استعانة السفارة الأميركية بطائرات من دون طيار تفجر جدلا بين بغداد وواشنطن

تستعين بها لحماية دبلوماسييها.. ومسؤولون عراقيون يشكون: لم يستشيرونا

TT

بعد شهر من انسحاب القوات الأميركية من العراق، تتولى وزارة الخارجية تشغيل طائرات مراقبة بدون طيار للمساعدة في حماية السفارة الأميركية والقنصليات وكذلك الأميركيين الموجودين في العراق. وعبر بعض كبار المسؤولين العراقيين عن غضبهم من هذا البرنامج واعتبروه انتهاكا لسيادة العراق.

ووصف قسم الأمن الدبلوماسي بوزارة الخارجية البرنامج بأنه ليس إلا جزءا من التقرير السنوي وجاء ذكره في بيان من صفحتين على الإنترنت لشركات ربما ترغب في التقدم للحصول على عقد لإدارة هذا البرنامج. ويشير هذا إلى احتمال امتداد هذه العمليات التي تتم بطائرات من دون طيار إلى قسم الأمن الدبلوماسي بالحكومة الأميركية. وتعد هذه العمليات حتى هذه اللحظة من اختصاص وزارة الدفاع الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وتقول الشركات الأمنية الخاصة إن وزارة الخارجية أخبرتهم بأنها تفكر في تنفيذ مراقبة ميدانية بطائرات غير مسلحة في المستقبل في دول تحتوي على «أخطار كبيرة» مثل إندونيسيا وباكستان وأفغانستان بعد انسحاب القوات الأميركية خلال العامين المقبلين.

على الجانب الآخر، يقول مسؤولو وزارة الخارجية إنه حتى الآن لم يتم اتخاذ أي قرار سوى تنفيذ تلك العمليات في العراق. وتعد عمليات الطائرات من دون طيار آخر مثال يوضح محاولات وزارة الخارجية تولي المهام التي كان الجيش يقوم بها في العراق. ويتولى خمسة آلاف من أفراد الشركات الأمنية حماية العاملين في السفارة الأميركية البالغ عددهم 11 ألفا ويتجولون في سيارات مدرعة. وعندما يتحرك العاملون في السفارة في أنحاء العراق، تحلق الطائرات من دون طيار فوق سياراتهم من أجل توفير الدعم في حال وقوع هجوم عليهم. وكثيرا ما يكون هناك فردان من أفراد الشركات الأمنية الخاصة حاملين بنادق رشاشة متعلقين بجسد المروحيات. وبدأت وزارة الخارجية الأميركية تنفيذ عمليات لطائرات من دون طيار في العراق العام الماضي في إطار التجريب وعززت الاستعانة بها بعد انسحاب القوات الأميركية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتحتاج الولايات المتحدة، التي ستبدأ في تلقي طلبات إدارة تلك العمليات خلال السنوات الخمس المقبلة، إلى موافقة رسمية من الحكومة العراقية على حد قول مسؤولين عراقيين. وقد يكون من الصعب الحصول على مثل هذه الموافقة بسبب التوترات والمشاحنات السياسية بين البلدين، حيث بدأ السياسيون العراقيون بعد مغادرة القوات الأميركية إدانة ومهاجمة الولايات المتحدة في محاولة لحشد دعم مؤيديهم. وأشار مسؤول أميركي رفيع المستوى إلى وجود مفاوضات من أجل الحصول على تصريح للقيام بتلك العمليات، لكن علي الموسوي كبير مستشاري رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وفالح الفياض مستشار الأمن العراقي، وعدنان الأسدي وكيل وزير الداخلية، قالوا في مقابلات إن الأميركيين لم يستشيروهم. وأكد الأسدي معارضته للبرنامج، وقال: «سماؤنا ملكنا لا ملك الولايات المتحدة».

وأحالت السفارة الأميركية في بغداد كل الأسئلة المتعلقة بالطائرات التي تعمل من دون طيار إلى وزارة الخارجية في واشنطن. وأكدت وزارة الخارجية وجود برنامج يسمى بالمركبات الجوية التي تعمل ذاتيا، لكنها رفضت الكشف عن أي تفاصيل. وصرحت الوزارة في بيان دون الإشارة صراحة إلى العراق قائلة: «هناك برنامج في وزارة الخارجية للمركبات الجوية التي تعمل ذاتيا. وتلك المركبات التي تستعين بها وزارة الخارجية في البرنامج غير مسلحة وغير قابلة للتسليح».

وعندما كان الجيش الأميركي في العراق، كان يتم تزويد مناطيد المراقبة بأجهزة استشعار وتحلق فوق العديد من المدن، وهو ما كان يمنح الأميركيين قدرة على المراقبة أكبر من قدرة الطائرات غير المسلحة التي تعمل من دون طيار والتي كان الجيش يستخدمها، لكنها اختفت في النهاية عقب انسحاب القوات الأميركية العام الماضي. واستعدادا لذلك، بدأت وزارة الخارجية العمل على عملياتها الخاصة التي تتضمن طائرات من دون طيار.

وبحسب آخر التقارير السنوية الصادرة عن قسم الأمن الدبلوماسي في وزارة الخارجية في يونيو (حزيران)، تعاون القسم مع وزارة الدفاع وهيئات أخرى عام 2010 من أجل إجراء أبحاث على استخدام طائرات من دون طيار تستطيع التحليق على مسافات منخفضة ولفترات طويلة في المناطق التي بها أخطار، مثل العراق وأفغانستان. وذكر التقرير أنه تم اختبار البرنامج في العراق في ديسمبر عام 2010. وجاء في التقرير: «سوف يراقب البرنامج المنشآت التابعة لوزارة الخارجية والأفراد العاملين بها ويساعد في تأمين ضباط الأمن المحليين من خلال التخطيط لمهام تتضمن مخاطرة كبيرة وتنفيذها».

ولم يسم البيان دولا بعينها، لكن يقول المتخصصون في شركات الأمن الخاصة والمطلعون على البرنامج، إنه يركز بالأساس على العمليات في العراق.

وقال أحد مسؤولي الشركات الأمنية الخاصة، الذي رفض ذكر اسمه لعدم الانتهاء من إجراءات التعاقد: «إن هذا المكان هو الأكثر احتياجا إلى مثل هذه العمليات».

* خدمة «نيويورك تايمز»