محللون: سوريا والتنافس الإقليمي التركي ـ الإيراني وراء تدهور العلاقات بين بغداد وأنقرة

أحدهم استبعد أن تتحول الحرب الكلامية إلى مواجهة

TT

يرى محللون أن الأزمة في سوريا والتنافس الإقليمي بين إيران وتركيا يفسران التدهور في العلاقات بين بغداد وأنقرة مؤخرا، لكنهم لا يعتقدون أن هذا التنافر سيؤدي إلى مواجهة بين البلدين الجارين. وقال بول سالم مدير مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط الذي يتخذ من بيروت مقرا له، إن «الحرب الكلامية بين العراق وتركيا ترتبط إلى حد كبير بما يجري في سوريا». وأضاف أن «تركيا اختارت سياسة (صفر المشاكل) - مع جيرانها - قبل (الربيع العربي)، ولكن عندما أصبحت مجبرة على الاختيار بين الشعب والنظام السوري، وجدت نفسها بمواجهة حلفاء النظام السوري وبينهم حكومة (رئيس الوزراء العراقي نوري) المالكي وإيران، وهذا ما يفسر التصعيد الكلامي الأخير» بين البلدين، حسب ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

ودعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في 22 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي، وقطع العلاقات رسميا مع النظام واستقبل على أراضي بلده فارين من الجيش لتشكيل الجيش السوري الحر. ويرى سالم أن «إيران تسعى للضغط على أردوغان من خلال العراق ليقلل دعمه (للثورة) في سوريا، لكن لا أعتقد أن هذا سيؤدي إلى تسميم (العلاقات) لوجود مصالح مشتركة كثيرة» لكلا البلدين. وتسعى تركيا لمضاعفة حجم التبادل التجاري مع العراق في 2012 بعدما بلغ 12 مليار دولار خلال 2011، وفقا لوزير تجارتها ظافر كاغليان. وتعود بداية الخلاف بين بغداد وأنقرة إلى تاريخ صدور مذكرة اعتقال بتهمة دعم الإرهاب، بحق نائب رئيس الجمهورية العراقية طارق الهاشمي من العرب السنة الذي لجأ إلى إقليم كردستان الشمالي حاليا. وحذر رئيس الوزراء التركي الثلاثاء الماضي السلطات العراقية من أن أنقرة لن تبقى صامتة في حال قامت بغداد بتشجيع نزاع طائفي في العراق. وقال أردوغان في البرلمان أمام نواب حزبه في أنقرة إنه على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن «يفهم هذا الأمر: إذا بدأتم عملية مواجهة في العراق تحت شكل نزاع طائفي فمن غير الوارد أن نبقى صامتين».

من جانبه، قال المالكي إن «تصريحات رئيس الوزراء التركي الأخيرة تدخل جديد في شؤون العراق الداخلية، وهو أمر غير معهود في تعاملات المسؤولين في الدول، فضلا عن الرؤساء».

ويرى محجوب زويري أستاذ التاريخ المعاصر والسياسي للشرق الأوسط، بجامعة قطر، أن هناك سببين للتوتر الحالي. وأوضح أن «تركيا ترى أن سياسة المالكي تؤخر استقرار البلاد من خلال تهميش شريحة من المجتمع، (العرب) السنة»، وتابع أن «الأمر الآخر هو أن الدعم للنظام السوري يضع العراق في مواجهة مع تركيا».

كما أشار إلى أنه «يصعب الحديث عن دور إيراني دون الخوض في هويتها الدينية، لأن سياستها مرتبطة بالدين بل تعد مزيجا من الأمرين». وأوضح أنه «بانتقادها البحرين ودعمها للحكومة السورية وحكومة المالكي تبدو سياسة طهران الخارجية وكأن اعتبارات دينية تمليها، لكن الحقيقة هي أن إيران تسعى للعب دور حقيقي في الشرق الأوسط».

بدوره، يرى الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط جوزيف باحوط، أستاذ العلوم السياسية، أن ما يجري «صراع بين إيران وتركيا للسيطرة على العراق، لأن الإدارة التركية - الإيرانية - السورية المشتركة تفككت نظرا للوضع في سوريا، ورحيل الأميركيين ترك فراغا تحاول كل من القوتين الإقليميتين ملأه». وأضاف «لكن في النهاية، نتوجه إلى خندق كبير سني - شيعي يمتد من العراق إلى لبنان مرورا بسوريا». وتابع أن «الدول الثلاث ستصبح خط جبهة تشهد المواجهة بين الطائفتين الكبيرتين في المنطقة، وهو ما يجبر تركيا على التموضع».