البنتاغون يطالب مصر برفع حظر المغادرة عن مواطنين أميركيين محتمين بسفارتهم في القاهرة

مسؤول مصري رفيع المستوى: نطالب واشنطن بمراجعة موقفها من الحكومة الانتقالية واحترام القوانين المصرية

صورة أرشيفية لمقر السفارة الأميركية في وسط القاهرة، حيث يحتمي عدد من المواطنين الأميركيين المحظورين من السفر (أ.ب)
TT

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، اتصل أمس الاثنين بالمشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليطالبه برفع حظر مغادرة الأراضي المصرية المفروض على عاملين أميركيين في منظمات غير حكومية.. بينما كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية النقاب أمس عن أن السفارة الأميركية بالقاهرة اتخذت قبل يومين ما سمته الصحيفة بـ«خطوة غير مألوفة تماما» بتوفيرها الحماية لبعض هؤلاء العاملين الأميركيين، وسط مخاوف من أن يتم احتجازهم، في ظل الحملة التي تشنها السلطات المصرية للتحقق من شرعية تلك المنظمات، حسب ما ذكر مسؤولون أميركيون.

وأوضح البنتاغون أن الوزير الأميركي طلب خلال الاتصال من المشير طنطاوي «اتخاذ إجراءات لرفع حظر سفر المواطنين الأميركيين الراغبين في مغادرة مصر»، كما أعرب بانيتا لطنطاوي عن «قلقه من القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية العاملة في مصر»، بينما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول رفيع مستوى بالخارجية الأميركية، رفض الكشف عن هويته، قوله «لقد أبدى عدد كبير من المواطنين الأميركيين استعداهم المكوث داخل مبنى السفارة في انتظار منحهم التصريح بالسفر خارج مصر».

من جهته، قال مسؤول مصري رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن «الخطوة الأميركية مبالغ فيها ولا مبرر لها»، وتابع المصدر المطلع على ملف قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية بأن الإجراء الأميركي يهدف فقط إلى إلقاء مزيد من الضوء على القضية أمام الرأي العام الأميركي.

وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، «نطالب واشنطن بأن تراجع موقفها من الحكومة الانتقالية الحالية، وأن تتعامل معها بشفافية وباحترام للقوانين المصرية».

وتعكس عملية نقل المواطنين الأميركيين إلى مبنى السفارة الأميركية وسط القاهرة تصاعدا دراماتيكيا للعلاقات بين القاهرة وواشنطن، في مرحلة دقيقة شهدت توترا كبيرا إثر مداهمة السلطات المصرية لمقرات 3 منظمات حقوقية أميركية مدعومة من الحكومة الأميركية ضمن 17 منظمة أخرى في 17 ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، كما زادت الأمور سوءا حين منعت القاهرة عددا من الأميركيين العاملين بالمنظمات الأميركية من السفر خارج البلاد، ضمنهم سام لحود ابن وزير النقل الأميركي ومدير المعهد الجمهوري بالقاهرة.

من جانبه، كشف نجاد البرعي، محامي الموظفين الأميركيين الخمسة في المعهد الجمهوري الدولي الذين لجأوا لمقر السفارة الأميركية بالقاهرة للاحتماء بها، أنه من المتوقع أن يتم حل الأزمة برمتها خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة، وقال البرعي لـ«الشرق الأوسط»: «قدمنا مستندات وأوراقا جديدة لقاضي التحقيق لرفع أسماء المواطنين الأميركيين الخمسة من قوائم الممنوعين من السفر»، مضيفا «أتوقع أن تنتهي هذه الأزمة نهاية سعيدة»؛ رافضا الإفصاح عن المزيد من التفاصيل. وعقب إعلان مصر عن منع مواطنين أميركيين من مغادرة البلاد الخميس الماضي، كشفت الإدارة الأميركية عن أن الرئيس الأميركي أوباما حذر المشير طنطاوي، رئيس المجلس العسكري (الحاكم في مصر)، من أن المعونة العسكرية الأميركية لهذا العام تتوقف على الوفاء بالتشريعات الجديدة للكونغرس التي تطالب الحكومة المصرية باتخاذ خطوات ملموسة نحو الديمقراطية، مما أعقبه تصريح مايكل بوسنر، مساعد وزيرة الخارجية المسؤول عن قضايا حقوق الإنسان، بأن «الكونغرس هو الجهة المختصة بالإعلان عما إذا كانت مساعداتنا العسكرية في المستقبل ستكون مشروطة بالتحول الديمقراطي».

وأضاف بوسنر أن المساعدات العسكرية تواجه خطرا حقيقيا الآن، وإن ما حدث مع المنظمات غير الحكومية المدعومة من الولايات المتحدة قد أثار موجة من الغضب في الكونغرس.

من جانبه، أشار حافظ أبو سعدة، الناشط الحقوقي، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إلى أن رد الفعل المصري تجاه المواطنين الأميركيين أثار غضب الشارع الأميركي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «سام لحود أدلى بتصريحات لقناة (فوكس) الأميركية، أظهر فيها خوفه من الاعتقال، وقال مستنجدا إنه سيقبض عليه وسيسجن لخمس سنوات، مشيرا إلى أنه لم يفعل شيئا».

واعتبر أبو سعدة أن الهجمة التي حدثت على منظمات المجتمع المدني، ومن ضمنها المنظمات الأميركية، غير مبررة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنظمات المستهدفة معروفة في دول العالم كله ولها مصداقيتها، ولم يلحظ عليها أي شبهة، وبالتالي الحملة كلها غير مبررة». وأضاف أبو سعدة: «الحملة تستهدف دور منظمات حقوق الإنسان التي تعمل على إدانة الانتهاكات التي تمت أثناء الثورة وما بعدها».

وأوضح أبو سعدة أن كل منظمات المجتمع المدني الصادر بحق موظفيها قرارات منع السفر، قاموا بتقديم طلبات رسمية لوزارة الخارجية المصرية لاعتمادهم، قائلا «كل المنظمات الأميركية قدمت طلبات رسمية لوزارة الخارجية المصرية، وملف منظمات المجتمع المدني في الخارجية متخم بالطلبات الرسمية والمراسلات المتبادلة بين المنظمات والوزارة، لكن الخارجية أبدا لم ترد عليهم».

واعترف أبو سعدة أن عمل هذه المنظمات دون تصريح رسمي من وزارة الخارجية المصرية قد يكون به تعد على القانون، لكنه أضاف متسائلا: «قد يكون هناك تعد على القانون المصري، لكن يُفسر سكوت الجهة الإدارية على أنه موافقة ضمنية على عمل المنظمات الأميركية»، وواصل أبو سعدة أن «الجهات الرسمية إذا أرادت أن تبلغ رفضها كانت فعلت ذلك صراحة، وقالت إنه غير مصرح لكم بالعمل على أرض مصر».