إسرائيل تبني سياجا حدوديا مع الأردن خوفا من «تطورات سلبية في العراق وجيرانه»

مستعدة للتنازل عن منطقة غور الأردن شرط تأجيرها لعقود عدة

TT

بعد البدء في بناء جدار أمني شديد التحصين على الحدود مع مصر وسوريا ولبنان، قررت قيادة الجيش الإسرائيلي بناء سياج أمني جديد على طول الحدود مع الأردن، خصوصا في الجهة الشمالية منه، وذلك تحسبا لتدهور أمني في العراق يترك أثره على الأردن.

وقالت مصادر عسكرية إن الأوضاع في العراق أصبحت خطيرة وأكثر تعقيدا بعد الانسحاب الأميركي، حيث إن «هناك إشارات واضحة لزيادة النفوذ الإيراني بشكل حاسم، وهناك مظاهر فوضى عسكرية، ويوجد لكليهما خطر تأثير مباشر على دول الجوار، خصوصا على الأردن». وأضاف: «الوضع في سوريا أيضا ضبابي ويحمل في طياته أخطارا على دول المنطقة». ومن هنا ترى القيادة الإسرائيلية أن حدودها الشرقية باتت مهددة أكثر من ذي قبل، وتنوي اتخاذ احتياطات أمنية على المدى القريب والمدى البعيد. فعلى المدى القريب سيتم استبدال سياج إلكتروني أقوى بالسياج الحدودي في شمال الأغوار، وزيادة كاميرات التصوير ووسائل جمع المعلومات التكنولوجية في مقطع حدودي بطول 10 كيلومترات فورا، على أن تتسع لمسافة أطول في المستقبل.

ونقلت صحيفة «معاريف» عن ضابط كبير في قيادة لواء المركز في الجيش الإسرائيلي، أمس، قوله إنه للمرة الأولى منذ توقيع اتفاقية السلام مع الأردن عام 1994 تقرر في الجيش توسيع عرض السياج الحدودي بطول 10 كيلومترات تحسبا لـ«عمليات إرهابية». وأشارت إلى أنه خلال المحادثات التي أجريت مؤخرا في قيادة الجيش، تم إعداد مخطط يقضي باستبدال سياج جديد بالسياج الحدودي الحالي، وإضافة عوائق أكثر؛ ضمنها عوائق هندسية، وآلات تصوير ووسائل رصد وجمع معلومات ومواقع للجيش، وذلك لصد محاولات اجتياز الحدود.

ونقلت عن مصادر في الجيش قولها إنه في أعقاب إغلاق الحدود مع مصر، وانسحاب قوات الاحتلال الأميركية من العراق، وتحويل قوات أردنية من المنطقة إلى منطقة حدودها مع سوريا، كل ذلك جعل المنطقة المشار إليها حساسة أكثر. ولفتت في هذا السياق إلى أن المنطقة ذاتها كان يطلق عليها في السابق «منطقة المطاردات».

وأما على المدى البعيد، فإن إسرائيل تريد ما تسميه «ترتيبات أمنية عميقة» في منطقة غور الأردن. وحسب مصادر سياسية، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أبلغ الفلسطينيين أنه «يوافق على التنازل عن السيادة الإسرائيلية على الأغوار، ولكن بشرط التوصل إلى اتفاق يتيح وجود قوات إسرائيلية في هذه الأغوار لعقود عديدة». وكتبت صحيفة «معاريف» أن مبعوث رئيس الحكومة المحامي إسحاق مولخو أبلغ الممثلين الفلسطينيين، في المحادثات التي أجريت في عمان الأسبوع الماضي، بأن إسرائيل سوف تكتفي بترتيبات أمنية على نهر الأردن.

وأضافت الصحيفة أنه بموجب معلومات وصلت إليها، فإن مولخو قال خلال المحادثات إن «إسرائيل لا تريد السيادة على الأغوار، وتكتفي بترتيبات أمنية متشددة على نهر الأردن». وردا على ذلك، قال مكتب نتنياهو إن «الحديث عن تسريب مغرض ومحرف من مضمون محادثات يتعلق نجاحها بمدى سريتها التي التزم بها الطرفان». كما نقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية تعقيبها بأن إسرائيل طلبت أن يكون لها وجود عسكري في الأغوار لعشرات السنوات، وأن رئيس الوفد الفلسطيني، صائب عريقات، قال إن ذلك ليس واردا في الحسبان ويكشف نوايا إسرائيل في إدامة الاحتلال.

المعروف أن إقامة سياج أمني على الحدود مع الأردن سوف يجعل إسرائيل مغلقة من جميع الجهات، باستثناء جهة البحر. فهي تبني سياجا كهذا على طول الحدود مع مصر، ويوجد لها سياج إلكتروني شديد مع قطاع غزة. وقد باشرت مؤخرا بناء سياج داخل أراضي الجولان السوري المحتل. وهناك سياج تتم تقويته على طول الحدود مع لبنان. وهذا إلى جانب جدار الباطون العازل في الضفة الغربية، الذي يهدف إلى الفصل التام بين إسرائيل والفلسطينيين، فضلا عن نهب أراض فلسطينية واسعة.

وقد أثارت هذه التصريحات، ردود فعل غاضبة بين المستوطنين وقوى اليمين الإسرائيلي المتطرف، مما اضطر نتنياهو إلى نفي ما تردد بصورة شخصية خلال أحاديث له مع متصفحين عرب لموقعه الشخصي على الإنترنت، حيث قال إن إسرائيل «لن توافق على أي تسوية مع الفلسطينيين لا يكون للجيش الإسرائيلي فيها وجود في غور الأردن».