مدينة عربين في محافظة ريف دمشق أمس
TT

اشتعلت أمس بلدات ومناطق ريف دمشق، المحافظة التي تطوق العاصمة السورية بالكامل، بفعل العمليات العسكرية التي نفذها الجيش السوري النظامي وقوات الأمن والشبيحة لاستعادتها من سيطرة الجيش السوري الحر، الذي واجه هذه العمليات بمقاومة عنيفة؛ حيث أحبط عدة هجمات للقوات النظامية، مما أدى إلى سقوط 19 قتيلا في مناطق المواجهات. في غضون ذلك، شهد مطار دمشق انتشارا أمنيا واسعا كما أغلق الطريق المؤدي إليه. جاء ذلك، مع عمليات انشقاق بارزة، بحيث جزم ناشطون لـ«الشرق الأوسط»، بأن «ضابطا برتبة عميد ونحو 300 جندي مع 7 دبابات انشقوا في ريف دمشق والتحقوا بالجيش الحر». وبلغ إجمالي القتلى الذين أعلن عنهم في سوريا أمس نحو مائة قتيل أغلبهم في ريف دمشق وحمص وعشرات في الرنكوس.

وقال أرام الدوماني الناطق باسم «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» في دوما - ريف دمشق أن «مناطق ومدن ريف دمشق تحولت إلى مسرح للعمليات الأمنية والعسكرية». مشيرا إلى أن «الحصيلة الأولية للضحايا في ريف دمشق (أمس) بلغت 18 شهيدا وعشرات الجرحى، وهؤلاء سقطوا في مناطق حموريا وكفربطنا والزبدانة ورنكوس وسقبا».

وأكد الدوماني لـ«الشرق الأوسط»، أن أمس «شهد أوسع عمليات انشقاق ومواجهة بين الجيش الحر وقوات نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد»، وقال: «لقد انشقت أربع دبابات في منطقة حرة وثلاث في جسرين وانضمت إلى الجيش الحر في الغوطة الشرقية، كما أن هذه الدبابات المنشقة دمرت دبابة للجيش النظامي في مدينة عربين، كما غنم المنشقون عددا من السيارات والآليات العسكرية بعد هروب جيش الأسد منها». كاشفا عن انشقاق ضابط برتبة عميد ونحو 300 عسكري مع أربع دبابات في الغوصة الشرقية عند جسر بردى، في حين قامت كتيبة للجيش الحر بضرب عربتين للجيش النظامي وتصفية من فيهما من عناصر النظام والشبيحة على الأوتوستراد الدولي في ريف دمشق، فضلا عن عمليات كر وفر استهدفت الحواجز الأسدية التي تقطع أوصال ريف دمشق».

وأشار الدوماني إلى أن «أكثر من 50 دبابة ومدرعة وآلية تابعة للحرس الجمهوري، تحركت من داخل العاصمة وتوجهت إلى ريف دمشق وانتشرت في محيط دوما وحرستا وسقبا وحموريا»، معتبرا أن «نجاح الجيش الحر في عملياته وازدياد الانشقاقات يؤشر على أن الجيش والأجهزة الأمنية النظامية بدأت بالتفكك، لأنهم فقدوا السيطرة على الشرفاء من الضباط والجنود، خصوصا أن كل المدن والقرى السورية باتت ثائرة، رغم أن الكثير من هذه المظاهرات في مئات المناطق لا تظهر على الإعلام». موضحا أن «كتائب الجيش الحر بدأت تهدد بنقل العمليات إلى داخل العاصمة دمشق، وهي تخطط لضرب المراكز الأمنية الحساسة واستهداف القصر الجمهوري بشكل رئيسي».

وصحا سكان العاصمة السورية أمس على أصوات تفجيرات وقصف عنيف، مع تواتر أنباء عن إغلاق طريق المطار جنوب دمشق، في وقت كانت تتجه فيه تعزيزات عسكرية ضخمة تتضمن نحو 50 دبابة ومدرعة وناقلات جند مدرعة وحافلات محملة بمئات الجنود إلى الغوطة الشرقية حيث دارت اشتباكات عنيفة هناك مع الجيش الحر في سقبا وحمورية وكفربطنا وعربين وفي حتيتة التركمان. وقال ناشطون إن الاشتباكات العنيفة التي جرت في حتيتة التركمان دفعت قوات الأمن إلى إغلاق طريق المطار لفترة من الوقت وسط حالة ترقب شديدة في محيط المطار.

كما اشتدت الاشتباكات في بلدة عين ترما، وقالت مصادر محلية هناك إن أصوات مدفعيات ثقيلة متقطعة سمعت منذ ساعات الصباح الأولى في البلدة القريبة من طريق المطار، تزامنت مع انقطاع كل الاتصالات فيها وفي بلدة المليحة، ودوت أصوات الانفجارات حول المنطقة وباتجاه جسرين وجسر بردى. وكانت بلدات ريف دمشق الساخنة شهدت حركة نزوح للسكان باتجاه العاصمة دمشق. وتعيش تلك البلدات وضعا إنسانيا سيئا للغاية تحت الحصار، في ظل النقص الحاد في المواد الغذائية والأدوية، وتحول المساجد إلى مشافي ميدانية تفتقر لكل مستلزمات الإسعاف، لا سيما توفر الدم، حيث يمنع الجيش النظامي الدخول والخروج من تلك المناطق. وقال ناشطون إن الوضع في ريف دمشق «مأساوي» وإن دبابات «T72» تقصف عشوائيا، وقذائف «هاون» تتساقط على كفر بطنا وعربين. والخبز مفقود في مدينة دوما.

وفي حين يستمر الحصار العسكري والأمني لمعظم أحياء حمص، كشف ناشط في حمص لـ«الشرق الأوسط»، أن «كتيبة من (لواء خالد بن الوليد) في الجيش الحر، تمكنت من تدمير سبع مدرعات في الرستن وإعطاب عربتين ودك عدد من الحواجز ورفع علم الثورة السورية فيها». لافتا إلى أن «القناصة لم تتوقف عن اصطياد المدنيين وكل من يتحرك في الطرقات». مشيرا إلى أن «ثلاثة شهداء سقطوا في حمص ليل (أول من) أمس بقصف استهدف المنازل السكنية في بابا عمر والإنشاءات».

إلى ذلك، أعلن الناشط في تنسيقية إدلب، أبو علي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مدفعية قوات الأسد قصفت (أمس) مدينة سراقب من كل المحاور، كما استهدفت قذائف الدبابات والمدفعية الثقيلة مدينة خان شيخون، مما أدى إلى سقوط إصابات في صفوف المدنيين». كاشفا أن «مقاتلي الجيش الحر قبضوا على عدد إضافي من عناصر الحرس الثوري الإيراني في خان شيخون في ريف إدلب كانوا يقاتلون إلى جانب جيش الأسد والشبيحة».

وفي بلدة رنكوس الجبلية على بعد 30 كيلومترا إلى الشمال من دمشق قرب الحدود اللبنانية، قال نشطاء وسكان إن قوات الأسد قتلت 33 شخصا على الأقل خلال الأيام القليلة الماضية في هجوم يهدف إلى القضاء على المنشقين عن الجيش والمسلحين. وأضافوا أن بلدة رنكوس التي يسكنها 25 ألف نسمة تتعرض لنيران الدبابات منذ يوم الأربعاء عندما حاصرتها عدة آلاف من جنود القوات الحكومية.

إلى ذلك، قتل 16 عسكريا في الجيش السوري في هجومين منفصلين في ريف دمشق ومحافظة إدلب شمال غربي البلاد، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ووكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وقال المرصد في بيان إن «ما لا يقل عن عشرة من الجيش النظامي السوري قتلوا إثر تفجير عبوة ناسفة بشاحنة عسكرية من نوع (زيل) في بلدة كنصفرة بجبل الزاوية».

من جهتها، قالت وكالة الأنباء السورية إن «مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت صباح اليوم (أمس) بعبوة ناسفة مبيتا يقل عناصر من إحدى الوحدات العسكرية بالقرب من صحنايا بريف دمشق مما أدى إلى استشهاد ستة عسكريين بينهم ضابطان برتبة ملازم أول وإصابة ستة آخرين بجروح».