إقبال ضعيف للمصريين على الاقتراع في انتخابات الشورى

توقعات باستمرار تراجع التصويت في يومه الثاني

TT

في مشهد مغاير لما كانت عليه الصورة في انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان) التي جرت قبل شهرين، حين تزاحم المصريون أمام المقار الانتخابية، للتصويت في أول انتخابات برلمانية بعد ثورة «25 يناير»، تراجع الإقبال على انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان) أمس، في اليوم الأول من جولتها الأولي التي تجري في 13 محافظة، وسط توقعات باستمرار تراجع التصويت في يومه الثاني اليوم.

وشهدت اللجان الانتخابية في جميع المحافظات المصرية إقبالا ضعيفا، وغاب مشهد اصطفاف الناخبين في طوابير طويلة أمام اللجان الانتخابية التي اتخذت من المدارس مقارَّ لها. لكن المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، قال: «إن اليوم الأول من الجولة الأولى لانتخابات الشورى مر بهدوء ولا توجد أي تجاوزات في الدعاية، وأن نسبة الإقبال متوسطة».

وبدأت انتخابات الشورى أمس لاختيار ثلثي أعضائه من إجمالي أعضاء المجلس وعددهم 270 عضوا، يتم انتخاب الثلثين بالاقتراع السري، وعددهم 120 عضوا في 30 دائرة انتخابية بنظام القوائم النسبية، و60 عضوا بنظام الفردي في 30 دائرة، على أن يكون نصفهم من العمال أو الفلاحين، والثلث الآخر، وعددهم 90 عضوا، يتم تعيينهم بواسطة رئيس الدولة، ومدة المجلس 6 سنوات. وبينما فُتحت أبواب أغلب لجان الانتخاب في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، تأخر فتح لجان أخرى لفترات وصلت لـ3 ساعات لعدم وجود موظفين ومستشارين، وسط إقبال محدود ساد معظم المقار الانتخابية، بينما من المفترض أن يتوجه 25 مليونا و380 ألفا و626 ناخبا إلى صناديق الاقتراع على مدار أمس واليوم، وتجرى انتخابات الإعادة يوم 7 فبراير (شباط) المقبل، بينما تبدأ المرحلة الثانية يوم 14 من الشهر نفسه.

ويسعى حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) في انتخابات الشورى إلى تعزيز تقدمه للمشهد السياسي، يليه حزب النور (السلفي)، بينما يكافح المستقلون وعدد من الأحزاب بحثا عن موقع في البرلمان، في وقت أعلنت فيه قوى سياسية، أبرزها حزب المصريين الأحرار، المنضوي ضمن تحالف «الكتلة المصرية»، انسحابها من انتخابات الشورى.

وتسعى اللجنة العليا للانتخابات إلى تلافي الأخطاء التي وقعت خلال انتخابات مجلس الشعب، وقال المستشار عبد المعز إبراهيم: «لأول مرة يقوم القضاة بإجراء الفرز داخل اللجان الفرعية، الذي سيبدأ عقب إغلاق صناديق الاقتراع مساء اليوم بدلا من اللجان العامة»، مضيفا أن «اللجنة العليا تبذل قصارى جهدها لجعل انتخابات الشورى تمر بسلام دون أي سلبيات». وأضاف المستشار إبراهيم: سيتم إغلاق كل الصناديق والأوراق المتعلقة بالعملية الانتخابية والأبواب والشبابيك داخل المقار الانتخابية وختمها بالشمع الأحمر بمعرفة رجال القضاء والهيئات القضائية ورؤساء اللجان الفرعية، على أن تتم إعادة افتتاحها بمعرفتهم صباح اليوم لاستكمال إجراءات العملية الانتخابية.

وأوضح إبراهيم أن «الأجهزة الأمنية قامت بتوزيع الصناديق البلاستيكية التي تمت الاستعانة بها مؤخرا، وسيتم استخدام الأقفال الرقمية في غلق الصناديق بدلا من الشمع الأحمر لتلافى أي شبهة تلاعب».

ويتوقع مراقبون أن يستمر الإقبال الضعيف على التصويت حتى اليوم الثاني، وأرجع سياسيون الإقبال الضعيف على التصويت إلى أن «الانتخابات تجري وسط شعور عام بعدم جدوى مجلس الشورى».

وقال الدكتور بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط»: «إن السلطات غير الحقيقية لمجلس الشورى أحد أهم أسباب الإقبال الضعيف على الانتخابات، وإن المواطنين لديهم قناعة بأن مجلس الشعب هو الأهم لامتلاكه السلطات التشريعية»، موضحا أن «الصراع حول الشورى ينحصر بين الإخوان والسلفيين بعد انسحاب الكثير من القوى السياسية والأحزاب».

وأضاف حسن أن «اتساع الدوائر الانتخابية يأتي ضمن أسباب عزوف المواطنين عن الإدلاء بصوتهم الانتخابي، وانشغال القوى والائتلافات الشبابية بمظاهرات ذكرى ثورة (25 يناير)»، منتقدا عدم الاستجابة لدعوات إلغاء مجلس الشورى.

من جانبه، دعا الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خلال إدلائه بصوته، كل من لديه حق التصويت أن يدلي بصوته، قائلا: «عصر الأعذار انتهى.. ومصر بدأت خطوات جادة وحقيقية نحو الاستقرار، وعلى الشعب أن يحافظ على ذلك».

وقال الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة (الحاصل على الأغلبية في مجلس الشعب)، على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «إن انتخابات الشورى تأتي لتضع لبنة جديدة في مسيرة الديمقراطية التي رسم الشعب ملامحها في انتخابات مجلس الشعب».

وقررت اللجنة العليا للانتخابات وقف انتخابات محافظتي المنوفية (شمالا) وقنا (جنوبا)، على أن تكون الإعادة يومي 6 و7 فبراير (شباط) المقبل، وذلك لعدم إدراج حزب الحرية بقنا وحزب مصر القومي بالمنوفية ضمن قوائم المرشحين.

وفي الإسكندرية شهدت المقار الانتخابية إقبالا ضعيفا من الناخبين واحتجاجات من الموظفين الذين يشرفون على الانتخابات، بسبب عدم تقاضيهم مكافآت إشرافهم على انتخابات مجلس الشعب التي انتهت مطلع الشهر الحالي. وفي محافظتي شمال وجنوب سيناء لم تشهد لجان الاقتراع إقبالا يذكر، باستثناء عدد محدود للغاية من اللجان التي تتمركز بها القبائل، وفتحت بعض اللجان أبوابها متأخرة بسبب تأخر وصول القضاة لعدم معرفتهم أماكن اللجان.

وفي الغربية، شهدت بعض المقار الانتخابية مشاحنات بين أنصار مرشحي حزب النور (السلفي) ومرشح قائمة حزب العدل بسبب الدعاية الانتخابية أمام اللجان.

وفي محافظة البحر الأحمر شهدت اللجان الانتخابية إقبالا ضعيفا جدا، مما اضطر المرشحين للبحث عن الناخبين في العشوائيات، وهو ما حدث أيضا في مقار محافظة الوادي الجديد.