بهدف كسب روسيا والصين.. «تنازلات» في المشروع العربي ـ الغربي حول سوريا

لا يدعو إلى إسقاط النظام أو اللجوء للخيار العسكري لكنه يطالب بتسليم الأسد صلاحياته لنائبه

جانب من مظاهرة في درعا أمس، لنصرة المدن التي يحاصرها النظام السوري
TT

بعد جلسة تمهيدية سرية في الأسبوع الماضي، بدأ مجلس الأمن أمس جلسة رسمية لمناقشة مشروع القرار العربي الغربي حول سوريا. بينما سيتم اليوم الاستماع إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي والشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري ورئيس اللجنة الوزارية المعنية بالملف السوري في الجامعة العربية، ويتوقع أن يصوت المجلس على مشروع القرار غدا، وسط أخبار بأن الوفود العربية والغربية مستعدة لإجراء تعديلات في المشروع لكسب تأييد روسيا والصين المعارضتين للمشروع.

وكان مصدر دبلوماسي في الأمم المتحدة قال لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس إن الوفود العربية والغربية قدمت، فعلا، تنازلات، كما ورد في نص المشروع. وإن النص ليست فيه إشارة إلى أي عمل عسكري، أو احتمال عمل عسكري، أو إشارة إلى عقوبات اقتصادية، أو إسقاط نظام الرئيس السوري الأسد، أو منع إرسال أسلحة، رغم أنه يعبر عن «قلق عميق» لإرسالها. إلا أن مشروع القرار تبنى ما اقترحته المبادرة العربية بإجراء حوار بين المعارضة والنظام لتشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على إجراء انتخابات، وقيام الأسد بتسليم صلاحياته إلى نائبه.

وأيضا كجزء من إرضاء الروس والصينيين، يؤكد مشروع القرار «الالتزام بسيادة سوريا، واستقلالها، ووحدة كيانها». ويؤكد «الحاجة لحل المشكلة الحالية في سوريا بطرق سلمية، مؤكدا أنه لا يوجد أي شيء في هذا القرار يجبر الدول على استعمال القوة، أو التهديد باستعمالها».

ويدعو مشروع القرار إلى «أهمية عودة طوعية للذين هربوا من العنف، بما في ذلك السوريين الذين لجأوا إلى دول مجاورة».

ويدين مشروع القرار، في كلمات قوية، «خروق حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تقوم بها السلطات السورية على نطاقات واسعة ومستمرة ضد المدنيين، والإعدامات التعسفية، وقتل ومحاكمة المتظاهرين ومندوبي الإعلام، والسجن غير القانوني، والاضطرار للاختفاء، والتدخل في علاج المصابين، والتعذيب، والعنف الجنسي، والمعاملات السيئة، بما في ذلك التي تشمل الأطفال».

ويطلب القرار من السلطات السورية «وقف هذه الأعمال فورا وإجماليا»، مشيرا إلى قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأيضا، من التنازلات التي قدمها المشروع لكسب روسيا والصين الإشارة إلى أن العنف ليس من جانب واحد فقط، ويمكن أن يشمل المعارضة المسلحة، على الرغم من عدم الإشارة إلى ذلك بصورة مباشرة. وحسب النص، «يطلب المجلس من كل الأطراف في سوريا، بما في ذلك الجماعات المسلحة، أن توقف في الحال العنف والرد على العنف». وفي إشارة غير مباشرة إلى الهجوم على مباني الاستخبارات السورية والمنشآت الأمنية التابعة للحكومة، دعا النص إلى «وقف الهجوم على مؤسسات الدولة، مهما كان مصدر هذا الهجوم».

وأيضا، التأكيد أن محاسبة الذين قاموا بأعمال العنف يمكن أن تشمل «كل من خرق حقوق الإنسان»، مما يمكن أن يفسر بمحاسبة المعارضة المسلحة.

ويتضمن مشروع القرار المطالب التي وردت في قرار الجامعة العربية في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني): وقف العنف، وحماية المدنيين، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، وسحب القوات المسلحة وقوات الأمن، وإعادتهم إلى ثكناتهم، وضمان المظاهرات السلمية، وضمان حرية الصحافيين. ويشرح مشروع القرار «خريطة طريق سياسية» تدعو إلى «عملية سياسية سورية داخلية فقط، تنفذ في جو حر، ودون عنف، وخوف، وتهديد، وتطرف، بهدف تلبية تطلعات الشعب السوري، ومواجهة قلقهم». وأيضا، لتأكيد حسن النية للروس والصينيين، يشير مشروع القرار إلى «تشجيع الدول الأخرى (يقصد بما في ذلك روسيا والصين) للعمل مع المعارضة السورية وكل طوائف المجتمع السوري لدفع هذه العملية السياسية السورية الداخلية». ويكرر مشروع القرار «عملية سياسية سوريا داخلية فقط»، كدليل على رفض التدخل الخارجي. وبينما لا يشير مشروع القرار إلى عزل الرئيس بشار الأسد، يشير إلى ما جاء في القرار العربي. ويدعو إلى «تسهيل تحول سياسي يقود إلى تأسيس نظام ديمقراطي، وتعددي، يتساوى فيه المواطنون». ويدعو إلى عدم استغلال الخلافات الدينية والإثنية والعقائدية، في عبارات القصد منها مخاطبة الذين يتحدثون عن صراعات دينية وإثنية وعقائدية داخل سوريا، وخاصة التي يمكن أن تشمل علويين وشيعة وسنة ومسيحيين. وأيضا، لطمأنة الجالية المسيحية في سوريا والتي قال بعض أعضائها إنهم خائفون من ثورة إسلامية في سوريا.

ويدعو مشروع القرار الجامعة العربية إلى بداية دور جديد، بالإضافة إلى المراقبين، وهو عقد «حوار سياسي جاد بين الحكومة السورية وكل طوائف المعارضة السورية». وأن يكون الهدف من الحوار هو: تكوين حكومة وحدة وطنية، و«تحويل سلطة رئيس سوريا كلها إلى نائبه الذي سيتعاون تعاونا كاملا مع حكومة الوحدة الوطنية للإشراف على مرحلة انتقالية سلمية».

ويكلف مشروع القرار الجامعة العربية، بالإضافة إلى الإشراف على هذه التطورات، بالإشراف على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بالتعاون مع منظمات دولية. كما تضمن إجراء تعديل على مهمة المراقبين. ويدعو مشروع القرار حكومة الأسد للتعاون مع لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ومع وفد التحقيق الذي أرسلته اللجنة، وأيضا، مع منظمات الإغاثة الدولية. ورغم أن مشروع القرار لا يدعو إلى فرض عقوبات على سوريا، يشير إلى العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية، ويشجع الدول الأخرى على «اتخاذ خطوات مماثلة، والتعاون مع الجامعة العربية في تنفيذ هذه الخطوات» ولا يستعمل مشروع القرار كلمة «عقوبات»، واستبدلها بعبارة «إجراءات فرضتها الجامعة العربية يوم 27 - 11 - 2011».

وفي النهاية، يدعو مشروع القرار الأمين العام للأمم المتحدة لتقديم تقرير إلى مجلس الأمن حول الوضع في سوريا مرة كل خمسة عشر يوما، بداية من تاريخ إجازة المشروع. وحذر مشروع القرار سوريا بأنه، بعد إجازة مشروع القانون، إذا رفضت تنفيذه «سوف يتخذ المجلس خطوات إضافية، بالتعاون مع جامعة الدول العربية».