البحرين: مجلس الوزراء يوافق على إعداد قانون يجرم الاعتداء على رجال الأمن

مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: المطالبة ليست لها علاقة بمحاكمة المتورطين منهم في قضايا عنف وإساءة استخدام السلطة

خالد السلطان النائب الكويتي السابق المرشح في الانتخابات البرلمانية أثناء لقاء مع مناصريه أمس (أ.ف.ب)
TT

وافقت الحكومة البحرينية امس على مشروع قرار يجرم الاعتداء على رجال الامن في البلاد، تمهيدا لاقرار المشروع خلال الفترة المقبلة. وطالب الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة، وزير الداخلية البحريني، السلطة التشريعية بزيادة الحماية القانونية لرجال الأمن، معتبرا أن الأحداث الأمنية الأخيرة شهدت تصاعدا في وتيرة العنف واستهداف رجال الأمن، كما اقترح تخصيص مواقع للتظاهر والتعبير عن الرأي بعيدا عن المناطق الحيوية والشوارع الرئيسية في بلد محدود المساحة.

وتم تخصيص جلسة مجلس الوزراء البحريني أمس لمناقشة الأوضاع الأمنية ومتابعتها؛ حيث عبَّر مجلس الوزراء عن القلق العميق من زيادة مظاهر العنف أثناء الاعتصامات والتجمعات والمسيرات خاصة في الآونة الأخيرة، التي تسببت في أعمال العنف التي قام بها من أُطلق عليهم «الخارجون عن النظام والقانون».

وأدان مجلس الوزراء تصاعد وتيرة أعمال العنف، مستنكرا استهداف رجال الأمن بقصد إيذائهم والنيل من حياتهم والتعرض لهم أثناء تأدية واجبهم بمختلف الأسلحة والأدوات كالمولوتوف والأسياخ والأدوات الحديدية والدهس، بينما هم يقومون بواجبهم في حماية الأرواح وحفظ النظام بوسائل وأدوات متعارف عليها دوليا. وأكد المجلس أن الحكومة ستدعم رجال الأمن وستهيئ لهم المزيد من الحماية تشريعيا وتجهيزيا وميدانيا لتمكينهم من القيام بالدور المنوط بهم وبما يكفل تأمين الحماية والسلامة لهم، كما عبر المجلس عن الأسف لتنامي الدعوات التحريضية لاستهداف رجال الأمن، سواء من خلال المنابر أو المواقع الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أو بما تتم ممارسته من مخالفات أثناء المسيرات والتجمعات التي اعتبرها بعيدة كل البعد عن السلمية وعن المطالبات الإصلاحية وحرية التعبير والديمقراطية.

وقد وافق مجلس الوزراء على إعداد مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات بما يكفل تشديد العقوبة على جرائم الاعتداء على سلامة رجال الأمن، بحيث تصل العقوبة إلى السجن 15 سنة، على أن تشمل العقوبة المحرضين والمنفذين، وعليه فقد كلف مجلس الوزراء الجهة المختصة بإعداد الأداة القانونية اللازمة بالسرعة المطلوبة تمهيدا لإحالة مشروع القانون إلى السلطة التشريعية.

وقال مصدر أمني تحدث لـ«الشرق الأوسط»: إن مطالبة وزير الداخلية ليس المقصود بها طلب استحداث قوانين حمائية في موازاة مطالب جهات في المعارضة السياسية بمحاكمة المتسببين في عمليات التعذيب والعنف والإساءة التي تلقاها عدد من المعتقلين في الأحداث التي شهدتها البحرين منذ 14 فبراير (شباط) ومارس (آذار) 2011.

وقال المصدر الأمني إن رجال الأمن يخضعون لحماية الموظف العام الذي يتلقى حماية قانونية باعتباره موظفا عموميا، لكنهم لا يُخصون بقانون حمائي يمكن أن يوفر لهم مظلة قانونية ضد أي اعتداء يمكن أن يتعرضوا له.

وتحفظ المصدر الأمني الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن الكشف عن أعداد المصابين من رجال الأمن في المواجهات الأمنية التي شهدتها وتشهدها البحرين في الفترة الراهنة.

في السياق ذاته قال المصدر الأمني إن وزارة الداخلية كشفت عن مكونات قنابل المولوتوف التي تستخدم فيها مواد كيميائية غالبيتها من المطهرات، يتم خلطها لتنتج مواد أشد خطورة أو سريعة الاشتعال، وعند إلقائها على رجال الأمن تتسبب في حروق شديدة للجسم كما تنتج عنها أبخرة وغازات خانقة.

بدوره، أكد المصدر الأمني أن الدعوة إلى وقف استخدام المنابر للتحريض الطائفي، التي وجهها وزير الداخلية للمجتمع البحريني، هي رسالة عامة لكل المجتمع ولكل من يسهم في التحريض على مكون من مكونات المجتمع بالتوقف عن هذا النهج، ولا يقصد فيها طائفة دون أخرى، وإنما هي دعوة لوقف التحريض والتأزيم الذي يزيد من الشرخ الاجتماعي.

كان وزير الداخلية البحريني قد وجه كلمة إلى المجتمع البحريني، مساء أول من أمس، طالب فيها السلطة التشريعية بحماية رجال الأمن من المخربين والمعترضين لهم أثناء قيامهم بواجبهم؛ حيث يتم استخدام الأدوات الحادة والزجاجات الحارقة (المولوتوف)، مشيرا إلى أن الفترة الماضية تخللها الكثير من التعاملات الأمنية والقبض على عدد من المخالفين للقانون. وشدد على أن مهمة رجال الأمن هي حماية الأرواح والحفاظ على الأمن والنظام العام، وأن قوات الأمن تؤدي واجبها في جميع الأوقات والأماكن وفق الإجراءات القانونية بروح معنوية عالية، ولا يعتقد أي أحد أنه فوق القانون، مؤكدا أن عمل الأجهزة الأمنية هو الحفاظ على النظام العام.

وقال: «إن ما يجري من استهداف لرجال الأمن يدفعني، من موقع مسؤوليتي، إلى المطالبة بزيادة الحماية القانونية لرجال الأمن العام؛ حيث لا توجد نصوص قانونية كافية ورادعة حتى الوقت الراهن». وأضاف: «وإنني لأرى أن تكون جريمة الاعتداء على رجال الأمن العام جناية تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 15 عاما، وأن تشمل هذه العقوبة المحرضين والمنفذين، وآمل من السلطة التشريعية أن تنظر بهذا الأمر بصفة الاستعجال، فإن سلامة رجال الأمن وعائلاتهم أمانة غالية وواجب علينا أن نصونها مثلما نحمل أمانة الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته».

واستعرض الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة ما توفره وزارة الداخلية لمنسوبي الأمن العام من إعداد وتأهيل وحماية ميدانية؛ حيث يتم إعداد وتأهيل رجل الأمن العام المكلف بمكافحة الشغب ذهنيا وبدنيا من خلال برنامج تدريبي لمدة سنة لمواجهة مختلف المواقف الأمنية كما توفر وزارة الداخلية الحماية الشخصية من خلال الزي الذي يرتديه رجل الأمن أو من خلال المركبة وأجهزة الاتصال التي توفَّر له، أو من خلال السلاح.

ولفت وزير الداخلية إلى تصاعد أعمال الشغب في المناطق السكنية، مما يشكل مساسا بالسلم الأهلي، مهيبا بالجميع التنبه لخطورة هذا الأمر، وأنه لا بد من وضع حد لهذه الظاهرة، فضبط الأمن هو مسؤولية قوات الأمن العام.

كما حذر من الاعتداء على الممتلكات الخاصة والمحلات التجارية، مشددا على أن كل من يقبض عليه بارتكاب مثل هذه الأفعال تُتخذ بحقه الإجراءات القانونية، مضيفا أن حرية التعبير مُصانة وفق القانون، ولا يجوز أن يكون في ذلك تجاوز على حرية الآخرين والتعدي على مصالحهم، والحد من تنقلهم وممارسة أعمالهم، كما يجب ألا تسهم أي مظاهرات أو تجمعات في إثارة النعرات وتعميق الخلافات وشق الصف.

واقترح وزير الداخلية تخصيص مواقع للتجمعات للتعبير عن الرأي بعيدا عن الشوارع والمناطق الحيوية في بلد محدود المساحة يعاني زيادة عدد المركبات والازدحام المروري حتى لا تتأثر حياة الناس ومصالحهم، كما هو الحال في سائر الدول المتقدمة التي وضعت ضوابط للتجمعات والمسيرات والاعتصامات وحددت أشكال التعبير السلمية الحقيقية.

وقال إن هناك تحريضا طائفيا في الشارع البحريني وصوتا ينادي بالاعتدال أيضا، فأي الإرادتين يريد الشعب أن تتغلب في النهاية؟

أمام ذلك، قال المحامي عبد الله هاشم (ناشط سياسي): إن زيادة العقوبة على جريمة ما وتشديدها، سواء ضد رجل الأمن أو غيره، يأتيان بناء على استشعار المشرع تفشي هذه الجريمة، وتتم آليتها بطلب من الحكومة للسلطة التشريعية بتعديلات قانونية على عقوبات معينة، وتأخذ دورتها في البرلمان بغرفتيه إلى أن ترفع للملك للمصادقة عليها للعمل بها كتشريع جديد. وتابع: «لكن تشديد العقوبة على جريمة ما وتمييز نوع معين أو فئة معينة مثل رجال الأمن المحميين بحكم القانون باعتبارهم موظفين عامين، وتشديد عقوبة الاعتداء عليهم لـ15 سنة سجن، يمكن تبنيه في حالة الاعتداء المسلح بقصد الشروع في القتل، أو ينجم عن الاعتداء عاهة أو عجز مستديم، هنا يمكن اعتبار الاعتداء على رجل الأمن جناية يعاقب عليها القانون بالسجن 15 سنة».

وتوقع المحامي عبد الله هاشم أن تستجيب السلطة التشريعية في البحرين لدعوة وزير الداخلية بتجريم الاعتداء على رجال الأمن، وقال: «سيتم تبني هذا القانون لعدة أسباب منها ما هو سياسي ومنها ما هو مجتمعي». وأضاف: «لأن النواب في المجلس الحالي نسق واحد وطبيعة واحدة»، وقال إنهم يمثلون النسق العام الذي يرفض الاحتجاجات الطائفية وسيستجيبون لمطالب ناخبيهم من هذه الناحية، وهم الشريحة التي تطمح إلى السلم الأهلي وترفض الاحتجاجات الطائفية.